النّـسَاءُ يشَـْـتَكينَ: الرّجَـالٌ يَــنَامُون طِيلَة نَهارِ رَمَـضَان ويَـسْهرُونَ لَـيْلهُ حتّى الصّـبَاح

النّـسَاءُ يشَـْـتَكينَ: الرّجَـالٌ يَــنَامُون طِيلَة نَهارِ رَمَـضَان ويَـسْهرُونَ لَـيْلهُ حتّى الصّـبَاح

استطلاع :: نزيهة عبد الله 

فأبنائي ينامون طيلة نهار رمضان وأنا من يقوم بالتسوق وشراء مستلزمات البيت

تتعدد الروحانيات في شهر رمضان المبارك ، ما بين صوم وقراءة للقرآن الكريم وطقوس دينية واجتماعية ، ربما حكمتها الظروف المعيشية القاسية التي أرخت بظلالها على المجتمع بشكل عام ، فبدأت تختفي بعض ملامحها ، إلا أن كثيرين يحاولون التمسك بها في ظل موجة التغيير المفروضة أحيانا على كل شيء ومن منطلق العمل عبادة في مجمل سنوات العمر ، إذا فهو عبادة مضاعفة في شهر العبادات والروحانيات رمضان الكريم إلا أن معظم النساء يشتكين من أن الرجال لا يعملون خلال هذا الشهر وأنهن من يقوم بإعالة أسرهن وخاصة المتزوجات منهن. في هذه الاستطلاع حاولنا تسليط الضوء على هذه الظاهرة .

 أخي قضى نصف عمره في النوم والنصف الآخر على وسائل التواصل الاجتماعي

تقول : الستينية سعدة عيسى زوجي متقاعد منذ سنوات ولديّ أربعة أولاد وستّ بنات والحقيقة أنني من يعول البيت فزوجي منذ تقاعده من الوظيفة الحكومية لم يغادر المنزل يجلس بالساعات الطوال أمام شاشة التلفاز أو يفتعل المشاكل معي ، أما أولادي الأربعة حفظهم الله فاثنان منهم موظفون حكوميون واثنان بطالة لا يعملون شيئا كنت أعاني في السابق من عدم اهتمامهم بالمنزل في الأيام العادية والآن صار الأمر مضاعفا فأبنائي ينامون طيلة نهار رمضان وأنا من يقوم بالتسوق وشراء مستلزمات البيت في هذه الأيام الحارة أسأل الله لهم الهداية فهم من جلبوا الضغط والسكر .

بينما تتحدث الموظفة فاطمة الناجي قائلة الحقيقة أن الأمر ليس بجديد على المجتمع الليبي والسبهاوي بالذات ، فأنا موظفة في وزارة يقضي مديرها معظم السنة وهو مقيم في طرابلس ولديّ شقيق وحيد مدلل رغم أنه متزوج وأب لطفلين لكني لا أشعر بوجوده إلا عندما يتذمر من الوضع العام للبلد ، أو من الأكل الذي لا يروق له مع أن لديه زوجة يفترض بها أن تطبخ له وتهتم بشؤونه أخي قضى نصف عمره في النوم والنصف الآخر على وسائل التواصل الاجتماعي ، طبعا بعد أن أنهى دراسته الجامعية بتفوق كنت أعتقد أنه سينفعنا وينفع مجتمعنا ويساند والدي المسنّ ويرد له بعض الجميل ، لكن للأسف ذهبت كل أحلامنا وتوقعاتنا أدراج الرياح الآن عندما أجري مقارنة بيني وبين أخي أشعر بالصدمة فأنا في كل الأوقات أستفيق باكرا أذهب إلى وظيفتي العامة بينما أخي ينام طيلة النهار في رمضان وغيره. أنا من يصرف على البيت وأنا من ساهمت في زواجه ، أستغرب لماذا المجتمعات الشرقية والليبية بالذات تعتبر الرجال أعلى درجة من النساء .

تبادر زينب عبد العظيم معلمة ، قائلة ( أكل ومرعى وقلة صنعة ) والحال في رمضان أكثر سوءا فزوجي مدخن مدمن أرقيلة ، يسهر لما بعد أذان الفجر ويستيقظ قبل المغرب بقليل ( لا صلاة ولا ذكر الله ) كما يقولون. وإن تجرأت على إيقاظه لصلاة أو غيرها حتما لن أسلم من لسانه إن سلمت من يده أكثر ما يحزّ في نفسي أنه لا يسألني كيف تدبرت ثمن ما يأكل. صحيح أنا معلمة ولديّ مرتب وأنا من يدفع إيجار البيت ومن يصرف على المنزل لأن زوجي عاطل أحيانا يتحصل على عمل في محل أو في ورشة ولا يستمر طويلا فيه ، ما يتحدثون عنه من أن ( ظل راجل ولا ظل حيطة ) أنا أشعر أن كل حجارة العالم سقطت فوق رأسي عندما ارتبطت برجل كسول لكن لا مفر لديّ ، أهلي لن يتقبلوا عودتي للبيت فكلّ محاولاتي لطلب الطلاق بآت بالفشل . تضيف نجية أبوبكر مديرة إحدى المدارس الخاصة واجهتي مشكلة غياب المشرفين والمعلمين الرجال وحتى الطلاب مع بداية شهر رمضان المبارك ، حتى أنني أفكر في أن أجعل المدرسة خاصة بالإناث فرغم كل الظروف الأمنية والاقتصادية أجد أن التزام النساء أكثر لا أتحدث عن بقية المجتمعات لكني أتحدث عن مجتمعي الذي أعيش فيه ربما في مجتمعات أخرى يختلف الرجال لكن في مجتمعنا الأغلبية العظمى من الرجال لا يعملون وخاصة الموظفون يكتفون أحيانا بتوقيعة الحضور والانصراف ويَمضون في حال سبيلهم حتى من ناحية الالتزام معي معلمون يتحججون بالظروف الأمنية وبالبنزين بينما المعلمات يأتين في كل الظروف كيف سنبني مجتمعا محتضرا برجال ينامون طوال النهار ويتسامرون حتى الفجر .

غياب المشرفين والمعلمين الرجال وحتى الطلاب مع بداية شهر رمضان المبارك عن المدرسة

سلطانة أحمد ( عاطلة عن العمل ) أقطن في بيتنا بعد زواج إخوتي وأخواتي ووفاة أبي رحمه الله أصغر إخوتي يسكن في الطابق الثاني لمنزلنا ، هو أخي شقيقي ابن أمي وأبي لكن الجيران أقرب منه لي أسمع أخباره من زوجته وأبنائه وهو ككل رجال الحيْ ينام حتى موعد صلاة الظهر فيذهب للمسجد يؤدي صلاة الظهر ويعود لينام حتى العصر فتوقظه زوجته عند سماعها لآذان العصر ليذهب للجامع من جديد بعد العصر يتسوق لبيته أما أنا وأمي فنعيش على مرتب التضامن الذي ورثناه عن والدي ، لذلك تعودت ومنذ وفاة والدي قبل سنوات أن أتسوق بنفسي وأشتري كل مستلزماتي ومستلزمات بيتنا لوحدي ومع ذلك أمي لا تحب أن أنتقد تقصير ابنها في حقها وحقي وتتعلل بأن لديه بيتا والتزامات وأعتقد جازمة أن أمي تدفع ثمن تربية ابنها السيئة ، الغريب في الأمر أن أبي كان يَـعٌولنا ويهتم بنا حتى وفاته ولم يقصر معنا في لحظة هل يعقل أن يخلف أبي ذكرا مثل أخي فعلا ( النار تخلف رمادا ) تتحدث جود عبد المعين في ذات السياق والحزن يملأ عينيها التقينا في الجامعة طالب وطالبة على مقاعد الدراسة لم يكن زوجي ووالد وحيدي مثيرا لاهتمامي فطموحي كان أكبر لكنه النصيب كما يقولون ، أذكر أنه وبمجرد حديثه معي ومصارحته لي بعشقه وهيامه قررت التخلص منه فقلت له إن كنت جادا يمكنك طرق باب أبي ، كنت أعتقد أنه يريد التسلية فاجأني بإحضار والدته لبيتنا في اليوم الثاني ، لا أنكر أن جديته أثرت فيّ مع ضغط أمي وصديقاتي قبلت الزواج به زواج طلاب على مقاعد الدراسة تركنا الدراسة معا وظللنا نتخبط في البداية سادنا أهلي وأهله وبعد إنجاب ابننا الأول تغيرت الموازين ، زوجي عاطل عن العمل وماذا سيعمل الليبي بلا شهادة وكسول لا يشبع من النوم وأنا وهو على خلاف دائم ، أحيانا لا أجد ثمن حليب طفلي وحفاظاته ، وفي رمضان صيام على صيام ، أشعر بالندم لأنني ارتبطت برجل صغير في السن وبلا شهادة أو مصدر دخل ثابت .

برنية عمر طالبة دراسات عليا تناولت الموضوع من جانب مختلف وأشارت : أكثر ما يستفزني تعليقات الرجال على صفحاتهم الشخصية على الفيس بوك ومنها مثلا ( يا شباب البنات ماذا يفعلن الآن في المطبخ ) ومنشور آخر ( على أيّ رقم المكيف الآن ) وأحيانا يدخل على الخاص صديق ليس بينك وبينه سوى تبادل التحايا فينتقد وجودك أون لاين بينما بقية البنات في المطبخ ، الحقيقة أشعر بالقرف من هكذا تصرفات وأقول لهذه النماذج التي أعتبرها مريضة نفسياً المرأة عزباء كانت أو متزوجة ، تذهب للعمل تؤدي واجبها الوطني وتأتي متعبة لتدخل المطبخ فتصنع لك ما لذّ وطاب بينما أن تصوم عن الأكل والشرب فقط لا صلاة ولا عمل ولا أيّ شيء مفيدٍ في الحياة يمكن أن يعتمد عليك به وعن نفسي لا يتخلف إخوتي النيام عن غيرهم في شيء يذهب أبي للسوق فيشتري كل ما نحتاجه بينما ينام إخوتي طوال النهار ، ليستفيقوا على صوت آذان المغرب فيبدأ النقد والتذمر والطلبات التي لا تنتهي مع دعم ماما اللوجستي لكل ما يقولون . وتضيف بقلق أخشى أن أتزوج رجلا مثل إخوتي أو أن أتحول لمرأة تشبه أمي مستقبلاً . تتحدث سلوى عبد المعين بشيء من الإسى قائلة الحقيقة أتمنى أن يعمل أخي الوحيد كبقية الشباب وأن لا يكتفي بالنوم حتى لحظة آذان المغرب ورغم أنني أظل أعمل طوال النهار في المطبخ رفقة أختي الكبرى ، لكن وبمجرد استيقاظه يكون مطلوبا منّي تجهيز إفطاره وملابسه ، وإن كان موجودا بالبيت عليّ توفير طلباته وطلبات أصدقائه ، لا أنكر أنه لطيف أحيانا معي لكن لا أتخيل أن يعيش بني آدم على الأكل والنوم فقط لا غير حتى وظيفته لا يذهب إليها إلا لاستلام مرتبه مع نهاية الشهر ، مرتبه الذي لا يصرف منه شيئا على المنزل .

تشتكي أم أحمد من ابنها طالب الثانوية العامة الذي لم يذهب لمدرسته منذ بداية شهر رمضان المبارك ، وتعتب على المدرسة عدم معاقبته ، وتتهم المدرسة بالإهمال والتقصير ، وتتهم التعليم في سبها بالتسيب وتضيف يوميا أطارده من غرفة لغرفة من مكان لمكان يظل طوال الليل ساهرا حتى الفجر وبعدها لا يستيقظ أبدا بل ويثير الشغب والمشاكل كلما حاولت إيقاظه ، ووالده مثله لا أدري ما بهم الرجال في مدينة سبها يقضون طوال نهار رمضان في النوم وليله في السهر ويتنصلون من كل شيء في المدينة لن تجد رجال المرور ولا الشرطة ولا الجيش كل هذا في ظل وجود مجلس بلدي سلبي. ختاما: قد يكون من المجحف حقاً أن تعمم هذه الظاهرة على كافة رجال المدينة ، وإن كانت تشمل فئة منهم ، لكن شكوى السيدات جعلتنا نسلط الضوء على هذه الظاهرة التي بدأت تتفشى داخل المجتمع السبهاوي

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :