المكتبات في العالم العربي بين الخبرة الأوروبيّة والأمريكيّة

المكتبات في العالم العربي بين الخبرة الأوروبيّة والأمريكيّة

ترجمة من الألمانية :: رضوان ضاوي

الكاتب*: رفائيل بال Rafael Ball

يُعتبر العالم العربي من أهمّ المناطق الجغرافية في هذا العالم، فهي منطقة غنيّة بالموارد البشرية والطبيعية، وغنيّة للغاية ثقافيّاً، وجغرافيّاً من خلال عدد كبير من الدول المنتمية لها وعددها عشرون بلداً والتي تضمّ أكثر من ثلاثمائة مليون نسمة. هذه المنطقة العربيّة هي في الوقت نفسه مُؤثّرة ومتأثّرة ومرتبطة فيما بينها من خلال اللّغة المشتركة، والدين المشترك، والثقافة المشتركة – بالرغم من التطور السياسي والثقافي والسويسو-اقتصادي الذي يختلف من بلد إلى بلد-.

وإذا أردنا الحديث عن المكتبات، فقد عرفت مكتبات المساجد ومكتبات القصور انتشاراً واسعاً في العالم العربي، ولعبت هذه المكتبات على الخصوص تأثيرات واسعة يُعتدّ بها بسبب احتكاك هذه البلدان بأوروبا.

ويوجد اليوم القليل من الدول في العالم مُهيّئة ومستعدّة لاستثمار المال والمصادر الضروريّة في بناء مكتبات جديدة ووجيهة. وتنتمي الكثير من الدول العربيّة لهذا النموذج من الدول، فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتقاليدها العلمية والثقافية، ولا تبني مقرّات، وأساسات وأنظمة من أجل دعم العلم والبحث والتعليم، لكنها تُرسي في الوقت نفسه قواعد ثقافية.

من المفيد دائماً استثمار المال في المكتبات، ويمكن للدول العربيّة أن تنظر إلى الكثير من البلدان في أوروبا وشمال أمريكا على أنها نموذج جيّد لهذا الأمر. ومن البديهي اليوم أن تقوم الدول العربية أثناء بناء مكتباتها وبنياتها التحتية الخاصّة بالمعلومات بالاعتماد على خبرة خارجية.

وإذا ما كانت تعتمد هذه البلدان العربيّة فعلاً على خبراء أوروبيّين أو أمريكيين، فإن هذا يجعل الفرق موجوداً. ولا يتعلّق الأمر هنا فقط بشتّى أنواع “فلسفات المكتبات”، بل يتعلّق الأمر أيضاً بالتجربة التاريخيّة والراهنة المُعاشَة في الأنظمة نفسها.

وبينما تمّ تطوير الكثير من الأنظمة والبنيات الوطنية في مختلف الأماكن في أوروبا والتي ما زالت تعمل حتى اليوم بشكل جيّد، ما تزال أغلب بنيات الأنظمة المكتبية في شمال أمريكا تعمل بشكل مركزي في الغالب.

وعلى سبيل المثال فإن خدمة الإستعارة عن بعد تُظهر بوضوح الوضعيّة غير القابلة للنقاش والسائدة في المكتبة البريطانية من أجل الإستعمال المركزي، بينما تقود خدمة ”الإستعارة عن بعد” هذه في الولايات المتحدة الأمريكية  إلى وضعية كيان على هامش الحياة.

وحتى قواعد التعمير في المكتبات، وأنظمة إقامة الركائز أو التأهيل المهني وفي مهن المعلومة تختلف هذه الدول عن بعضها البعض بشكل واضح. وتوجد مجموعة من الإستعمالات المختلفة في داخل أوروبا للمكتبات من أجل خلق وحلّ الإشكاليات المكتبية في التصوّر الجديد لمكتبات القرن الواحد والعشرين المتأثر رقميّاً.  إن الأمر إذاً ذو أهمية وله آثار ونتائج ظاهرة ومحسوسة. يتوجب على المرء أثناء اختيار المُرشد أن يكون واضحاً، ولابد أن يسأل: أيّ الخبراء يمكن للمرء أن يستشيرهم؟ ما هي الأهداف التي وضعها وإلى أين وجهة السفر؟ وأيّ أسلوب عمل يجب عليه جلبه معه إلى البلد؟ وما الذي يفيد فعلاً التقاليد الخاصّة والخصائص الثقافية، أو في أي اتجاه يجب أن يتطور الإنسان فيه؟.

ويبقى القرار قرار المتعاقد الذي يحدّد أيّ نوع من الخبراء يعتمد، ولكن أيضا معرفة هذه الخلفيات يمكن أن تساعد أثناء اتخاذ القرار في هذا المسعى.  إنه قرار مهم جدّاً، لأن بناء المكتبات وإنشاء بنيات تحتية للمعلومات عبر سائر البلد ليس مشروعاً قصير المدى، بل هو استثمار كبير في المستقبل.

*رفائيل بال: Dr Rafael Ball, Director ETH-Library Zuerich, Switzerland

باحث ألماني في علم المكتبات، مدير مكتبة المدرسة العليا للعلوم الطبيعية والتقنيات في زيوريخ بسويسرا، زمعروف بتصوراته عن “مكتبة المستقبل” وعن التواصل العلمي والدور الراهن للكتاب المطبوع. له مجموعة من المؤلفات في مجال تخصصه “علم المكتبات”. والعنوان الأصلي لورقة الرأي opinion paper هذه هو:  ( الحلم العربي بمكتبات جديدة  (Der arabische Traum von neuen Bibliotheken

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :