تطور السياسة التجارية تستند على معطيات اقتصادية و لا يمكن لأي بلد تحقيق سياسة تجارية ما إن لم يستند على معطيات و أدوات مالية ممكنة ومن بين هذه المعطيات هو سعر الفائدة وهي الأداة الممكنة لقيام أي سياسة اقتصادية لأي بلد يريد الولوج إلى عالم الاقتصاد المعاصر و لا يمكن لأي منفذ اقتصادي أن يقرر مبدأ التوازن في أي اقتصاد بأن يبتعد عن هذه الأداة الممكنة في إصلاح الوضع الاقتصادي و دفع التضخم و أيضا الكساد في جسد أي أمة و لا تستطيع أي دولة في العالم إغفال معدل الفائدة في سياستها النقدية للحث خاصة على الاستثمار فما هو سعر الفائدة؟
هو الرسم النقدي الذي تفرضه الدولة في اقتصاد ممكن و سعر الفائدة هو حث الناس على العمل على الادخار لأموالهم في ظل التغيرات الحادثة فدينار اليوم ليس دينار الغد ونحن نرى أوقية بعد أن كان السعر في عام 1973 فقط 30 دولارا للأوقية و هكذا تندثر العملة الورقية التي لم تكن مألوفة إلا في القرن العشرين ..أي أن نقود اليوم ليست نقود العصر الأموي من الذهب للدينار الأموي من ثمة سعر الفائدة أداة فنية فقط للتعبير عن مستند القيمة الحاضر فليس دينار اليوم هو دينار الغد و الخطأ الذي وقع فيه شيوخ ( المادودي ) الذين شيعوا لاقتصاد مالي بعيد عن فلسفة الاقتصاد اليوم بالدعوة إلى تحريم سعر الفائدة و لا يعلمون شيئا عن معنى سعر الفائدة المصرفية و كأن هناك مصارف في العهد الإسلامي الأول تقرض الناس بفائدة … الربا كان حركة ابتزاز يقوم بها المرابون في سوق مغلقة لا حركة تجارية فيه و لا ادخار .. اليوم جميع مصارفنا أفرغت من الادخارات الركيزة الأولى للاستثمار و حرمت المؤسسة العامة سعر الفائدة في مصارفنا التجارية و بدأ الناس في الإنفاق على السلع الاستهلاكية من مدخراتهم دون ترشيد على مسار القول الشعبي: ( اللي عنده درهم امحيره يشتري حمام و يطيره ) اليوم اختفى سعر الفائدة من جميع المصارف التجارية مما دعا الناس إلى الاستنكاف عن دفع أموالهم إلى المصارف و خلت المصارف من أي سيولة اليوم و بدأ الناس في الزحف على المصارف ليحولوها إلى نوافذ صرف فقط casher و ارتفع التضخم إلى أرقام قياسية و تحولت البيوت إلى مخازن عملة معرضة للسرقة و الابتزاز و النصب و لم تعد بيوتهم آمنة ..
و الأخطر هو خلو السوق الليبي من عوامل الاستثمار و قفلت سوق الأوراق ( البورصة ) في ليبيا و ذهبت عوامل المساهمة في الشركات أدراج الرياح واندثر سوق الاستثمار كليا ..و ظل الليبيون يدفعون بأموالهم في البورصات التجارية الخارجية ..فالعملة تطورت من ورق إلى رقم في هاتفك بما يسمى ( العملة الرقمية ) فدينار اليوم ليس الدينار الأموي . ودينار اليوم ليس مخزونا للقيمة بل هو وسيلة للتبادل .. لقد حاولت فتح النقاش مع رئيس التشريع بمجلس النواب حول القانون رقم ( 1) لعام 2013 و لكنه استنكف عن النقاش .. و نحن نرى من مجلس القضاء الأعلى إصدار تشريع بعدم دستورية هذا القانون لإنقاذ البلاد من خطر داهم يفسد الحياة الاقتصادية و حرية التجارة المنصوص عليها في الدستور ..التي تجلت في دساتير كل البلاد ..من بيان هذه الصحيفة نريد الاستماع إلى مجلس القضاء الأعلى بالخصوص.