الجنيه المصري مقابل الدينار الليبي ..لماذا ؟
هل هذا التوجه اليوم ممكن في ظل التغير الحادث في فلسفة النقد المعاصر .. هل هناك امكان في التبادل النقد المحلى بين القطرين : المصري و الليبي ؟ وماهوا الممكن لكلا القطرين من الحصول على مكاسب فى هذا الاتجاه .. كان في السابق حتى بين الجوار المحلى يقام التبادل بشكل عيني : اردب القمح مقابل اردب الأرز او غير ذلك من السلع العينية في السوق التبادل او ما يسمى بالمقايضة swap النقدي. اليوم المقايضة يمكن ان تقام في السوق النقدي ..
في السوق الأوروبي قبل قيام اليورو كانت المقايضة في السوق الأوروبي محدودة لبعض العملات ذات القبول من غيرها .. نحن نعلم ان النقود في المفهوم الاقتصادي هي وسيلة للتبادل و اليوم في السوق العربي تقوم النقود بدلا من السلع العينية .. فهي وكيلة للتبادل العيني في أي سوق ممكن للتبادل ..
من الطبيعي ان السوق المصري في تطور مستمر فحجم التجارة يندفع يوما بعد يوم أي أنه في تزايد مستمر في تسويق السلع و السياحة الترفيهية و العلاجية .. و قد يصل حجم التجارة الى اكثر من 4 مليار دولار في الأعوام المقبلة و باعتبار أن مصر أكبر اقتصاديات أفريقيا اليوم ..و ان السوق الليبي هو الأوسع للمنتوجات المصرية فالليبيون يستوردون مواد البناء كالأسمنت و السيراميك و الصناعات الغذائية وأيضا في مجالات الاستثمار و تتطور الصناعات الميكانيكية وفى ميادين الانشاءات و غيرها.. ..فمصر اليوم قبلة للاستثمار السياحي و السياحة العلاجية و التعليمي . فللأسف ان التواصل التجاري بين البلدين لازال يصادف الكثير من العقبات منها ( الشريط الأحمر ) للدخول الجمركي .. فمدخل ( السلوم ) الجمركي هو اليوم يمثل عنق الزجاجة في الاتصال ما بين القطرين بسبب الشريط الأحمر و أيضا ( الروتين ) الذى لا لزوم له ما وراءه الخوف من التسرب من الإرهاب فالمواطن بين البلدين لا زال يعنى من الحواجز للدخول .. فلا زال كلا المواطنين المصري و الليبي يعانى مأساة الدخول و الخروج للقطرين بيسر و سهولة .. ليبيا اليوم في حاجة الى 3 ملايين عامل مصري للعمل داخل البلاد وهو لا يمكنه اجتياز الحدود الا من خلال ( السلك ) ليتعرض الى كثير من الابتزاز عند العبور او الإقامة و لا زال الجانب الليبي يعتبر العامل انه مهاجر غير قانونيي ..و لازال الكثير من العوائق المصادفة و خاصة في التأمين السحى للعامل و أيضا في تقاضى الأجر.. نحن في ليبيا بدون اليد العاملة المصرية لا يمكننا انجاز أي شيء مزارعنا و مصانعنا حرمت من اليد العاملة الرخيصة بسبب الابتزاز المالي و التضخم في العملات الحاكمة الأجنبية ..و العمالة المصرية خالية من الأمراض الوبائية التي تحملها اليد العاملة الأفريقية الأخرى مثل السل و الوباء الكبدي وغيرها من الأمراض الخطيرة .. و العامل المصري أصبح اكثر تكلفة من قبل بسب حواجز نقل النقد ما بين البلدين و قد يلجأ العامل المصري الى الابتزاز في نقل النقود من ليبيا الى مصر كل ذلك يؤدى الى زيادة التكلفة للمواطن الليبي في فرض أجر أكبر نظرا للمخاطر التي يصادفها العامل المصري نقل مقتنياته من نقود .. ثم الحجز المتواصل على حرية المرور بين القطرين تزيد من عذابات القطرين ..
اليوم العامل المصري لا يحصل على تأشيرة دخول لليبيا الا بصعوبة ..في الواقع ان سياسات اليد العاملة لازالت متخلفة و ام وزارة العمل في مصر للأسف دون ما هو مخطط لها في ترقية اليد العاملة و انتشالها من العقبات المصادفة في حرية العمل .. ثم تخلف الغرف التجارية في كلتا البلدين تصوروا أن هذه المؤسسات التجارية يقودها رجال خارج الوظيفة التجارية لا خلفية اقتصادية لهم ..و نعود لسؤالنا هل المقايضة بين العملتين المصرية و الليبية ممكنة بالتخلي عن التبادل النقدي الأجنبي الذى يكلف البلدين أموالا طائلة لا جدوى لها ؟؟ في الواقع اذا ما فتحنا مصارفنا في تغير العملة البينية ما بين البلدين فهو سوف يعود على القطرين بمكاسب كبرى للاقتصاد المصري و الليبي و توسيع رقعة التبادل التجاري بحجم اكبر.. لا ضرورة لمواطني البلدين حمل عملة صعبة ..و لماذا نلجأ الى شراء الدولار نتحمل تكلفة الشراء ؟ و لماذا الليبي لا يحمل الجنيه الليبي مقابل الجنيه المصري ؟؟ من المعروف ان الطلب على السلع المصرية هو الأكبر ومن ثمة فالمصارف المصرية سوف تمتلأ بالدينار الليبي فتكدس الدينار الليبي لدى مصر قد يولد نوعا من عدم انسياب العملة اللهم الا اذا ما كانت هناك اتفاقية بين البلدين في تسييل العملة بمقابل لكلا الجانبين : العملة المصرية مقابل الدينار الليبي و العكس صحيح ..و يمكن لليبي شراء العملة المصرية من المصارف الليبية بالنقد الليبي و تفتح المصارف المصرية للدينار الليبي بسعر فائدة بنكية بسيطة ومحددة تعكس عمولة الخدمة و أيضا معدل التضخم في كلا العملتين .. فالتبادل النقدي هو الأساس في هذه العملية ..وهو القاعدة .. في التبادل المحلى لكلا الدولتين ..وهذا لا يتأتى الا بتحرير سعر الدينار أولا ..حتى نضمن التكافؤ في السعر التبادل بين الدولتين .. واذا توسعنا و قمنا بخلق دينار عربي موحد و صندوق نقدى عربي على غرار نظام ربط هذا الدينار اليس من الأفضل للعرب ان تكون العملة العربية رافدا أساسيا للاقتصاد العربي دون ان نكون عبيدا للدولار المتآكل يوما بعد يوم ..و المهيمن على الأمر السياسي …و لدرأ الحصارات الاقتصادية التي مورست على العرب حتى اليوم حينما يكون التكتل المالي كبير تعجز الدول خاصة الكبرى فرض حصارات على الشعب العربي ..و المقايضة المالية هي خطوة أولى للوحدة المالية في العالم العربي ..فتوحيد السياسة المالية وخاصة النقدية هي ذات ابعاد اقتصادية للنمو و التنمية في العالم العربي منها توحيد البورصات العربية الحافزة على الاستثمارات..اليس من الأجدى للعربي ان يحمل دينارا عربيا بدلا ان يحمل دولار او يورو و يتبضع بع السلع و الخدمات و ما الضير في ذلك ..