“المرأة الليبية المعنفة” بين أنياب مجتمع لا يرحم و قوانين ظالمة

“المرأة الليبية المعنفة” بين أنياب مجتمع لا يرحم و قوانين ظالمة

نساء تعرض للقتل والاغتصاب والعنف

فسانيا :  زهرة موسى / أحمد التواتي:-

 تقول الكاتبة نوال السّعداوي” تدفع النسوة من دمهن ثمن العار؛ لأن الرجل وإن اغتصب المرأة لا يصيبه العار، فالشرف للرجل وإن خان، ودم الرجل إن سال له ثأر وله فدية، لكن دم المرأة لا فدية له ولا ثأر في مجتمع ذكوري بامتياز يدين و يضع المرأة دائما موضع المتهم ، في كل قضايا التحرش و الاغتصاب إن طالبت بحقها في القصاص من المعتدين ، باتت المرأة حبيسة العادات و التقاليد و الأعراف فكممت أفواههن ، خوفا من الوصم الاجتماعي .

 اليوم باتت تطفو بالشارع الليبي قضايا التعنيف و التحرش الأسري ضد المرأة و بشكل كبير ، ففي يوليو المنصرم سجلت أكثر من 6 قضايا تعنيف و تحرش جسدي ضد المرأة ، و الصادم في الأمر أن جلها قضايا تعنيف أسري ، و هذا فقط عدد ما تم الإعلان عنه ، فما سبب ارتفاع نسب قضايا التعنيف ضد المرأة و كيف يمكن مناهضة هذا النوع من العنف و القضاء عليه؟.

رصدت “فسانيا” في سياق هذا التقرير قصص لنساء تعرضن للتعنيف و التحرش بشتى أنواعه ، و كذلك رصدت أراء الشارع الليبي و المختصين حول أسباب تفشي هذه الظاهرة .

جريمة شنعاء

تقول الموظفة و الناشطة حقوقية ” م ،ن ”  إن قضايا العنف ضد المرأة ليست بالأمر الجديد في المجتمع الليبي و عادة ما يتم انتهائها قبل وصولها للقضاء ، و ذلك بسبب العادات المجتمع المحافظ ، و في كثير من الحالات حتى بعد وصولها للقضاء لا يتم أخذ حق الضحية ، وذلك لأنه قد يكون مرتكبها صاحب نفوذ “.

وأضافت لـ”فسانيا”:” وفي حالات قليلة يتم سجن و حكم على المجرمين بحكم ينصف الضحية ، فأذكر قصة لضحية من مدينة أوباري التي قتلت بدم بارد هي و طفلها ، و لم يتم معاقبة المجرمين حتى اليوم “.

 وتسرد حول الأمر بالقول ” بدأت عندما خرجت المواطنة فاطمة محمد أحمد يحي ذات 20 ربيعا من منزلها ، وهي حاملة طفلها الرضيع ، ذو 3 أشهر، ومصطحبةً طفلتها البالغة من العمر عام ونصف العام ، برفقة امرأة محجبة لم يتم التعرف عليها من حي المشروع بأوباري في يوم الثلاثاء الموافق 25 نوفمبر من العام ( 2020 ) .

وتتابع:” طالت فترة خروجهم وعاد الزوج إلى المنزل فلم يجد زوجته و أطفاله ، فبدأ البحث عنهم و سأل الجيران عنها فلم يجيبوه سوى أنهم رأوها خرجت برفقة امرأة منقبة ، و لكن الجزار المقابل لمنزلهم ، وحده من استطاع التعرف على هوية المرأة ذات النقاب ، فأخبر الزوج عنها .

وتضيف:” وقف الزوج يتسأل ما الذي أتى بهذه المرأة و ماذا كانت تريد من زوجته!؟”.

  وحسب” م ،ن ” كنت متابعة لمجريات الحادثة فأخبرنا زوجها بأن تلك المرأة  كانت صديقة زوجته سابقا ، و لكن منذ أكثر من عامين لم تتواصل معها ، فبدأ يتسأل لماذا عادت بعد هذه القطيعة و لم خرجت زوجته معها ، كل هذه الأسئلة كانت تدور في عقله .

 تابعت ” بعد مضي فترة من الزمن وُجدت الطفلة ذات العام و النصف على قارعة إحدى الطرق المؤدية للخروج من المدينة بالقرب من صندوق القمامة ، و لكن دونما أي أثر لفاطمة و الرضيع.

وأكملت” في صباح الــ 3 من ديسمبر بعد مرور أسبوع على حادثة اختفاء فاطمة تم العثور على جثتها ، و جثة الرضيع ملقاة في إحدى أبار الصرف الصحي بالمدينة ، فكانت صدمة كبيرة لزوجها الذي فقد زوجته و ابنه في ذات الوقت وسط ظروف غامضة”.

و أشارت  إلى أنه بعد البحث و التحري تم القبض على المرأة المنقبة التي اعترفت بجريمتها هي وزوجها و أسردت تفاصيل ما حدث واتهمت 4 شباب آخرين في القضية ، ولكن في نهاية الأمر اتضح عكس ذلك و أنها كانت تريد توريطهم في جريمتها الشنيعة لا غير “.

تعنيف الزوج

من جانبها ذكرت ” خ ، ع ”  أن قضايا العنف الأسري كثيرة جداً في مجتمعنا ،و نكاد نسمع عنها يوميا ، فأنا كنت شاهدة وقريبة من حادثة تعنيف زوج لزوجته ، على الرغم من أن زوجها على خلق و محترم جداً مع الجميع في تعاملاته ، إلا أنه يعاملها بكل وحشية ، أذكر أنه في احدى المرات قام بجرحها بسكين في  أردافها و كان جرحها عميق جداً و لم يقم بإسعافها و تركها تنزف “.

وأضافت لـ “فسانيا” اتصلت بنا و قدمنا لها المساعدة و لأن أختي كانت تعمل ممرضة استمرت في متابعتها بشكل يومي حتى تماثلت بالشفاء ، لم يقتصر الأمر على ذلك فقام زوجها في احدى المرات برميها بالرصاص ولولا لطف الله لكانت في عداد الموتى ،المحزن في الأمر بأنها ليست من مدينتنا و هي يتيمة الوالدين و ليس لها سند ، سوى أخواتها البنات اللواتي استمرين في نصحها بأن تطلب الطلاق و تعود لتعيش معهن ، و لكنها رفضت تماماً الأمر، لم يقتصر الزوج على ضربها و اهانتها فقط بل أيضا يخونها جهاراً نهاراً دون أي ذرة خجل ، فهو لا يعتبرها موجودة إلا حينا يحتاجها لأداء واجها الزوجي !.

وتقول الشاهدة ” شعرت بالحزن و القهر عليها ، و كنت أتساءل ما الذي يرغم أي امرأة أن تحتمل كل هذه الإساءة و الإهانة و تستمر مع شخص مثله ، خاصة أنه في احدى المرات تركها تلد لوحدها في المنزل دون أن ينقلها للمشفى أو أن يجلب لها امرأة تساعدها ، كان يمكن أن تموت أو أن يصيبها نزيف ، أو أي شيء أخر ، و لكنه بكل برود لم يفعل ما عليه فعله بل اتخذ موقف اللامبالي.

و استرسلت ” تحدثت معها و سألتها لم بقيتي بعد هذا الأمر، كان بإمكانك أن تختاري الرحيل ، و لكن صدمتني اجابتها حينما قالت بأنها لا تريد أن تعود لحياتها التي كانت قاسية أساساً خاصة الآن مع وجود 5 أطفال، من سيهتم و يصرف عليهم؟!، هي مريضة و لا يمكنها العمل ، أخواتها كل واحدة منهن لها حياتها ، فعليها أن تحتمل هذه المعاناة من أجل أبنائها .

 تقول الشاهدة أيضاً:” هذه واحدة من عشرات أو مئات القصص التي يمكن أن تصادفنا بشكل يومي ، و أن نسمعها في صالات الانتظار في العيادات أو في تجمعات النساء أحيانا في التجمعات الاجتماعية

دور الأهل

وفي السياق  ترى ربة منزل ” أ ، م ” ” أن الأهل قد يكونوا هم السبب الرئيسي لتعنيف ابنتهم ، وذلك بإرغامها على أي من شخص لا تريد الزواج منه ، بل و ارسالها معه إلى مدينته التي قد تكون بعيد جداً عنهم ، و بذلك قد يستفرد بها و يعاملها بأبشع الطرق ، فأذكر بأنه احدى قريباتي صغيرة في السن ، أرغمت على الزواج من شخص لا تريد الارتباط به، عدا أنه يكبرها بما يقارب 15 عاما ، و بعد الزواج انتقلوا للسكن في مدينة بعيد جدا في أقصى الجنوب ، و كان يعاملها بكل قسوة ، و في البداية لم تخبر أحد بما يحدث معها ، و حتى والدتها ، و اختارت أن تصمت .

 وذكرت لـ “فسانيا” ” وكان زوجها مريض بالغيرة و الشك لدرجة أنه منع أقاربه من زيارتهم ، و كان يراقب باب المنزل عند عودته من العمل فإذا وجد أثار جديد يسألها عن صاحبه ، في احدى المرات تشاجر معها و ضربها و كان لديه سلاح رفعه و سحبه و أراد أن يقتلها و لكنها قاومت بكل قوتها و ضربته بتحفة كانت على الطاولة ، و استطاعت الهرب إلى منزل أحد أقاربها .

 تابعت ” اتصلت بابن عمها الذي كان في ذات المنطقة و طلبت منه الحضور فوراً و أخبرته بكل ما حدث و طلبت منه أن لا يتصرف بأي شيء معه إلى أن يرسلها لأهلها لأنها كانت يتيمة الأب ، وليس لها أخوة ذكور أكبر منها ، و بالفعل هذا ما حدث في الصباح الباكر سافرت مع ابن عمها و عادت لمنزل أهلها و أخبرت أمها بكل ما حدثت ، و هكذا طلبت منه الطلاق.

 وأظهرت  أنه  بالرغم من رفض والدتها لطلاق ابنتها إلا أن ابن عمها أصر على الأمر حتى طلقها منه الآن أكملت دراستها و بدأت تعمل و لكنها باتت تعاني من عقدة من الزواج بالرغم من مرور عدة سنوات إلا أنها ترفض الارتباط من جديد .

جرائم العنف

من جانبها أردفت ” ح ، ع ” من المفترض أن تكون الأسرة أول مواطن الأمان  و الاستقرار للفرد , فإن كانت هي مصدر خوفه و حزنه و تعبه فأين يأمن ؟ الأب و الأخ و الزوج هم السند ، و الأم و الأخت و الزوجة هم الدفء و المحبة ، فإن غابت هذه الصفات تحول المنزل إلى مسرح لانتهاك حقوق ساكنه ، من ضرب و شتم و اعتداء جسدي و أحيانا يصل الأمر للقتل ، هذا ما حدت لرحمة و أبنائها القاطنين بشارع عشرين ببنغازي ، حيث لاذت الأم و أبنائها فرارا من جحيم منزلهم و اضطهاد والداهم ، باحثة عن منزل يأويهم و حياة تحفها بعض السلام.

وبينت لصحيفة “فلسطين أنه قد يلجأ الضحية للقضاء و الجهات الأمنية بحثا عن الأمان و الحماية و المطالبة بحقه كغيره من المواطنين في أن يعيش في سلام ، و لكن للأسف في كثير من الأحيان لن يجد ما يرنوا إليه و بالفعل هذا ما حدث لرحمة التي قدمت عدة بلاغات لتعرضها للتعنيف من قبل زوجها .

وأشارت إلى أنه نُشر تصريح لرحمة تقول فيه ” كنت خارج المنزل في صباح أول أيام عيد الأضحى المبارك أعمل ، و كانت بناتي بالمنزل ، دخل أخوهم بلال للمنزل ،و بعد برهة دخل والدهم ، الذي كان يبحث عن مكان سكننا منذ فترة ، في البداية فرحن برؤية والدهن اعتقدن بأنه كان قد عاد لرشده و جاء ليبدأ بداية جديدة و يقضي العيد معهن ، و لكن الصدمة بأنه أخرج السلاح ، و أطلق الرصاص على بشرى و ياسمين  حيث كانتا في الصالة جالسات وقتلهما ، أما فاطمة التي كانت في الغرفة هربت لمنزل جيرانهم فور سماعها لصوت الرصاص .

  وأشارت المتحدثة” ح ، ع ”  إلى أنه بعد أيام قليلة من ارتكاب الجريمة تم القبض على أخ المغدورتين ( بشرى و ياسمينة ) ، و مساعد والده في الجريمة الشنعاء ، في حين لا يزال الوالد فارا حتى الأن.

انتهاك الطفولة

 إن  قضايا التحرش بشتى أنواعها بشعة جدا ، و لا يمكن أن تغتفر أو تبرر، و لكن الأكثر بشاعة هو أن يكون المتحرش بك هو أقرب الناس إليك ” والدك ” ، الذي كان من المفترض أن يكون استقامة الظهر و السند ، لا أكبر كابوس مخيف بحياتك

 ” نجيه الصل” الطفلة ذات 14 ربيعا ، قاست عاما من التحرش و الاعتداء الجسدي من قبل والدها . ولأنها تعيش في مجتمع لن يصدقها وسيلقي عليها اللوم في نهاية الأمر اضطرت إلى أن تقوم بتصوير والدها وهو يتحرش بها ، و أخبرت والدتها بعد أن جعلتها تشاهد الفيديو الذي يثبت صدقها .

و لم يكتفي الوالد بما فعله بابنته ، بل حاول التحرش بابنه البالغ من العمر 17 عاما، و بعد أن واجهته زوجته بما فعل حاول قتلها ،و هنا اتجهت والدة نجيه إلى القضاء و رفعت قضية ” قضيه شروع بالقتل” ضد زوجها ، و لكن “عبدالله المبروك الصل ” والد الطفلة كان يعمل ضابط بمدينة اجدابيا و ، بسبب الضغوط الاجتماعية التي مارسها على الزوجة و بقوة نفوذه أجبرها على التنازل عن القضية ، و ليس هذا فقط بل رفض أغلب المحاميين المرافعة ضد والد نجيه ، ولكن كل ما حدث لم يضعف من عزيمة الطفلة البطلة نجية و استمرت بالمطالبة ، بمقاضاة والدها ، و نشرت فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تقول فيه بأنها ستحارب حتى و إن اضطرت للوقوف وحيدة في وجه والدها ، و لن تسقط القضية حتى تنال حقها و تقاضيه .

 لم يكن من السهل على طفلة في عمر نجيه لم تتجاوز ربيعها 15 أن تكون بهذه القوة و تحارب من أجل القصاص من والدها المتحرش ، الكثيرات تعرضن لنفس الموقف و لكنهن اخترن السكوت ، و لم يتجرأن على التحدث عن الجرائم التي تمارس عليهن خوف من نظرة المجتمع ، و الوصم الاجتماعي الذي سيتعرضن له .

تنتظر نجيه بفارغ الصبر موعد المحكمة و تتمنى أن يكون الحكم لصالحها ، و أن لا يكون لنفوذ و سلطة والدها تأثير على حكم المحكمة .

ابن يقتل والدته

 وذكرت” م ، ر” كنت أعمل بإحدى الوسائل الاعلامية ، كان يعمل معنا زميل ناشط و ذكي و اجتماعي ، ولكن مع الوقت تم القبض على ذلك الشاب و اتهم بقضية سرقة و لكن خلال التحقيق تبين بأن الشاب قد قتل أمه مغربية الجنسية و قام بمساعدة صديقه بدفنها في باحة منزلهم .

وتابعت حديثها لـ”فسانيا” و الداه كانا منفصلين و كان هو يعيش مع أمه ، و لكن في احدى الليالي عندما كان تحت تأثير المخدرات قام بقتلها ، صدمنا جميعاً لأنه لم نكن نتوقع أن يصدر عنه هذا الفعل الشنيع و لكن المخدرات كانت قد أتلفت عقله و فقدته وعيه و أصبح قاتلاً لوالدته التي ربته طيلة هذه الأعوام و لم تتجوز بعد انفصالها عن والده إنما اختارت أن تربيه و تعيش معه .

فرض قوانين

وترى ، الناشطة المدنية” خديجة ايلوا”  أن أكثر ما يساهم في ارتفاع نسبة قضايا العنف ضد المرأة هو القوانين الغير منصفة للمرأة ، فعندما تتعرض المرأة لعنف من زوجها أو والدها أو أخوها ينظر لها المجتمع على أنها قد ارتكبت جرما تستحق أن تعاقب عليه و ذلك تحت ذريعة الشرف .

 وأضافت لـ”فسانيا ” يتعامل المجتمع بسوء و عدم انصاف مع المرأة حيث يطلب منها الصبر على المعاناة و الضرب و التعنيف و كل ذلك خوفاً من أن تلقب بالمطلقة ، بينما يسمح للرجل أن يمارس عليها كل أشكال التعنيف التي قد تنتهي بالقتل .

و تابعت ” يمكن مناهضة العنف ضد المرأة بالمطالبة بفرض قوانين تناهض العنف ضد المرأة ، خاصة العنف الأسري ، فأذكر أنه في رمضان عام 2019 قتل زوج زوجته وهي حامل و كانت على وشك الولادة ، وقسى على ذلك العديد من قصص العنف التي تبدأ من اللفظي و تنتهي بالقتل “.

من جهتها تعتقد منى توكا الإعلامية و الناشطة المدنية أن ظاهرة قتل النساء تحت أى مسمى جريمة شنعاء ولا يمكن تبرير الدم ابدا ، ومن يقتل فهو مجرم ولا يمكن لسافك دماء أن يكون مدافعاً عن الشرف، فالشرف لا يتمثل في جسد المرأة.

ولفتت في حديثها لـ”فسانيا” إلى أن هذه الجرائم كلها هو نتاج سنين من تنميط صور التعنيف اللفظي والجسدي والذي ساهم فيها الأهل بالدرجة الأولى الذين تأثروا بالفكر الذكوري الذي يعلي سلطة الذكر بجعله قديس لا يعيبه شيء وبالتالي يستطيع ممارسة كل أنواع العنف ضد المرأة حتى لو كانت والدته، فمنذ الصغر يتم تربية  الطفل الذكر على أنه يستطيع التحكم في اخته الفتاة وزوجته مستقبلا ومن حقه تعنيفها إن أراد أن يجعلها تسير على الطريق المستقيم في نظره .

 وأضافت ” سنعود إلى العهود التي عفى عنها الزمن لا يمكن أن نكون في القرن الواحد والعشرون ولا زلنا نتحدث عن العنف ضد النساء، لا وبل ان تكون ظاهرة متفشية تسير بنا الى استعادة للمجتمع الذكوري الذي من المفترض أن نكون قد تخلصنا منه.

ودعت إلى أن تُفعل القوانين وان تُستحدث قوانين أخرى تحمي النساء اكثر من بطش المجتمع الذكوري، فهناك جرائم عديدة في هذا المجتمع هناك نساء قُتلن ظلما، وهنالك جرائم التحرش الجنسي واللفظي والاغتصاب، والعنف الأسري، ونساء حُرمن من الميراث، ومُنعن من حضانة أطفالهن، وعن فتيات أُخرجن من المدرسة، و جرائم زواج القاصرات، واغتصاب الأزواج لزوجاتهم وغيرها من الجرائم التي يندي لها جبين الإنسانية.

القصاص

وتقول ” حواء عمر ” أنا أعتبر أن هذه ظاهرة جديدة أصبحت منتشرة في المجتمعات العربية بداية من مصر عندما قتلت الفتاة “نيرة “ ومن ثم الفتاة التي في الأردن ومن ثم ياسمين وبشرة في مدينة بنغازي، نحن لا نعرف إذا كانت هذه اشارة إلى ظهور أشياء أخرى فمع تسلسل الأحداث في نفس الطور وبشكل متقارب لم نجد ردود فعل من أي جهات أو حتي تدافع عن حق هؤلاء الفتيات المغدورات وكأن هذا الامر معتاد عليه .

فكلنا نتسأل عن مصدر الأمان للمرأة الليبية بشكل عام فإذ لم يكن الأهل و المجتمع و القانون هم من يقدمون الحماية لها من سيحميها ؟ .

 تابعت الحديث لـ”فسانيا” ” يجب بالفعل أن تكون هناك ردود فعل واقعية بفرض قوانين تحمي المرأة من هذه الفئة التي تمارس كل اعاقاتهم الفكرية و النفسية على المرأة بالقتل وكأنه حق من حقوقهم و نأمل أن يطبق القصاص بشأن المجرمين وينال كل ذي حق حقة.

أخصائي اجتماعي

من جهتها تقول اسماء محمد الحضيري  أخصائية اجتماعية إن: اسباب ارتفاع معدل جرائم العنف ضد المرأة عدم الوعي بكيفية التعامل مع أفراد الأسرة،و الإسراف المادي، و الثقافة المستوردة نقص الوازع الديني،و انتشار المخدرات”.

وأضافت لـ”فسانيا”:” إن المجتمع الليبي لم ينصف المرأة المعنفة هذا في الإطار الاجتماعي ، لأن القوة والسلطة عند الطرف الأقوى هو الرجل، أم الجانب القانوني فهو ينصفها، و في حين المجتمع لم ينصفها ،سمعت كثيراً عن انواع متعددة من العنف منها عنف الشريك، واللفظي، والزواج القصر، العنف الجسدي ،هناك بعض الأبحاث عن أنواع العنف منها زواج القاصرات”.

وتابعت:” و كان الاتحاد النسائي بالجنوب يقوم بدراسة حالات العنف المبني على النوع الاجتماعي ودعمها من الجانب النفسي والاجتماعي والصحي والقانوني مع وجود مساحات آمنة لها ودمجها في برامج تمكين المرأة .

رأي قانوني  

 ترى   الحقوقية والإعلامية النسوية مروة سالم  أن   أسباب ارتفاع العنف ضد المرأة عدم وجود قوانين رادعة تختص بالعنف الأسري ، بل و يوجد قوانين تخفيفية تشجع على ارتكاب الجريمة خصوصاً ان كانت اسرية كالقانون (424) الذي يشجع على قتل النساء إن قام الجاني بادعاء قتلهن من أجل الشرف ، وهو قانون مجحف ضد النساء دون الرجال. وتحدثت عن  ضعف القوانين واعتبار العنف الأسري والضرب وسيلة من وسائل الإصلاح والتربية والتعامل مع جرائم العنف الأسري على أنها مشاكل عائلية.  

تقول لـ”فسانيا:” لقد ماتت العديد من الفتيات آخرهم هاجر عبد الله الفاخري بعين زارة، طفلة ذات 14 ربيعا التي قتلت على يد أخيها، هاجر كانت قد استنجدت وبلغت عن قتل أهلها لعمتها من قبلها، وحتى  من هن فوق السن القانوني ممن يتعرضون للعنف الأسري فهن محتجزات وفي وضع نفسي صعب، كما أن عملية التبليغ دون وجود اليات آمنة سهلة واستجابة سريعة تعد ضرباً من ضروب الجنون فقط  قلة من يتمكن من التبليغ ولا يزدن عن 5% في تقديري وحسب البلاغات والحوادث التي تردنا كحراك نسوي أيضاً .

وأكدت على أنه يمكن القانون الليبي الجناة من نفس العائلة من الإفلات من العقاب تحت اسم ولي الدم فيمكن لأحد أفراد الأسرة قتل الفتاة ليتنازل الآخر بصفته ولي الدم وان اعترض باقي أفراد الأسرة، وهذا ما حدث بالفعل وشجع ويشجع الجناة على ارتكاب جرائمهم والإفلات من العقاب.

وقالت:” كانت هناك محاولة من المؤتمر الوطني العام تحت اسم ( موائمة القوانين مع الشريعة ) واختاروا لها هذا الاسم لتلقى رواجاً، كانت  الموائمة مليئة بالانتهاكات والفواجع القانونية والحقوقية أبرزها أن الأب لا يحاسب على قتل الفرع, وهذا يعني تصريح قانوني وتشجيع على الجرائم الأسرية التي تشهد تزايداً مرعباً وصمت الجميع عنها لم يعمل بتعديلات المؤتمر البائسة في حينها إلا أن مجموعة من الحقوقيات القانونيات قد أبلغوا عن عمل بعض الإدارات بهذا التعديل بالتحديد في الجهة الغربية مما يعد كارثة ان كان صحيحاً يتفنن القانون الليبي أيضاً في تشجيع الجناة، فمثلاً يمكن الادعاء بقتلها بالخطأ ولا تساوي قيمة المرأة المادية إلا القليل كدية ما يعادل نصف قيمة الرجل، كما ويمكن لولي الدم من العائلة المجرمة التنازل، يمكنكم مراجعة قانون القصاص والدية الليبي .

 وولفت إلى أن ضمان الإفلات من العقاب  أعطى قابلية للمجتمع لتعنيف الضحايا من النساء والتعاطف مع الجناة لمجرد كون الضحايا نساء ، خطاب التبرير وحملات التشويه التي تطال النساء حتى بعد موتهن كذلك مؤشر يعكس حالة العجز عن حماية النساء فتجده يترجم بتعنيف الضحايا لعدم امكانيتهم توجيه اصبع الاتهام ناحية المجرم.

 وأضافت ” كذلك تعاون بعض السلطات التنفيذية والضبطية في تعنيف النساء حال تبليغهن عن العنف الأسري وعرقلة الإجراءات عليهن ورمي البلاغات في الأحيان الأخرى ، بل وإعادتهن لعائلات معنفه وفي كثير من الأحيان النتائج كانت كارثية.

تابعت ” عدم وجود أماكن آمنة وآليات تبليغ آمنة يشكل العامل الأساسي كما أن شيطنة الاستقلال المعيشي والاقتصادي للمرأة وحرمانها من التعليم أو العمل يعد مؤامرة اجتماعية لتشجيع الجريمة ضد المرأة، إن هي رفضت المثول العنف الممارس ضدها فكلمة السر هنا هي ( لا ).

وقالت ” فكما ترين لا يوجد انصاف لا قانوني ولا اجتماعي للمرأة بل سكوت مرعب ومساهمة في الجريمة لمناهضة العنف، نحتاج تمريرا لقانون كان قد عمل عليه حقوقيات وحقوقيين ليبيين خاص بالعنف ضد المرأة و بشكل عاجل.

تعاون مشترك

 وشددت على ضرورة تعاون كل الوزارات لوضع برامج حماية للمعنفات وبرامج استشارية تقدم المعونة الطبية واخرى المعونة النفسية واخرى المعونة القانونية ومتابعة قضايا جرائم النساء بحرص وجدية و القبض على الجناة ومحاسبتهم “فكل مرة نسمح بإفلات الجناة نحن نشجع الآخرين على ارتكاب جرائم مماثلة دون عقاب ايضا لابد من وجود آليات الخطوط الساخنة وسرعة الاستجابة وأماكن ايواء سرية مع حماية من الدولة كذلك لا يفوتني الإشارة لما تواجهه المرأة حال ذهابها للمستشفيات لأخذ تقرير طبي بعد عنف أسري كما لا يحق لها التوقيع على عمليات عدة بجسدها إلا بموافقة ولي وهذا انتهاك صارخ لحقوقها أيضاً يمكن للبرامج أن تشمل تعاوناً مع وزارة العمل لتمكين هؤلاء النسوة اقتصادياً ببرامج خاصة .

و قال المستشار القانوني عقيلة محجوب ” عملت التشريعات الليبية على موضوع العنف بصفة عامة و خصت المرأة بصفة خاصة بعديد من التشريعات  فالقانون الليبي جرم العنف بأنواعه ، بدأ من الضرب و انتهاء بالقتل و اعتبر الأصول و الفروع ( الأسرة و الأبناء و الآباء ) حالة خاصة ولكن اشترط القانون شكوى المتضرر .

 وأضاف لـ”فسانيا” ” خص القانون تشريعات خاصة بالاحتجاز القسري و التعذيب ، وتم تحديد فصل خاص حول المعاملة الأسرية ، و أكد على عدم أحقية رب الأسرة تعذيب أو تعنيف الأبناء أو الزوجة .

 وذكر أن القانون الليبي أكد على حرية الذمة المالية و جاء ذلك بنص صريح  أن تتصرف بمالها كما تشاء  و هذه مادة جد مهمة ، و كذلك يجرم الأب على معاملته القاسية لأبنائه القصر، فالحقيقة الاشكالية في قضايا العنف ضد المرأة هو عدم الابلاغ عن حالات العنف، و التقصير هو في حد ذاته جريمة سواء أن كانت معنفة أو من يعلم بتعرض الزوجة للتعنيف ، فمثلا الجار الذي يشهد على تعذيب جاره لزوجته و تعنيفها ، و نتج عن تلك الحادثة اصابتها اصابة بليغة أو حالة وفاة يحق له في القانون الليبي التبليغ عنه و يعاقب الزوج على فعلته في حال تبوث ذلك .

و نوه  إلى أنه أيضا في المستشفيات في حالة وصول حالة إلى مستشفى و تعرضها للإجهاض، أو ولادة في غير موعدها مثلا نتيجة التعنيف يفترض هنا أن يقدم القسم بلاغا عن الحادثة و يفتح تحقيق حوله ، و في حال كنت تعلم و لم تقدم بلاغ فأنت أيضا تطالب بالمسئولية التقصيرية وهي تعتبر جريمة سلبية ، ولكن الأمر كله يرجع لقلة الوعي.

ويرى  بأن التشريعات الليبية تضمن حقوق المرأة و لكن الاشكالية كلها في عدم التبليغ و قلة الوعي القانوني للمواطنين ، و عدم تطبيق الجهات الأمنية لهذه القوانين ، فهناك مادة في القانون الليبي يجرم من يلامس المرأة جسدها حتى ولو بوضع يده عليها أو بقرصها يعتبرها هتك عرض و هذا عقوبته السجن لأنها جناية .

 وبين أنه توجد مادة تقول  يعفى المغتصب من العقوبة في حال عقد قرانه على المغتصبة ، وهنا ليس هناك اجبار للمرأة المعرضة للاغتصاب للزوج من المغتصب ، ولكن في حال زواجها منه و بقائها على ذمته لمدة ثلاث سنوات يعفى من العقوبة ، و لكن الخلل في هذه المرأة من وجهة نظري هو أنه قال من تاريخ عقده عليها و ليس من تاريخ دخوله عليها ،و هنا توجد تغرة ، فمن الممكن أن يعقد عليها و لا يدخل بها ، فلهذا قدمنا مقترح لتعديل هذه المادة ، لأنه بعد الدخول ربما ينتج الانجاب و هو بذلك قد يخلق بعض الود بين الناس.

ونوه إلى أنه  من المهم جدا العمل على توعية المجتمع و خاصة النساء قانونيا ، مشيراً إلى أنه لاحظ مؤخراً نوع من الوعي فوجدت في المحكمة  عدة قضايا و شكاوي مقدمة من المرأة ضد زوجها أو ابنها بتعرضها للتعنيف ، و هذ أمر جيد يدل على وجود وعي ، وهذا ضروري للمطالبة بالحقوق .

في حالات تعرض المرأة للتعنيف الأسري نتج عن الأمر وفاتها يجيب “في حالات القتل في القانون الليبي يعاقب مرتكبها بالإعدام ، خاصة في حال مرتكبها من الأسرة فالعقوبة تكون مضاعفة للثلث و هنا تعتبر حالة تشديد خاصة في حال القتل المباشر ، و في حال تعرضه لضرب أفضى إلى الموت فتكون عقوبته السجن المؤبد .

العرف الخاطئ

من جانبه  قال  مدير مكتب الحريات و حقوق الانسان سبها  أحمد خميس إن ارتفاع المعدل يأتي من العرف الخاطئ والجهل بمبادئ الشريعة الاسلامية والدين الحنيف اي ان الطابع الاجتماعي له سلبيات عديده وهذا ما يدفع لحدوث مثل هذه القضايا .

أضاف لـ”فسانيا” ” اولا هناك خوف من قبل المرأة في اتخاذ اجراء ضد القائم بالعنف والافصاح عن الضرر، تانياً من حيت الرجل و السطوة الاجتماعية والعرف السيئ يكون هناك مبررات واهيه و لبد من اتخاذ إجراءات حيال القائم بذلك .

 وأردف أن المناهضة والمناصرة تكون بتوعية الفاعلة والوقوف على آليات المحاسبة والجزاء ومعرفة مالهم من حقوق و ما هو مجرم وفقاً للقوانين و الأسس الشرعية .

وذكر ” توجد العديد من القوانين والأنظمة التي تساهم في حماية حقوق الإنسان سواء كانت امرأه أو رجل وتعاقب مرتكب الفعل الأهم هو تفعيل ثقافة التقاضي.

 وأفاد أن  هناك العديد من حالات العنف التي تم رصدها وتوثيقها ،من حيث الثقافة تكاد تكون معدومة وجهل كبير للقوانين و التعسف في سطوة العرف و اللامبالاة في استخدم العنف لعدم وجود رادع.

من جانبه ذكر المسئول الأمني بسبها  إبراهيم الشوايل أنهم لا يستقبلون شكوى كثيرة حول تعرض النساء للتعنيف ، و لكن مؤخرا بدأت تطفو على السطح قضايا انتحار لنساء بمدينة سبها ، دون أن يوضح احصائية دقيقة حول أعداد حالات الانتحار المسجلة لديهم.

إذن المرأة الليبية لازالت معرضة للتعنيف بمختلف صوره حتى اليوم بالرغم من عديد المحاولات من النشطاء والنشطات القانونيات لفرض قوانين تناهض العنف ضد المرأة ، ولكن في ذات الوقت لازال هناك بصيص لبعض الأمل فباتت المعنفات يخرجن عن صمتهن و يقاتلن من أجل الدفاع عن أنفسهن و مقاضاة القائمين بالعنف مهما بلغت درجة القرابة بينهم ، نتمنى أن نصل يوما إلى نبذ العنف ضد المؤنسات .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :