سالم أبوظهير
لخصت في العدد (353)، جانباً من دراسة البروفوسور علي عبداللطيف ،واستعرضت ما أشارت إليه الدراسة من أهمية للجنوب والأبعاد السكانية فيه ، وتداعيات سقوط القذافي . وفي هذا الجزء أتابع تلخيص جانب مهم آخر في هذه الدراسة ، عنوانه (مسألة المناطقية والقبلية في الجنوب الليبي). ألقت الدراسة نظرة عابرة لتاريخ الجنوب ، مبينة أن حدوده وعلى مدى التاريخ كان ولا يزال عند المعارضين للحكم ، وعند التجار عبر الصحراء، وحتى عند القبائل المتمردة خارج سيطرة الحكم في الشمال . من جانب آخر أشارت الدراسة لدولة أولاد امحمد في فزان (1551م إلى 1812م).
مشيرة إلى “أنه خلال القرنين 19 و20، أصبح الجنوب مختلطا ًعرقياً ومفتاحاً لأمن الدولة في طرابلس”، وأنه منذ العثمانيين مرورا بالسنوسية إلى الجماهيرية، كلهم نظروا باهتمام لأهمية فزان الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية، فكان العثمانيون يرسلون مندوبين عنهم لها، فيما وحدت السنوسية الإقليم ، وكان حرس إدريس الخاص من أتباع السنوسية من التبو. واقتصاديا كانت فزان وتمورها سلة غذائية مهمة للشمال .
وركزت الدراسة ،على تعامل القذافي مع فزان، وأشارت إلى إلمامه أكثر من غيره بالمسألة الجنوبية، وحرصه لتقوية الروابط مع تشاد، فبارك زواج ابن عمه اللواء مسعود عبد الحفيظ، حاكم سبها من شقيقة ابن أحد زعماء قبائل التبو، الذي أصبح رئيسا لتشاد. ونوهت على أن تسليح التبو بدأ قبل سقوط القذافي ،واستمر ولم ينته بعد سقوطه ، وأصبحوا بعد انهيار الدولة قوة عسكرية لا يستهان بها،يسعون لنيل الجنسية الليبية ، وتمكنوا من التقدم للشمال وسيطروا على العديد من المدن في فزان، وعلى تجارة التهريب، في حين بقي الطوارق الليبيون محايدين، ولم يشاركوا في النزاع .
فيما أشارت الدراسة إلى ترويج حكومات أوروبية، أسطورة تمييز العرب العنصري، ضد السود، والنظر باعتبارهم أقلية مضطهدة في ليبيا. قالت الدراسة : إن سبها عاصمة فزان ، و سكانها متنوعون و مختلطون، فيستقر المزارعون القدامى في أحياء الجديد والقرضة وحجارة، وأما السكان القبليون الذين استقروا فيها خلال الحقبة الحديثة فيقطنون في حي المنشية، وسكان المناطق الحضرية الجديدة فهم في قلب المدينة في اقعيد، وفي أحياء مختلطة كسكرة والطيوري. وأن سبها الآن ملاذ للوافدين إليها من كل ليبيا. ويقطنها مهاجرون من تشاد والنيجر ونيجيريا ومن بلدان أفريقية وأوروبية أيضا .
قالت الدراسة: “إن عائلة سيف النصر قادت قبيلة أولاد سليمان والتحالف القبلي المعروف بالصف الفوقي ، كان على مدى قرنين مسيطراً على الجنوب، واستمرت تحكم حتى الحقبة الملكية، فيما استهدف القذافي العائلة، وقبيلتهم واضطهدهم ، وصادر ممتلكاتهم، واستبدلهم بالقذاذفة، أوالمقارحة أو الحساونة أو أولاد حضير.(ووصفت الدراسة ) هذه الخطوة بأنها سياسية ذكية، أنشأت تحالفات جديدة. لكنها ترى أنه ولهذا السبب انقضت عائلة سيف النصر وتحالفت قبيلة أولاد سليمان على خصومهم القدامى، وانضموا إلى انتفاضة فبراير،فهاجموا القذاذفة، واستولوا على ممتلكاتهم. فيما استغل التبو غياب الدولة فزحفوا شمالا حتى اشتبكوا مع أولاد سليمان.
الدراسة قالت :إن التبو والمعارضون السودانيون ، اكتسبوا كثيراً من النفوذ، كقوة عسكرية،فحاولت الحكومات في طرابلس وبنغازي و مصراتة استمالتهم بالمال، فانخرط بعض من التبو والطوارق في تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية. وتطورت المشاكل حتى أصبح السكان ضحايا لهذه الميليشيا.