خبر عابر للكثيرين لكنه ليس كذلك حين وقعت عيناي عليه في الموقع الإلكتروني لصحيفة فسانيا التي تستحوذ على الكثير من تفاصيلي وكلما عبرت الدروب كانت هي من يعبر معي وحتى لا تذهب بي الحروف بعيدا أعود الى تفاصيل الخير الذي يقول أن ثلاجة الموتى بمستشفى براك العام في الجنوب الحبيب التهمتها النيران ولم تبقي على شيء منها وبات على الموتى أن يغادروا المستشفى الى مدينة سبها وما عاد المكان يتسع لهم في براح المستشفى المتهالك الذي لا يحمل من الشفاء إلا الاسم فقط
موغلة في الوجع هي تفاصيلنا فالأحياء يعيشون حياة بائسة ويغرقون كل يوم تحت خط الفقر ولا من يسمع أنينهم فكيف حال الأموات في زمن تحولت فيه ليبيا الى ملعب مفتوح يجتاحه اللصوص من الأبواب والنوافذ ولا من يستطيع وقف زحف البؤس إلا دعوات البسطاء في جنح الليل وهم يصارعون هول مآسي الحياة في ظل حكومات ورقية تعاقبت على حكم الشعب المسكين
الكتابة عن المكان هي ممارسة للعبث حين تظل أحرف لا قيمة لها فالمكان تحت رحمة قطاع الطرق وكل ما يقال عن حماية المدنيين هو ممارسة أخرى للعبث لم تعد تنطلي على أحد في وقت فيه المصالح هي سيدة كل شيء
كم من الأحياء هم في مصاف الاموات حين يفتتح نهارهم بانقطاع الكهرباء وبطوابير طويلة على مصارف خاوية على عروشها وعلى كراسة ديون تكبر كل يوم في محال المواد الغذائية والسؤال دون تردد هل هؤلاء في مصاف الاحياء بالتأكيد لا بل هم في مصاف الاموات الذين تقبع فقط أسمائهم في سجلات الأحياء فيما هم في حقيقة الأمر في سجلات الاموات
ليعذرني القارئ العزيز على هذه الحروف المكتظة بالسواد والموت والمشرعة نوافذها في طريق ميتة لأني بكل بساطة أشعر أني في ثلاجة الموتى المحترقة رغم أني لازلت أمارس الركض في شوارع التراب والأماني تحاصرني في رؤية مشهد جديد يسمح بالكتابة عن تفاصيل الحياة الجميلة في أرض تتسع لكل شيء إلا أن تتسع لخطوات الفرح ..
عثمان البوسيفي