بقلم :: سالم البرغوثي
في كل صباح يكتسب الليبيون براعة أختراع جديدة للهروب من التوافق السياسي ..يفقدون صوابهم في لحظات الضعف وفي لحظات القوة.. يلجأون إلى باب الكوة (الخوخة) أوالباب الصغير اﻻحتياطي كمخرج لكسب الوقت وتحسين شروط التفاوض في انتظار سقوط اﻻخر .
في حرب 2006 على لبنان كان رئيس الوزراء اللبناني اﻻسبق فؤاد السنيورة يماطل المجتمع الدولي في وقف العدوان اﻻسرائيلي على لبنان لتدمير القوة العسكرية لحزب الله ﻻنهاء هيمنة الحزب على القرار السياسي اللبناني أعتقادا منه أن ذلك سيحسن شروط التفاوض مع الحزب بعد أن يفقد قوته العسكرية ويصبح من السهل تدجينه واحتوائه .
وفي جنيف 3.2 كان اﻻسد يبطيء في عملية التفاوض مع المعارضة إلى حين اﻻنتهاء من حلب وبذلك يكون الطرف اﻻقوى في المعادلة السياسية ويستطيع فرض شروطه على المعارضة للقبول بالمعطيات الجديدة على اﻻرض.
المشير حفتر المدعوم من القيادة المصرية تم استدعاءه للقاهرة من قبل المخابرات المصرية للقاء السراج الذي كان هو ايضا يبحث عن مخرج لﻻزمة السياسية معتقدا أن الولوج إلى مجلس النواب لنيل الثقة لن يمر إﻻ من بوابة المشير وهو تخمين في محله من الناحية السياسية ومن جهة اخرى فإن السراج يريد إحراج المشير وإغلاق كل المنافذ التي يستخدمها للهروب من حل اﻻزمة.
ورغم أنني على ثقة من أن الدبلوماسية المصرية والتي سلمت الملف الليبي لمخابراتها كما فعلت مع حكومة غزة كانت تريد أن يتم اللقاء كرسالة لدول الجوار وخاصة الجزائر بأن دبلوماسيتها مازالت في أوج قوتها لكنها في نفس الوقت ﻻتريد أن يتم التفاهم بينهما في انتظار متغيرات دولية جديدة.
إﻻ أن المشير وقع في فخ المخابرات المصرية التي كانت تختبر وﻻءه لها بعد أن شعرت انه بدأ يدير ظهره نحو موسكو ليخرج من الباب الخلفي لقصر القبة دون أن يعرف ماذا يحمل السراج في جعبته.
في مقابل ذلك كله فإن المشير الذي يفتقد للحاسة السياسية يعتقد ان انتصارته في بنغازي على المتطرفين اﻻسﻻميين واعتماده على دعم قبائل الشرق سيعزز من فرضية هيمنته على القرار السياسي في ظل قيادة ضعيفة ومهترئة للجسم التشريعي وﻻ حاجة له لمقابلة السراج في خطوة تنطوي على شخصية نرجسية ومعقدة وصدامية لكن الواقع السياسي الهش في برقة وتغول القبيلة قد ﻻيستقيم له خصوصا بعد إشراكه للسلفيين في وحدات الجيش والذين بدأوا في نشر فتاوي متشددة قد تطيح بالسلم اﻻهلي في الشرق وتفقده شعبيته التي اسسها على محاربة التشدد.
وكنت قد اعتقدت بعد فشل لقاء القاهرة من أن المجتمع الدولي سيبدأ في الضغط على المشير المغرد خارج السرب والذي يحمل في قبضته قرار مجلس النواب .
وﻻ اعتقد ان الغبار المتصاعد في خليج السدرة بمنأى عن هذا الضغط لخلط اﻻوراق وغلق باب الخوخة في وجه المشير .ويأتي ذلك من خﻻل تصريح السراج بأن حفتر وعقيلة صالح قد ارتكبا خطأ فادح في عدم لقائه ……