إبراهيم فرج
بداية من يستطيع الإجابة على سؤال من الذي يحكم الدولة ؟. على مدى أكثر من أحد عشر عاما ونحن نطالع عمل الحكومات المتوالية والتي تولت أمر البلاد خلال تلك الفترة وإلى وقتنا هذا وشاهدنا صراع تلك الحكومات ومناكفاتها في ظل التشظي الذي عاشته وتعيشه بلادنا ودون أي نتيجة تذكر إلى وقتنا الحاضر .
وخلال هذه الفترة لم يكن لأي من تلك الحكومات سيطرة على أوضاع البلاد وكل ما نشاهده في سير عمل هذه الحكومات أنها تعمل وفق هوى من يتحكمون فيها. وهنا سؤال آخر من هم الذين يتحكمون في سير عمل تلك الحكومات؟ إنهم ميليشيات ( الستيكر ) نعم هم من يتحكمون في سير عمل أي حكومة يوكل إليها أمر البلاد وكلما أحسوا بخطر يداهم مصالحهم تراهم وقد امتشقوا أسلحتهم وفرضوا أنفسهم على الحكومة لنيل مطالبهم والمحافظة على مصالحهم . وكل الحكومات التي توالت على السلطة ولازالت تخضع وتهادن تلك الميليشيات ليس هذا وحسب بل شرعنتها تحت مسميات لا أكثر للأجهزة والوزارات الأمنية ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الحكومات دعمت تلك الميليشيات في سبيل ترويضها لبيت طاعة الدولة إلا أنها كانت ولا زالت نشازًا ، و في حقيقتها لا تخضع ولن تخضع لسيطرة تلك الأجهزة ولا الوزرات إنما تخضع لرغبة آمريها ومصالحها والدليل أننا نشهد في كل مرة نشوب حرب فيما بينها أو تتحرك لمحاصرة الحكومة وأجهزتها في سبيل مصالحها.
هذا الواقع المرير هو الإجابة الحقيقية ودون نفاق على ما طرح من تسأؤلات . وهذا أيضا يدعونا إلى طرح سؤال آخر ، كيف الخروج من هذا التسلط المفروض من قبل ما يسمى أجهزة أمنية؟ أعتقد أن أي حكومة لا تحتوي هذا الأمر بشكل ما وتفرض نفسها وبقوة أو تدخل في تفاوضات مع تلك المليشيات لن تستطيع القيام بمهامها وسترضخ مرغمة إلى جبروتهم والذي للأسف لم يَبْنِ الدولة المنشودة ولن نرى تداولا سلميا حقيقيا للسلطة ولن تنجح أي حكومة في ظل تحكم هؤلاء وامتلاكهم السلاح مصدر التهديد الأول لبناء الدولة.
وبالمختصر يمكننا القول إن هيبة الدولة لن تكون إلا بحكومة تفرض نفسها بقوة وتتوافر لها الإمكانيات لردع كل من يخرج عن طاعتها وذلك من خلال رسم سياسة حقيقية لمواجهة هذا الأمر . أما ما نراه من بيانات فضفاضة يدعي مُصدروها أن الحكومة تستنكر أو تشجب أو تدعو فهذا لن يجلب لهذه البلاد إلا وبال الحروب التي تشتعل بين الفينة والأخرى دون حتى علم لما يسمى أجهزة الدولة الأمنية. وستبقى هيبة الدولة مفقودة ونلهث نحن وراء حلم الدولة المنشودة.