عن مخلفات رماد الصناعة الفكرية الليبية يجرّك الحديث حول هذا الموضوع ..حديثٌ عن موروثٍ عميق التأصيل في عقلية الليبي أنتج شخصيات مشوة الفكر ورخوية الشخصية في كل مؤسسة وإدارة ووزارة…
المخزنجي : هو نتيجة طبيعية لمجتمع ليس بطبيعي ..جمع كل العقد السلوكية والنفسية ووضعها في كيس وأودعها في رجلٍ اسمه ( المخزنجي).! لا رؤى لدى المخزنجي ولا طموح..حريصٌ كل الحرص على تعقيمِ وتنظيفِ عقدة النقص لديه ، فكلما إزدادَ عمراً بوظيفته ،كلما كبُرت جذورُ عقدته ..وأزهرت أغصانها وأينعت.. في ( شكشكة) المفاتيح يجدُ نفسه..وفي كثرتها نشوةُ {الأنا} لديه…ولا همّ لديه سوى مداليةٍ كبيرةٍ تحضنُ مفاتيحه ..يجيءُ متى شاء..ويذهبُ متى شاء… يُسلّم متى شاء…ويتجاهلك ههههه متى شاء…. يتلذذُ في غيابه وصعوبة العثور عليه ……ويحقّر نفسه في سهولةِ تواجده…! في مخزنه صناديقٌ مكدسة …وغبارٌ يعلوها وعناكب…ومصباحٌ محروق…وعائلةُ فئرانٍ تتاجر بالورق..! لا يجد لك مكاناً للجلوسِ داخل مخزنه…ولا أذكاراً في صباحِه ومساءه يجدُها لك سوى/ [ ( مافيش….ما عنديش ….تم والله)!] المخزنجي رجلٌ تَعب من عقدةِ نقصه ….وصورة كماله تكمن في كومِ مفاتيح.!
وحينَ الحديث عن ( عقدة النقص ) كان لزاماً أن نتذكر شخصية تتقاطع مع المخزنجي في كثيرٍ من الخطوط هي شخصية ( البواب) …فكلاهما تجمعهما كيمياء سلوكية معقدة التفاعل مع الناس.. فالبواب : ضحيةُ فكرٍ مجتمعي ..ضاعت منه ذاته ، والمجتمعُ أوجدها له وبشكلٍ مزور..! إن التوظيفَ لعمل [بواب] غالباً ما يكون مَكرُمةً من ربِ العمل لرجل يبحث عن زرقٍ طيبٍ لأهله ، حيث أن شهادةَ تعليمه تحول غالباً من توظيفه داخل أروقة المؤسسة أو الوزارة . و هذا الإسقاط الذي تناولته عن الشخصيتين لا يقلل من كونهما وظائف للرزق ..ولكني تطرقتُ لجانبٍ من (تراكمية الرماد السيكلوجية) التي صنعها المجتمع وكانوا ضحيتها .. فالبواب هو البواب يظل في خصامه( الغير مبرر) لكل من أراد المرور من بوابته..! والمخزنجي هو كذلك ؛ لن تنجو من سخطه لطالما طلبت شيئاً من مخزنه..! وسؤالي للمجتمع : من يرد عافية وشفاء الشخصيتين من تلك الأذران التي ألبستموها لهما ؟