النجمة المميتة ( السبيل القاتل إلى وجه القمر)

النجمة المميتة ( السبيل القاتل إلى وجه القمر)

تقرير : منى توكا

يملك المجتمع الليبي كغيره من المجتمعات مقاييس مثالية عن جمال المرأة ،مما جعل النساء منذ القدم يقرنّ الثقة بالنفس بمدى الرضا عن جمالهن الخارجي، ولهذا فإن العديد من النساء يسعين بشتى الطرق للوصول إلى الشكل المثالي مهما كلف الثمن ، وقد تسلك المرأة طرقا خاطئة في سعيها للجمال ، بسبب قلة الوعي واستخدامها لمنتجات غير صحية ،ضررها أكبر من منافعها ، بل وقد تودي بحياتها في سبيل الوصول إلى الشكل المطلوب .

يغفل الكثيرون عن أن مقاييس الجمال أمر نسبي ، ومعاييرها تختلف من مجتمع لآخر ، و لاكتساب الجمال طرق صحية وطبية محددة ، ولكن بعض النساء يلجأن إلى الطرق الأسهل ولا تكثرث لكمية الضرر التي تسببه على المدى البعيد والقريب.

وهنا تسلط فسانيا الضوء على تجارب النساء في الجنوب مع هذه العقاقير القاتلة

نساء وجه القمر

نعم .. النساء في الجنوب الليبي لسن استثناء ، فالعديد منهن يسلكن هذا الطريق المغري و المفخخ بالعقاقير والمنتجات التجميلية و إن كان الثمن تناول عقار ” النجمة المميتة ” الذي يدخل البلاد بطريقة غير شرعية ، و يزعم مروجوه أنها تزيد الوزن بشكل عام وخاصة ” المناطق الأنثوية” ، والأسوأ من ذلك أن هذه العقاقير متاح الوصول إليها بسهولة ، كونها تباع في دكاكين العطارة و محال الزينة والصيدليات و أسعارها رخيصة جدا ، رغم ما لهذه العقاقير من المضاعفات الخطيرة ، فهي تجعل شكل الوجه دائرياً ممتلئاً بالماء ما يعرف بال«الوجه المرضي» أو بوجه القمر ( moon face) ، وتلجأ بعض الفتيات لتناولها عند اقتراب مواعيد مناسبات اجتماعية تخصهن كالخطوبة أو الزواج بغرض زيادة أوزانهن لأنهن يعتقدن بأن امتلاء الوجه هو أحد مقاييس الجمال

الكورتيزون ليس عقارا تجميليا

والجدير بالذكر أن لهذه العقاقير مسميات غريبة وجذابة مرتبطة بالمناطق الأنثوية ، مما يعكس ذكاء مروجيها للفت انتباه الزبونات ، وفى الآونة الأخيرة انتشرت العديد من أنواع هذه العقاقير التي تستخدم في عمليات التسمين العام والموضعي، وهي في الأصل عبارة عن «حبوب» أو أقراص مضادة للحساسية تسبب أمراضا عديدة.

حيث أن زيادة الوزن هي العرض الجانبي لهذه المضادات وهذا ما تؤكده الدكتورة الصيدلانية صباح موسى حيث تقول : إن عقار “الكورتيزون (  dexamethasone ) يستعمل لعلاج عدة حالات طبية مثل : علاج الالتهابات , تثبيط الحساسية , مسكن آلام الأعصاب، وما يروج له من زيادة الوزن عند تعاطي هذه الأدوية هو فقط عرض جانبي لها

يا نساء احذرن

متلازمة كوشينغ وتابعت متحدثة عن مضار تناول هذه العقاقير من دون استشارة طبية ” «الكورتيزون» أو مشتقاته ، وبعض الحبوب الأخرى التي تعرض في «العطارات » والمحال الشعبية لأغراض التسمين لها عدة مخاطر حيث أنها تسبب الفشل الكلوي وتصلُّب الشرايين وانخفاضاً في الدورة الدموية، كما تسبب الأكزيما وسرطان الجلد، ومن مضارها أيضاً “زيادة الشهية ” بحيث تجعل الشخص يأكل كميات كبيرة من الطعام ومن ثم يصاب بالسمنة المرضية كما تقلل من نشاطه وتجعله ينام لساعات طويلة”.

 و أوضحت د.صباح موسى المزيد قائلة” تتسبب هذه العقارات في الإصابة بمتلازمة “كوشينغ” وهي تصيب الشخص عندما تتراكم كميات كبيرة من عقار الكورتيزون في الجسم ،ومن علاماتها تحدّب دهني بين الكتفين واستدارة شكل الوجه وظهور علامات تمدد وردية أو أرجوانية على الجلد.

كما يمكن أن تؤدي متلازمة كوشينغ أيضًا إلى ارتفاع ضغط الدم وفقدان العظام، بالإضافة إلى الإصابة بداء السكري من النوع الثاني في بعض الحالات. “حبوب النجمة” و خدعة الأنوثة !

وفي هذا الصدد تتحدث “أسماء .شعيب ” 22 عاما عن تجربتها مع هذه العقاقير ” كنت في سن الثامنة عشر و أعاني من النحافة الشديدة ولا أجد جسمي أنثوياً  ما حفزني أكثر أن صديقاتي تناولن هذه العقارات ورأيت فيهن القوام الجميل ، لم أكن أفكر في تناولها ولكن في أحد الأيام نصحتني امرأة تتاجر بهذه العقاقير بتناولها لأنها ستزيد وزني وليس لها أضرار جانبية ، وأصرت أن أجربها، وهي تسمى ” حبوب النجمة” ولها العديد من الأسماء

تابعت” لاحظت بعد 5 أيام ازدياد حجم وجنتي “خدودي” وفرحت جدا بالنتيجة ، وبعد أسبوعين ازداد حجم وجهي كثيرا وكذلك كامل جسمي، وبعد شهر وصلت إلى النتيجة المرغوبة ، وتوقفت عن تناولها، المفاجأة أني عدت بعد عدة أسابيع إلى وزني السابق وأسوأ من ذلك، عدت إليها من جديد فهي كالإدمان.

جسدي المشوّه بعلامات تمدد و خطوط حمراء

تابعت ” بعد مدة قصيرة زاد وزني كثيرا و لاحظت العديد من علامات التمدد انتشرت في الكثير من المناطق في جسدي وخطوط حمراء ظهرت و بكثرة في بعض المناطق تشوه جسدي ، و هذا ما دفعني للتوقف عن تناولها ولكن آثار التمدد بقيت ولم تختفِ ” في هذا الصدد تقول الدكتورة ” صباح ” بالنسبة لمشكلة الخطوط الحمراء، وهي ما تعرف علميا بالـ (Stretch marks ) تنتج عند تمدد الجلد مع الزيادة في الوزن, أو عند البلوغ, وأثناء الحمل, وفي بعض الأحوال نتيجة تناول عقار الكورتيزون إما بالفم أو عن طريق الحقن, ويمكن أيضا حدوث هذه الخطوط نتيجة استعمال كريمات أو مراهم الكورتيزون الموضعية, وأيضا في بعض الأمراض الهرمونية التي يوجد بها زيادة في إفراز هرمون الكورتيزون, سبب ظهور تلك الخطوط ، وهو نتيجة لتمدد الجلد مع زيادة الوزن، وتناول عقار الكورتيزون، وتمدد الجلد يؤدي إلى حدوث تشققات في أنسجة الجلد, ونقص في مكوناته, وبالأخص الكولاجين و الإيلاستين في الأماكن المصابة “.

هوس الجمال القاتل وعرائس الموت !

وفي تجربة أخرى تتحدث”ف. ل ” عن إحدى قريباتها التي غيبها الموت بسبب تناولها على مدار سنوات عقار الكرتيزون والذي يسمى شعبياً بـ(حبوب النجمة) حيث قالت”: تناولت قريبتي عقار النجمة عندما كان وزنها 50 كيلو جراما ، حتى أصبحت تعاني من زيادة الوزن و بلغت 100 كيلو جرام ، لكنها لم تتوقف وعانت من مشكلات في عظام ساقيها، وعندما قررت التوقف ، أخبرها الدكتور بأن توقفها المفاجئ عن تناول العقار سيؤدي إلى وفاتها حيث طلب منها الاستمرار في تناوله ، ولكن عليها التقليل والتوقف تدريجياً، ولكنها اضطرت للانقطاع عن تناولها للنجمة المميتة ، بسبب بعض الظروف العائلية التي مرت بها ، فتسبب بموتها .

ويذكر أن ” هناك حالات موت مفاجئ للعرائس في العديد من قرى ومدن الجنوب، إذ أن الشيء المشترك بين هذه الوفيات تناول الفتيات عقارات الكورتيزون بشكل مبالغ فيه قبل موعد العرس لزيادة أوزانهن حسب روايات أقارب لهن التقت بهم فسانيا .

وأوضحت الدكتورة صباح في تعقيب على هذه الحالة : ” التوقف عن أدوية الكورتيزون بشكل مفاجئ، يتسبب في ظهور أعراض انسحاب «الستيرويد» والتي تتمثل أعراضه في الضعف، والإنهاك، والغثيان، وآلام المفاصل، ويرجع السبب في ذلك إلى خلل توازن الهرمونات في الجسم، إذ يُنتج الجسم هرمون الكورتيزون، شأنه في ذلك شأن هرمونات «الستيرويد» الأخرى، في قشرة الغدة الكظرية عند الحاجة، وبتعاطي أدوية الكورتيزون مدة طويلة، يتراجع إنتاج الجسم من الكورتيزون ” ويصبح مدمنا” على العقار الذي يتناوله الشخص . و أكدت : ” التوقف عن تناول هذه العقارات بشكل مفاجئ، يمنع الجسم من زيادة إنتاج الكورتيزون على نحو سريع، إذ يحتاج وقتاً لرفع إنتاج الكورتيزون، ولتجنب أعراض الانسحاب يجب التوقف عن تناول الكورتيزون تدريجياً تحت إشراف الطبيب “.

النجمة وأخواتها تسبب اضطرابات الحيض : وفي تجربة أخرى مع هذه العقاقير قالت” ه، س” 27 عاما” تناولت إحدى العقاقير وزاد وزني ولكن سببت لي مشاكل هرمونية ؛ مما نتج عنه طول فترة الدورة الشهرية، وتوقفت عن استخدام ذلك العقار ، والذي تسبب بعد تركه فقداني للشهية و الانخفاض الشديد في الوزن” . وعلقت الدكتورة عن هذه التجربة قائلة ” تناول الكورتيزون يساهم في عدم انتظام الدورة الشهرية ويجعلها طويلة الأمد، و الشعور بألم غير معتاد أثناء الدورة الشهرية بالإضافة إلى زيادة النزف “. نفس الفتاة” ه، س ” تتحدث عن تجربة إحدى قريباتها قائلة” تناولت قريبتي هذا العقار وكانت سعيدة في ذاك الوقت من توقف دورتها الشهرية لمدة شهرين متتالين، وبعد استشارة الطبيب والكشف تبين أن ماحدث كان بسبب هذا العقار “. و شرحت الدكتورة” اضطرابات الدورة الشهرية والحيض كما أسلفت وهي بسبب متلازمة كوشينج، والتي هي بصفة عامة اضطراب نسبة الكورتيزون في الجسم”. “

النجمة وهشاشة العظام

 ” ” وتحدثت ” فاطمة . محمد ” عن تجربتها التي مرت بها قبل 9 سنين فتقول: بعد مدة أحسست بألم في ظهري و ساقي وبعد الكشف الطبي تبين أنه الاستخدام المطول “للديكسا ميتزون” الذي تسبب لي بهشاشه عظام، لدرجة أني بدأت أعرج وأستخدم العكازات لأتحرك”. وعللت الدكتورة ذلك بأن الكورتيزون يقلل من امتصاص الكالسيوم من الأمعاء الدقيقة، ويزيد من إفرازها في البول ويخرج الكالسيوم من العظم. مكتب رقابة الأدوية سبها خارج نطاق التواصل : وأخيرا” .. تواصلنا مع مدير المكتب الإعلامي للحرس البلدي متمثلاً في عثمان أبوصبيع الذي أخبرنا” أن منع دخول الأدوية و السماح لها هو أمر من اختصاص مركز الرقابة على الأغذية والأدوية ولكي يتحركوا يجيب أن يأتيهم أمر كتابي بالخصوص” وحاولنا التواصل مع مركز رقابة الأغذية و الأدوية فرع سبها ولكن لم يتم الرد علينا. ختاما ” تنتشر العديد من المنتجات و الأدوية غير المعروفة المصدر في السوق ، و بالرغم من ذلك فهي تشهد إقبال الكثير من الناس ،الذين لا يَعون مدى خطورة ما يتناولونه، وفي ظل هذا الانتشار باتت التجارة بصحة المواطنين أمرا طبيعيا، فقط في بادئ الأمر نتفاجأ ، ثم نعتاد عليها ، وتصبح مألوفة وهذا العقار نقطة في بحر العديد من الأدوية والأغذية القاتلة مجهولة المصدر.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :