النداء الأخير ….. فهل حضر الجنوب ؟

النداء الأخير ….. فهل حضر الجنوب ؟

بقلم :: إبراهيم عبد السلام فرج

لاشك أن الكثير يتساءل عن عنوان المقال ومغزاه  ولا شك أن الجنوب قد غُيب عن المشهد بقصد وبدونه ولا شك أن أبناء الجنوب قد خابت أمانيهم فيمن اختاروهم ليمثلوه سواء على المستوى التشريعي أو التنفيذي في البلاد  ولكن أين يكمن موطن الداء في ذلك ؟

في البداية لا بد من سرد أين الجنوب مما يلي :

  • أين الجنوب من الاعتمادات التي فتحت لتوفير بعض احتياجات المواطن والتي نرى لها أثرا في أسواق طرابلس فمثلاً تجد بعض السلع الغذائية مثل  ( الزيت _ الطماطم _ الدقيق وغيرها ) .

تعرض في الأسواق بأسعار منخفضة بحكم أنها مدعومة من الدولة وأن مستورديها قد استفادوا من تسهيل الدولة في فتح اعتمادات للتجار لجلبها وعرضها للمواطن بأسعار مناسبة في ظل الغلاء الفاحش السائد الآن فنقول هل الجنوب كان حاضراً للاستفادة من مثل هذه التسهيلات وأين الشركات ووزارة الاقتصاد بالبلدية وغرفة التجارة والصناعة بالبلدية بل أين المجلس البلدي من كل هذا؟

ولماذا لا يكون للجنوب حقا في الاستفادة من تلك الاعتمادات؟ أين الجنوب من السيولة بالمصارف والتي سمعنا أكثر من مرة أنه تم توزيعها وآخرها 400 مليون دينار لم يكن للجنوب إلا نسبة 10 % منها أي 40 مليون دينار فهل هذا المبلغ كافٍ ليغطي ولو القليل من احتياجات المواطن.

فالجنوب كان يجب على أقل تقدير أن تكون حصته 100 مليون أي 25% من تلك القيمة فهل ناقش أو تحدث أحد عما يجري أو حتى تساءل عن نظام عمل المصارف في المنطقة الجنوبية وإن حدث ذلك فماهي النتائج المرضية التي خرجوا بها أم أنهم رضوا بما يقدم إليهم من فتات واعتبروا ذلك إنجازا لهم ثم ماذا حدث في السيولة التي روج لها بعض المسؤليين عن الجنوب والمثمثلة في مبلغ 100 مليون مخصصة للجنوب من البرلمان الليبي أين هي أم أنها فرقعة إعلامية سرعان ما تلاشت؟

ولا زال المواطن في الجنوب يعاني أزمة الوقود والمحروقات وإن كان أمرها يجب أن يحل من البلديات ولكن تبقى المعاناة في الحصول عليها أمرا قائما ومنذ سنوات فلا تكاد تنفرج هذه الأزمة حتى نراها تطل من جديد وأسبابها معروفة جداً فماذا فعل أولئك من يتشدقون علينا وقد امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بصورهم وهم يزورون المحطات سعياً لحل هذه المعضلة على حسب قولهم وهي لازالت قائمة الى حد الآن

أين الجنوب من المشهد السياسي في الدولة والذي نرى التكالب عليه والصراع قد انفرد به قُطبا الشرق والغرب وكأن ليبيا لا تتكون إلا من إقليمين فقط وإن كان هذا الصراع غير مستحب ويبغضه الكثير إلا أن تواجد الجنوب وفرض نفسه على ما يدار من تحركات أمر مطلوب ولا مفر منه .

فعندما تشكل الحكومات وتفرض علينا ونرى أنفسنا وقد منحونا كراسي الترضية فيها نبدأ حينها نشتكي من التهميش ونحن من همش نفسه   أين موقف الجنوب من التحكم في مصادر الدخل للبلاد واستغلالها في الضغط على الدولة من قبل مناطق ومليشيات بعينها واضحة بالرغم من أن هذه الحقول تتواجد في أراضي الجنوب فتقوم مدينة بعينها بإقفال هذا الخط لمجرد أنه يمر بأراضيها وإن كنت أبغض هذا الأمر ولكن كان الأولى بالجنوب إقفال هذه الحقول والمطالبة بحقوق وامتيازات مستحقة له وأن يجعل الدولة تنظر إليه بعين الاعتبار كما أن حماية هذه الحقول أولى بها أبناء الجنوب وليس قوات مستوردة من مدن الشمال تقتات على هذه المشاريع بحجة حمايتها فهل عجز أبناء الجنوب عن القيام بذلك؟

  • كما أن الجنوب هو مصدر المياه التي تغذي مدن الشمال بالمياه وبالنظر إلى الأهمية البالغة لذلك  وبالرغم من ذلك فإن هذا الأمر لم يستغل بشكل إيجابي ليكون أحد الأسباب المهمة التي من خلالها  سيكون هذا الجزء يحظى بالاهتمام والرعاية لما يشكله هذا الأمر من صمام أمان للشمال ولكن الواقع غير ذلك تماماً والكثير الكثير الذي لا يكفي المقام لسرده وأقول هل سيستجيب الجنوب إلى النداء الأخير قبل إقلاع الرحلة إن النخب التي تمثل الجنوب من ناشطين ومؤسسات مجتمع مدني وبعض الإعلاميين للأسف الشديد تراهم يتقاطرون على حضور الورش والندوات الخارجية والداخلية ، وغيرها من المناشط التي تقام في بعض الدول وحتى في شرق البلاد وغربها ويرون في ذلك كجائزة لهم أو رحلة أستجمام منحت لهم ولا نرى لحراكهم الأثر الذي سيغير من حال الوضع القائم في الجنوب وكم أتمنى على الإعلاميين أن ينقلوا ويرفعوا من الواقع المرير وعدم التهاون في أبراز ما يعانيه هذا الجزء من الوطن ويكون إحساسهم نابعا من معاناة نراها كل يوم في ازدياد وهذه أمانة في أعناقهم كونهم يمثلون هذا الجزء من الوطن .

فالوضع الحالي لا يمكن إبرازه للرأي العام مالم يقُم كل إعلامي بواجبه الكامل بل يضاعف الجهد لكي ينقل ذلك حتى تكون قضية الجنوب وما يعانيه بارزة في الوسط وأن يبتعد عن الإحباطات التي تواجهه في سبيل تحقيق ذلك.

إن السبات العميق والدور الباهت الذي نراه في أداء المسؤولين على الساحة والذين يمثلون الجنوب لا يرقى حتى إلى دور سكرتارية وكأنهم استمرؤوا على أن يكونوا احتياطا ورقما مضافا فقط عند الحاجة إليهم أما أن يستغلوا إمكانياتهم وصلاحياتهم في خدمة الجنوب فهي كضرب من الخيال .. حيث نراهم وهم يلهثون وراء تجاذبات سياسية دون استقلالية لرأيهم ودون استخدام ما لديهم من مقومات يمكنهم استخدامها للضغط بحيث يتم اعتبارهم ولو حتى بتشكيل تكتلات تمثل الجنوب كوحدة واحدة إنما انساقوا وراء التفكك الذي خرجوا به من مدنهم والذي أثر سلبا على أدائهم فكل متأثر بموقف الخلافات الداخلية في الجنوب وانساق وراءها نكاية في بعض مما جعل هذه النخبة التي تمثل الجنوب ضعيفة أمام التكتلات الأخرى من باقي البلاد وربما حتى استغلهم نظراءهم من باقي الأقاليم الأخرى في البلاد.

وهنا وجب التنبيه إلى ضرورة أن تكون تلك النخب في مستوى الحدث وأن يرتقوا عن كل ما يسبب الضعف الواضح الآن في النظر إلى الجنوب وهذا يتطلب عقولا راقية تواكب مستوى الحدث بل تصنع الحدث نفسه.

إن ما يتطلبه الجنوب حراك متواصل على كل الأصعدة لإبرازه كموطن مهم وجزء لا يتجزأ من ليبيا بل إنه الجزء الأهم من حيث الأمن الاقتصادي والغذائي لليبيا  فالجنوب بما يملكه من مقدرات ومكتسبات وديموغرافية متنوعة وجغرافيا كبيرة تحدها خمس دول من دول الجوار لا تجدها في باقي الأقاليم في ليبيا يجعله مهما جداً من جميع النواحي الأمنية منها والاقتصادية وأنه يجب أن يكون نقطة اهتمام كبيرة ومهمة لكل من يسوس البلاد وهذا الأمر يتطلب الجهد الكثير المتواصل دون كلل أوملل .

.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :