المستشارة القانونية : فاطمة درباش
الاصل في المتهم البراءة،والمتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة، تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه، ولكل مواطن الحق في اللجوء إلي القضاء وفقاً للقانون .
انطلق في الفكر القانوني الحديث كمبدأ دستوري بعد ان نص عليه اعلان حقوق الانسان والمواطن في مقدمة دستور سنة 1789 الفرنسي .
واصبح قاعدة دولية لا يمكن نكرانها او تجاهلها بعد ان نص عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 بالقول على انه ( كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً حتى تثبت ادانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات للدفاع عنه ) . ( م 11/1 ) ونصت المادة الثامنة من الإعلان على انه ( لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لأنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون ).
اما الشريعة الاسلامية الغراء سبقت الشرائع القديمة والحديثة كلها في اقراره كمبدأ ثابت ،وكأصل من اصولها لا يقبل التغيير اوالانكار ،كما كان الحال في الشرائع الوضعية التي سبقتها . فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موجهاً المسلمين وقضاتهم ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فان وجدتم للمسلم مخرجاً فخلوا سبيله ، فإن الامام لأن يخطيء في العفو خير من يخطيء في العقوبة ).
فكانت العقوبة في المجتمعات البدائية وسيلة للانتقام وكان الفرد هو القاضي والخصم في آن واحد يقتضي حقه او ما يعتقد انه حقه بيديه ،ومع تطور الفكر الانساني اصبحت هناك فرصة للمتهم للدفاع عن نفسه ، ولكنها فرصة مبنية على افتراض الادانة مقدماً ويقع على عاتق المتهم عبأ اثبات العكس بأن يقدم الدليل على انه بريء ،فالأساس الدستوري لأصل البراءةمن المباديء المسلم بها دستورياً قاعدة ( لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون ) ،وقد يرد المبدأ بالصيغة الاتية ( لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون او بناءاً على قانون ).
و ينطلق مبدأ المتهم بريء حتى تثبت إدانته من اعتبار أن الانسان سوي بطبيعته وليس مجرما، وأن البراءة هي الأصل حتى يتم اثبات العكس، حيث أنه ليس مطلوب من المتهم إثبات براءته بل تلك مهمة المدعي، إذ القاعدة تقتضي بأن البينة على من ادعى وفقا لقواعد الاثبات في القضايا الجزائية.
بالتالي ومن قاعدة الحقوق يترتب على مبدأ ان المتهم بريء حتى تتم إدانته عدة نتائج تتلخص في أنه لايرغم المتهم على اتباث براءته لأن الأصل فيه أنه بريء، حيث تقع مسؤولية اتباث التهمة على عاتق سلطة التحقيق أو الاتهام وفقا لقواعد الاتباث، وكذلك الحال عند التزامه الصمت، إلا أن له الحق في مناقشة الأدلة التي تجتمع ضده و أن يفدها أو أن يشكك في قيمتها .
كما له أن يقدم طواعية أية أدلة تثبت براءته أو أن يعترف بالتهمة،كذلك مهمة قاضي التحقيق أو المحكمة المختصة لا تقتصر على اثبات التهمة، فهي في النهاية أجهزة من أجهزة العدالة مهمتها الأصلية اثبات الحقيقة ذلك أن فكرة العدالة لايمكن أن تبنى على الوهم أو القناعات الزائفة، ومن تم ينبغي على أجهزة التحقيق تحري هذه الحقيقة من خلال تدقيق و تمحيص الأدلة،كذلك الشك يفسر لصالح المتهم لأنه يقوي أصل البراءة فيه.