المطالبة بالحكم الذاتي

المطالبة بالحكم الذاتي

  • المهدي يوسف كاجيجي

فى بداية التسعينات، اصدر مجلس الأمن قرارا بفرض العقوبات على ليبيا، ومطالبتها بالامتثال للمطالب الدولية، المتعلقة بالتحقيقات الخاصة باسقاط طائٔرتي “بان ام” الامريكية فوق قرية لوكربي، و”يو تي ايه” الفرنسية فوق تشاد والنيجر، والدعوة لوقف جميع الاعمال الإرهابية. وكان ذلك بداية لحصار ظالم أكتوى بناره شعب مغلوب على أمره، بسبب رعونة قيادته السياسية.

المطالبة بالحكم الذاتي
على صفحات جريدة الحياة اللبنانية، فى عددها 10738 بتاريخ 4 يوليو 1992، كتب المحامى والشاعر والسياسي والوزير واصغر رئيس وزراء فى الحقبة الملكية والمعارض الاستاذ عبدالحميد البكوش، رحمه الله، رسالة إلى مجلس الامن الدولي، يطالب فيها بالحكم الذاتي لليبين، يقول فى مقدمتها: [ نحن الليبيون من رجال ونساء واطفال ، نستنجد بكم ليس سعيا وراء الاستقلال ولا طلبا للديمقراطية، وإنما فقط لأن تفعلوا كل ما فى وسعكم لتحقيق حكم ذاتي لنا فى وطننا، الذى فقدنا فيه كل شئ، على الرغم من أن أغلبنا لا يزال يقيم على أرضه. ولعلكم تصابون بالدهشة أيها السادة – وأنتم تقرأون هذا الطلب من شعب دولة كانت الأمم المتحدة نفسها قد قررت منحها الاستقلال فى 21 نوفمبر 1949. لا تندهشوا فقد وقعت لنا أحداث سلبتنا كل شئ حتى آدميتنا، الامر الذى جعلنا – ولأسباب سنوردها فى هذا الطلب – نطالبكم فقط بالحكم الذاتى ولا شيئ غير الحكم الذاتى ].

الرسالة طويلة، استعرض فيها الاستاذ البكوش تاريخ ليبيا السياسي المعاصر، من الوصاية الدولية، والحصول على الاستقلال، وبناء دولة بدأت فقيرة، شعبها نصفه جوعى، ملابسه من قماش اكياس القمح الذى تبرعت به هيئات خيرية أمريكية، وأحذية من بقايا اطارات السيارات. واكتشاف النفط وما تبعه من برامج تنمية ، حتى الانقلاب على النظام الملكي، وما ترتب عنه من تجارب فاشلة عقب عليها بقوله: [نحن لا نقارن بين عصر الاستقلال وعصر القذافي، فلا مجال للمقارنة، ولكن نقول لكم أن هذا العقيد خطف ليبيا، اختطفت وهى مورقة مزهرة تقبل على انتاج الثمار، فقطع عروقها وحولها كومة من الحطب والقش والعيدان اليابسة ] واختتم الرسالة : [اننا شعب ليبيا كله رجالا ونساء وأطفالا وغير ذلك من مخلوقات الله نتقدم إليكم بهذا، راجين سرعة البث فيه بتحقيق الاستقلال الذاتى فلعل الله ينهي محنتنا ويزيل كربتنا. ]

ماذا لو عاش بيننا ؟
السؤال الأن: ماذا كان سيقول ؟ – وماذا كان سيطالب أستاذنا رحمه الله لو امتد به العمر، وعاش بيننا ومعنا تجربة فبراير واستمع لشهادة الأمم المتحدة نفسها التى تقول على لسان مندوبها فى ليبيا فى واحدة من تصريحاته:[ أن َما يحدث في ليبَيا – وأقسم بالله لكــم – لا صلـة ِله بآى صراع سياسي، فالنزاع القائٔم ليس ُهو نزاع على أيدولوجياِت وأفكار ومواقف، ولكنه نزاع على الثروة.. فما يحدث في ليبيا ُهو فساد كبير ونهب ممنهج ِبَما تعني هذه الكلمة من معنى، وأنا لم أرَ مثل هذا الفساد الجاري ِفي ليبَيا بل لم أره أبداً ِفي أ ِّي مكان ِفي العالم.. وصدقوني، ُيولد ِفي ليبَيا كل يوم مليونير جديد، والطبقة المتوّسطة تتقلص إمكانياتها يوماً بْعد يومِ.. والمشكلة أن ُكل مليونير جديد يسرق ثّم يخرج بمسروقاته خارج البلاد ويستثمر أمواله ِفي الخاِرجِ. وأؤكد لكم أن الطبقة الّسياسّية في لِيبيا لديها فساد كبير جَّداً فساد يندى له الجبين.أقسـم لكم مجددا، ليس هناك مشاريع وأجندات مختلفة ولا أي شئ من هذا القبيل، كل الأختلاف القائٔم سببه ، لا أحد يريد أن يغادر الكرسي أو منصبـه ومركزه وموقعه، وكأن الكرسي أُنزل له ِمن السماء.. وسببه أشخاص يريدون أن يحصلوا على ثروة البلاد بشكل دائم ومستمر ولا ينتهي، وأنا سأفصح يوما ما عن أسماء هؤلاء الأشخاص.]

انا اجزم أن الاستاذ عبدالحميد البكوش لو كان امتد به العمر وعاش بيننا لمات كمدا، رحمه الله، ورحمنا مما هو قادم.


شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :