النقيب : إمحمد بن يوسف
قبل أيام حلت بنا كارثة اهتزت لها أركان الوطن بكامله شرقه وغربه وجنوبه ، حتى أن العالم من حولنا وجل لمصابنا الجلل ، فاجعة راح ضحيتها آلاف من فلذات أكبادنا، إخوة وأصدقاء وأحبابنا فقدناهم واحدا تلو الآخر، نحتسبهم عند الله من الشهداء .
ولعل الكلمات في هذا المقام مهما بلغت من حكمة وبلاغة قاصرة عن إيصال حجم الصدمة التي لم تكن في حساباتنا أبداً، فمن كان يخطر بباله أن تتحول درنة الوادعة الآمنة إلى أثر بعد عين؟ .
أن تنهار فجأة السدود التي أهملت الحكومات الليبية المتعاقبة صيانتها، رغم كل التحذيرات منذ سبعينات القرن المنصرم ، ورغم كل الميزانيات التي خصصت لها والتي نهبت بطريقة أو بأخرى.
في الكوارث والتي تتشكل من مجموعة أزمات متتالية ، يظهر الليبيون مقدرة عجيبة على التلاحم والتعاضد والمساندة ، رغم كل شيء وهذا ما أظهرته قوافل الدعم والمساندة التي انهالت على مدينة درنة وما يجاورها من مدن وقرى صغيرة.
ورغم مرارة الفاجعة التي حلّت، وكرجال أمن مسؤولون عن حماية هذا الوطن والذود عنه وعن أهلنا بطبيعة الحال أولئك الذين ترخص الأرواح الغالية لأجلهم ولأجل الله والوطن قبل ذلك وبعده ، لاحظنا عدة ملاحظات يمكننا الاستفادة منها في ظروف نتمنى أن لا تكون بقسوة الظروف التي مرت بنا ونحن نشاهد الموت يجتاح درنة الغالية وضواحيها الثمينة في شرقنا الحبيب.
ومنها أن بعض المواطنين وإخوتهم المساندين لهم أربكوا في البداية عمل فرق الإنقاذ الدولية ، وأن الثقة بين المواطن وبين رجل الجيش والأمن يشوبها الكثير من التوتر الذي نأمل أن يزول بشكل نهائي حيث أن التحذيرات التي أطلقها الزملاء في مديرية أمن درنة لم تجد استجابة جدية من قبل المواطنين، ربما لأن المواطن يعتمد على تجاربه الذاتية وإيمانه في الكثير من المعطيات التي خذلته هذه المرة للأسف الشديد.
وأصبح من الواجب الوطني المقدس تعزيز الثقة بين الطرفين المواطن ورجل الأمن ، رجال الأمن الذين تعاملوا مع المواطنين بمنتهى الحكمة والاحتواء وهو ما علينا الإشادة به عبر هذه المساحة.
لا عتب ولا لوم على أي خطأ غير مقصود من المواطنين الذين دفعتهم مشاعرهم الإنسانية والوطنية لنجدة إخوتهم ، فالشعب هنا على فطرته تنقصه حكومة تكون في مستواه كتلك الحكومات التي أرسلت لنا وفودا تدعمنا وتخفف وجعنا وتخبرنا أننا شعب عظيم يفتقر للصقل والتدريب والاهتمام.