إبراهيم فرج
لازالت زوبعة رواية خبز على طاولة الخال ميلاد لم تتوقف بين من يرى قبح هذه الرواية ويقيمها كذلك ومدى الجرأة التي جعلت الكاتب يتحدى اخلاقيات المجتمع حسب وجهة نظر الكثير وبين من يرى أنها لا تخرج عن كونها انتصار ادبي جديد جلبته هذه الرواية للمكتبة الليبية … عموما لست بصدد تقييم الرواية وكاتبها كما أنني لست أهلاً للنقد في النصوص الأدبية ولكن أنا هنا بصدد إلقاء الضوء على الوجه الآخر الذي برز من خلال ما أثارته هذه الرواية الا وهو .. أن المثل الذي استوحت الرواية منه اسمها موجود لدينا ومتداول بشكل كبير في توجيه الانتقاد لأي شخص تنافي اخلاقياته ما تعارف عليه المجتمع … او بالأحرى أي شخص خرج عن المألوف في تصرفاته التي عادة ما تعبر عن الانحلال الأخلاقي .. في هذا الصدد الا يمكن أن نتوجه لأنفسنا بسؤال .. هل نحن مجتمع سوي ومحافظ ومتمسك بأخلاق الأسلام إلى درجة أننا لا نقبل تشويهه ؟ أن ما يرشح عن مجتمعنا كوارث تفوق ما يفعله ميلاد أو يتغاضى عنه وهي في ابسطها مخالفة لأخلاق ديننا وهذا واقعنا اليوم وللاسف لا تجد من يقف ضد ذلك إلا القليل .. والسبب يتوزع بين الخوف أو أمثلة بالية مثل ( طبس عنها تخطاك) اي عدم المبالاة ما دام الأمر لا يمسني شخصياً إلى أن استشرت تلك الظواهر والكوارث في مجتمعنا ولا زلنا ندعي المثالية … أن الوجه الآخر يتضح من خلاله أن ميلاد ليس فرد في مجتمعنا بل كثير هم ميلاد الا أنهم اختاروا الإختفاء وراء اسماء اخرى .. نحن مجتمع نكره أن نواجه عيوبنا أو أن يقوم أحد بإظهارها لنا رغم ارتكابنا المتعمد احيانا لتلك العيوب ونخجل منها ولا نخجل من فعلها . أن الوجه الآخر القى الضوء على أنه يجب على المجتمع أن يواجه نفسه ويحارب شخصية الخال ميلاد التي امتطاها… بأن يصلح من نفسه بنبذ كل ما يتعلق بتلك الشخصية ومواجهة عيوبنا والكوارث وكل الامثال السلبية التي عادة ما نتناولها في وصف واقعنا .. عندها ستنتهي قصة الخال ولن تجد الفئران خبزاً تتناوله عل طاولة الخال ميلاد. وما استطيع قوله عن تلك الرواية أنها كانت بمثابة الانذار لتنبيهنا إلى أي حد وصلت الأوضاع في بلادنا ولولا أن نالت تلك الرواية الجائزة لما انتبهنا أصلاً إلى صدورها وتداولها في الأسواق … كما أن الانتقادات التي برزت عن تلك الرواية فتحت الشهية لميلاد الخفي فينا للبحث عنها وقراءتها .. ليس حباً في القراءة إنما فضولاً لمعرفة ما تحتويه .. اخيرا حاربوا الخال ميلاد قبل أن تنتشر ذريته بيننا فهو يتكاثر كما الفيروسات سريعة الانتشار …