المختص في علم النفس التربوي رافع العرفي : التوحد اضطراب وليس مرضا

المختص في علم النفس التربوي رافع العرفي : التوحد اضطراب وليس مرضا

حاورته :: نزيهة عبدالله

صار التوحد هاجسا يوتر حياة الآباء والأمهات ، هاجس لا يدركون طرق تلافيه ولا يجيدون سبل معالجته ، وفي مدينتنا تحديدا يزداد عدد أطفال التوحد بلا مراكز حقيقية لتبنيهم والاهتمام به ، هي الحكايات فقط تدور عن أسباب انتشار هذه الظاهرة التي يتهم فيها الأبوين كل منهما الآخر بكونه السبب حتى أصبح طفل التوحد لدى بعض العائلات يشكل عبئا يعرقل سبل الحياة الطبيعية بكل مفاهميها في المجتمع الليبي.

للحديث عن ظاهرة التوحد أكثر كان معنا في هذا الحوار الدكتور رافع أبوبكر العرفي أستاذ علم النفس التربوي كلية التربية جامعة الإسكندرية.

طفل التوحد لا يشكو من أي أمراض بدنية

نفى العرفي أن يتم تشخيص التوحد على أنه مرض ووصفه بأنه من أخطر الاضطرابات النمائية التي قد يصاب بها الطفل في حياته، وتظهر علامات هذا الاضطراب على الطفل في الثلاثة أعوام الأولى من حياته، والمشكلة تكمن في أن هذا الاضطراب ليست له أعراض بدنية، أي أن الطفل لا يشكو من أي شيء، وقد لا يدرك الأبوان أن الابن مُصاب بالتوحد، فالتوحد يمثل لغزاً كبيرا بالنسبة للباحثين المهتمين، فهو له سمات كثيرة تختلف شدتها من طفل إلى لآخر ويصعب تشخيصه.

 وأضاف : التوحد هو اضطراب في الجهاز العصبي يؤثر على جميع جوانب النمو الممثلة في الجوانب النمائية الآتية بعد العناية بالنفس، والبعد اللغوي، والتواصلي، وكذلك البعد المعرفي، والجانب السلوكي، بالإضافة إلى الجانب الجسدي، وأخيراً الجانب الأكاديمي، والاجتماعي، والجانب الحسي، والبعد الصحي، ويتجلى هذا الاضطراب في صورة قصور في السلوك في الجوانب السابق الإشارة إليها، منذ الولادة وحتى الوصول إلى سن الثالثة، وليس هناك سبب محدد وراء الإصابة بهذا الاضطراب، كذلك ليس هناك علاج نهائي له، وقد يحدث في بعض الحالات أن يمتلك الأطفال المصابون بهذا الاضطراب بقدرات وإمكانيات خاصة في عدد من النواحي والجوانب، والتدخل في مرحلة مبكرة من أفضل أساليب وطرق تحسين وضع الطفل. لا علاج للتوحد حتى وإن اكتشف مبكرا.

وحول إمكانية توفير علاج ناجع وشافٍ للتوحد أكد العرفي استحالة ذلك حتى وإن تم اكتشاف المرض في مرحلة مبكرة.

وأوضح أن أسباب التوحد عديدة منها العوامل الجينية اضطراب الكرموسوم السابع، وهذا الكرموسوم يعمل على: النطق والكلام. الانفعالات والتعابير الخاصة بالوجه. يساعد على تنظيم خلايا الدماغ خلال تطور الجنين. بالإضافة إلى العوامل العضوية ومنها : تعرض المرأة الحامل لبعض الحالات المرضية. صعوبة الولادة. نقص الأكسجين. تعرض الطفل إلى ملوثات بيئية. الالتهابات والفيروسات. أخذ الطفل للمضادات الحيوية بكثرة. تناول الأم للعقاقير أثناء الحمل. تعرض الأم الحامل للفيروسات أثناء الحمل. تعرض الطفل للحصبة والنكاف والحصبة الألمانية وأيضا عوامل غذائية: تسبب بعض الأغذية الحساسية التي تشكل أسباب ظهور التوحد وهي: ترسب مواد الزئبق والرصاص والزنك. الخلل الوظيفي في جهاز الكبد. عدم توازن الكيمياء الحيوية في الجسم

وحول أعراض التوحد وهي أعراض صارت معروفة لكافة المهتمين بظاهرة التوحد قال العرفي لعل أصعب ما في التوحد هو ذاك البرود العاطفي الشديد ورفض الطفل للعناق أو التودد فلا يظهر الطفل أي مشاعر أو ردات فعل ولا يستجيب للمثيرات الخارجية، حيث يكون الطفل عاجزا عن الاستجابة إلى أي أصوات بجانبه.

 وضعف استخدام اللغة والتواصل مع الآخرين، حيث يعاني الطفل من ضعف في استخدام اللغة والتواصل بالكلام مع الآخرين .

وقد يؤذي نفسه ، حيث يثور الطفل ويتصرف بشكل عدواني نحو فرد أو عدد من الأفراد. الانشغال المرضي بموضوعات معينة، حيث ينهمك الطفل بالاهتمام بأي شيء حتى وإن كان قطعة صغيرة من حجر ، الشعور بالقلق الحاد، حيث يقلق الطفل التوحدي من تغيير روتين يومه. القصور في أداء بعض المهارات العقلية، حيث يبدو على الطفل القصور في كثير من الأنماط السلوكية التي يستطيع أداءها أي طفل عادي.

إذن كيف يتم اكتشاف التوحد مبكرا لدى الأطفال؟

 يجيب العرفي الاكتشاف المبكر لاضطراب التوحد يبدأ من عدم محاولة الطفل تحريك جسمه أو أخذ الوضع الذي يدل على رغبته في أن يحمل أي شيء . تصلب الطفل عندما يحمل ومحاولة الإفلات. يبدو كما لو أنه أصم لا يسمع فهو لا يستجيب لذكر اسمه أو لأي من الأصوات حوله.

فشل الطفل في التقليد كباقي الأطفال في المرحلة العمرية نفسها. القصور أو التوقف في نمو القدرة اللغوية وغير اللغوية. أما عن كيفية التعامل مع طفل التوحد يفيدنا العرفي على الأسر معرفة أعراض اضطراب التوحد، حتى يستطيعوا الوقوف في مرحلة مبكرة على هذا الاضطراب، وبالتالي يستفيدون من التدخل المبكر

وضرورة إجراء دراسة مفصلة حول الأسباب والعوامل التي قد تساهم بشكل أو بآخر في الإصابة باضطراب التوحد، وعرض أحدث ما توصل إليه العلماء والباحثون في هذا المجال. أهمية التواصل مع المتخصصين في هذا المجال، مع العلم أن الأخصائي النفسي له دور كبير في هذا الأمر وهنا الأغلبية يعانون من سوء تشخيص للحالة ، بسبب ذهابهم لغير المختصين

كيف نساعد طفل التوحد ؟

 يجيب العرفي ، لا سبيل لمساعدة طفل التوحد إلا بدمجه مع بقية أقرانه في رياض الأطفال والمدارس العامة ، العزل يزيد الأمر سوءا ، خاصة وأننا لا نملك مراكز متخصصة إلا مركزا واحدا متخصصا.

 والحقيقة بحكم عملي السابق كمدير تنفيذي لمركز التوحد الشامل ببنغازي وكان عدد أطفال التوحد كبيرا نوعاً ما ، ورغم عملنا لسنوات طويلة في هذا المجال إلا أنه لا يمكن معرفة أسباب الإصابة بالتوحد فحتى الجمعية الأمريكية للتوحد بكل إمكانياتها الضخمة لم تتمكن من ذلك فهل سنفعله نحن ؟!

نعم توجد اتهامات للتغذية ، وغيرها من الأمور التي سبق ذكرها ومع ذلك لا توجد نتائج نهائية لوضع علاج ناجع للتوحد هي فقط مجرد اجتهادات من بعض البحاث وهي برامج سلوكية تجعل طفل التوحد يندمج في المجتمع ومع الأقران أو تحد من السوكيات غير المرغوبة لطفل التوحد .

الدول المتقدمة تكشف التوحد أثناء الحمل ، اما نحن ففي عمر 3 سنوات.

وفي سؤالنا للعرفي حول اكتشاف التوحد والسيطرة عليه أكد أن بعض الدول المتقدمة تكتشف التوحد أثناء الحمل ، أما إمكانياتنا في ليبيا فيمكن اكتشاف التوحد في عمر 3 سنوات وفي عمر 3 سنوات لن يستجيب الطفل لمحاولة السيطرة والعلاج ، أنما سيكتشف أنه يعاني من التوحد.

لكن بعد الاكتشاف علينا التوجه فورا لمراكز العلاج وهو حق أصيل لهذه الفئة أن يكون لها مراكز تأهيل خاصة بها ، وعدد الأطفال في ازدياد دائم وأعتقد أننا الآن بدأنا نكتشف معنى كلمة توحد من خلال معرفته بشكل واسع ودقيق. معظم حالات التوحد غير مشخصة.

وعن أنواع التوحد أفادنا العرفي أنها كثيرة منها التوحد البسيط وكذلك طيف التوحد وأيضا التوحد الحاد وهو ما يصعب السيطرة عليه وفي أطروحة الدكتوراه التي قدمتها ، ركزت على المعالجة باللعب والإدماج بأن يلتحق طفل التوحد برياض الأطفال وبالمدارس العامة والخاصة ويندمج مع زملائه ليتعدل سلوكه ، فنحن هنا في ليبيا نعاني من مشكلة كبيرة تسمى الخطأ في التشخيص ، ليس لدينا مراكز متخصصة في معرفة التوحد ، إلا مركز وحيد في مدينة البيضاء للدكتور فتحي الدايخ وهذا المركز يعد إنجازا ضخما جدا في هذا المجال لأنه مستوفٍ لشروط تأهيل طفل التوحد .

وأضاف العرفي لدينا أيضا مشكلة ، عدم توفر إمكانيات التدريب والتاهيل لطفل التوحد فالعمل في ليبيا يتم بمعدات وأجهزة قديمة جدا والعالم يتطور كل يوم ليس لدينا إلا مركز وحيد مجهز بشكل ممتاز وهو مركز البيضاء فأنا شخصيا مطمئن على أطفال التوحد في مركز البيضاء فالدكتور فتحي الدايخ إنسان أكاديمي ومتخصص وأعتبره مكسبا لليبيا لأنه يدرك جيدا ماذا يعمل

. وأشار : لدينا كوادر ممتازة في مجال علم النفس لدينا أخصائيين بقدرات هائلة جدا ، لكن أيضا لدينا مشكلة أخرى التوظيف فهم دائما ما يوظفونهم في غير مجالات تخصصهم ، بسبب القرابة والواسطة وما يدور في مجتمعنا من اختيارات عشوائية لا تتوافق مع شيء .

 وأكد : للتعامل مع أطفال التوحد بشكل علمي وحقيقي ولتمكينهم من التعايش مع محيطهم بشكل منصف لهم علينا توفير الكوادر المتخصصة والتجهيزات والمعدات وأنا مستعد لترتيب أمر التدريب للمختصين في المنطقة الجنوبية. أخيراَ : قضية طفل التوحد ، تهمنا جميعاً وهي مسؤوليتنا وعلى جميع المسؤولين الالتفات له وإنشاء مراكز حديثة تسلم لمختصين حقيقيين ، والأمر يحتاج لتوحيد كافة مراكز التوحد على مستوى ليبيا علينا تقدير الحالة النفسية لأم طفل التوحد التي تشعر دائما بأنها منبوذة لأن طفلها سيسبب إزعاجا للآخرين بفرط حركته ونشاطه.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :