ببذخ الكلمات الحالمة والثائرة وترف المشاعر الغامرة

ببذخ الكلمات الحالمة والثائرة وترف المشاعر الغامرة

الملتقى العربي للنص المعاصر يودع ضيوفه ويختتم فعالياته المفعمة بالحب

متابعة : نيفين الهوني

اختتمت الأيام القليلة الماضية في دار الثقافة حسن الزقلي قربة بالشراكة مع دار الثقافة محمود المسعدي بتازركة الدورة الأولى للملتقى العربي للنص المعاصر والذي استمر على مدى ثلاثة أيام بين قربة وتازركة ففي دار الثقافة حسن الزقلي قربة كانت  فعالياته تقديم المعارض : عرض للكتب دار زينب للنشر ومعرض للفنون التشكيلية بعنوان” أجساد بلا آفة ” للفنانة الجزائرية عائشة سعيد حداد ومعرض للفنون بعنوان “بريشتي أتجدد ” إنتاج نادي الفنون التشكيلية  بالمركب الشبابي قربة إشراف المنشطة منى حمدان و امتنان إدريس ثم عرض مسرحي ثم أمسية منوعة بين النقد والإصدارات والقراءات الشعرية وأيضا تازركة تنوعت العروض بين مسرحية وموسيقية وشعرية وأدبية نقدية حيث أقيم في دار الثقافة محمود المسعدي تازركة  معرض  صور فوتوغرافية للأديب و المفكر  محمود المسعدي بعنوان “سيرة و مسيرة”

عروض مسرحية وزخم المعاني

مسرحية بعنوان “لدي فكرة ما” عن مجموعة كتابات للشاعر كمال بوعجيلة الشاعر محمود درويش الشاعر صغير أولاد أحمد و الشاعر محمد العربي إخراج الأستاذ منجي اللملومي وعرض مسرحي في الخفاء إنتاج مختبر المسرح دار الثقافة حسن الزقلي قربة إشراف الأستاذ منجي اللملومي.

واحة النقد والإصدارات الأدبية

مداخلة نقدية بعنوان” النص الأدبي المعاصر وإشكاليات التصنيف”  تقديم الدكتور شفيق الطارقي  تقديم مجموعة شعرية بعنوان “معطف لسيدة الرمل” للشاعرة إيمان الفالح  تقديم الشاعر رضوان العجرودي ومداخلة نقدية بعنوان “شعرية التفاصيل” للأستاذ مجدي بن عيسى و تقديم رواية “قارئة نهج الدباغين ” للكاتب سفيان بن رجب تقديم الكاتب و الشاعر لطفي الشابي

موسيقا  وغناء وفرح الحضور

 استراحة موسيقية : تأثيث الفنان أنيس بن كريم وهاجر البري  بعنوان  ” في أمل ” واستراحة موسيقية  مع الفنانة ميساء الخميري وعرض موسيقي لفرقة مدينة نابل للموسيقا العربية بعنوان :”فوندو”

ينابيع البوح في مشاركاتهم

وفائي ليلا (سوري مقيم بالسويد ) معز ماجد (تونس) سلوى لميس مسعي (الجزائر)                   إبراهيم زولي (السعودية )جمال الجلاصي( تونس) نسرين المسعودي( تونس) نيفين الهوني (ليبيا) أحمد زعبار (تونس) أفراح الجبالي (تونس) ) رضوان العجرودي (تونس) زهرة القاضي (تونس) مجدي بن عيسى تونس مثنى إبراهيم (العراق) لطفي الشابي (تونس) أميرة كرم (تونس) جميل عمامي (تونس) عائشة سعيد حداد( الجزائر)

ورشات ورسومات و تكريمات

ورشة في الفنون الجميلة (Portrait) للكاتب و الروائي محمد عيسى المؤدب تأثيث الفنان نعيم عامر ورشة في الفنون الجميلة(Portrait) للفنان المسرحي المرحوم إسماعيل بوسلامة  تأثيث الفنان مثنى إبراهيم وتكريم المسرحي إسماعيل بوسلامة (تقديم الأستاذ منجي اللملومي) وتكريم الروائي،  والكاتب محمد عيسى المؤدب تقديم الكاتب محمد العربي.

وعلى هامش الملتقى كانت حصيلة انطباعات الحضور كالآتي:

الشاعر والإعلامي التونسي أحمد زعبار الذي أهدانا نصا بالمناسبة معبرا عن فرحه بالملتقى وتأثيث الحضور الباذخ حيث قال :

لأنها الأساس وليست تكملة للذكورة.

لا تقلْ لحبيبتك: سوف أمسح عن جفونك كلَّ دمعهْ

وأضيئ قلبي في ظلامك مثل شمعة

كن حارس بهجتها

وامنع الحزن عن عَيْنَيْها

قبل أن يصل إليها

لا تقلْ لحبيبتك:

تعبٌ هي الدنيا وأنا لك الحضن المُريحْ

ازرع الأملَ على أحلام بهجتها

وافرش القلب لها كي تستريح

لا تقل لها:

أنتِ شفائي, بلسمي لجروحي

كن لها المعنى الذي في الجسدِ

نفخة الروح التي في الروح

لا تقل لحبيبتك

أنتِ ملكي

دربيَ دربكْ

قل لها: ليتني نبض السعادة كلّما ينبض قلبكْ

لا تقل لحبيبتك

سوف ننعم في رحاب الآخرة

لا تبعها الصبر والأوهام والحرمان من خلف القطيعْ

وأعطها من روحك ما تستطيعْ.

الشاعر السوري وفائي ليلا

لا أعرف كيف يمكن للمرء أن يختزل أحاسيسه ومشاعره المتأججة لثلاثة أيام متتالية من  الحب والجمال والمتعة، من الموسيقا والثقافة والفكر. تلك الجرعة العالية من نكهة تلك البلاد التي تتقن طعومها،  وروائحها، وأبوابها، ونوافذها، وناسها. هكذا حدث الأمر لي ببساطة كمن يستنشق رائحة دمشق التي غادرت ذات ألم إلى هواء بلاد أخرى تشبهها وتكاد تتطابق معها ولا أعرف كيف أو لا أستطيع أن أفسر. وجوه تعرفها هنا وتلتقيها، هي ذاتها تلك التي لا تستطيع أن تعود إليها كي تضم وتعانق.  يعوضك هذا الحنين والرفق ويكون ملاذا . شيء فاتن أن يرحب بك الجميع  كما لو أنك عشت هنا  منذ أبد، كل الوجوه من دول عربية مختلفة توحدها  اللغة العظيمة تلك والرائعة والتي نحاول من خلالها أن نقول كلنا بلهجات هي تنغيم على إيقاعات ومقامات الروح لا أعرف كيف أختزل لكن كان ساحراً هو ذاك المكان، ترحاب “محمد العربي” الذي يشبه اسمه، وكل الأيدي التي صافحتني والعناقات التي هي أكثر من أهل. الكثير من الأحاسيس والكثير من الشكر لكل ما صادفته أو من التقيت به شعراء وشاعرات ومثقفين وإداريين ممتازين،  وأن يبدأ مقام العشق ومشواره بوجود من يعزف لنا الموسيقا ليذكرنا بتونس التي لا نعرف، ويعدني أنا بالذات بيوم أخير مميز لم أستطعه لأن الطائرات مستعجلة على الدوام وبلاد الغير دقيقة وصارمة بمواعيدها. لقد كان هناك ولثلاثة أيام متتالية الكثير من الأنشطة كان أميزها أولئك  الشباب والشابات الذين  اعتلوا المسرح وأذهلونا بصدقهم  واحترافيتهم  ودقة انضباطهم لخدمة الجمال والموسيقا والأداء والشعر مدهشة كانت تلك البساطة مدهشة كانت تلك الألفة ومتقن كان هذا التنظيم ومتابعة كل تفصيل بسلاسة لم نعهدها في مهرجانات أخرى، وسؤال “العربي” لنا طوال الوقت عن رأينا وحالنا، وهل نحن على ما يرام؟. في البداية كان هناك زيتونة لفلسطين زرعت  بالجوار وكانت تنتظرنا، صافحتنا وذكرتنا بنا، ومن ثم مكان بسيط للرجل الذي قاد الثقافة كما عرفونا عليه ” محمود المسعدي” في متحف قريب نحتفي بدارته التي أسس شعراء وشاعرات يتقنون ذواتهم ويقتربون منها أكثر كي يقولوا الحرية

التي تلتمع في أرواحهم النضرة، ضحكاتهم وكل تلك الطيبة والاختلاف كذلك. لن أذكر أسماء لأنني أخشى أن أنسى أحدها سأتذكر فقط معهم وبجوارهم نساء خمسينيات على الأرجح في الشارع القريب يعملن في تنظيف المكان تحت شمس حارة، يلوحن لنا نحن الغرباء الذين نتحسس أيادينا الناعمة حيال أياديهن الخشنة وعيونهن التي تلتمع رغم تغضن جلدهن الخجول والحييّ سأتذكر عاملات الفندق وعمالها الذين يعملون بدأب مهذب للغاية سأتذكر الورد الذي تركنه رسالة على شراشف البياض في غرفنا التي تشرق بالضوء سأتذكر شجيرات الياسمين الأفريقي المعتد برائحته والذي ينافس الشام بقوة وصلف مغرور. سأتذكر طعم الأكل الذي يتقن التونسيون إضافة أكسير خاص له من خلاصة الورد ليصير طعام يشبه طعام أهل الجنة إن لم يفقه. سأتذكر سوقا طويلا للفخار الملون وللأبواب المذهلة التي تُغلق على حكايات وأسرار الناس، الشاي التونسي، الذوق واللطف الآسر ذاك سأتذكر حمامات غارقة قرب البحر فسيفساء سمك وأطفال يعبثون وامرأة قرب حصان وكهل يفتح لنا أزرق البحر وأبوابه كي نلمس التاريخ. الشاعرات اللاتي يلتقطن لي الصور لأنهن ينتبهن أنني غير موجود تماماً في المشهد، يؤكدن حضوري بالرفق والاهتمام  والتربيت. أريد أن أشكر كثيراً… سوى أنني عاجز هذه البلاد هي أهلها، آمل أن تكون أيامهم  الآتية أجمل لأنهم جديرون بالحياة ويتقنونها  أغادر تونس، ثم أتحسس نفسي بعد يومين كمن يصحو من حلم يا إلهي هل غادرت؟

الشاعرة الجزائرية سلوى لميس مسعي

ملتقى النص المعاصر بنابل التونسية كان فرصة لاكتشاف المدينة وطبيعتها الخلابة فهي الأولى التي عانقت لقاءنا ككتاب وفنانين ولا شك في أنها ترجمة للتعدد والتنوع الذي صبغ التظاهرة كأن المنظمين ترجموا جمالية المكان على النص بوصفه تيمة التظاهرة وانعكاس لانفتاحهم على التنوع والاختلاف في نفس الوقت وذلك من خلال ما تم اختياره كبرنامج خاص استثنائي للتعريف بالنص الأدبي وسياقاته الفكرية وانسياقه ضمن الفنون الأخرى على غرار الموسيقا والمسرح والفن التشكيلي والتعابير الجسدية التي لا محالة ترجمت النص وعبرت عنه في عزلته الأكيدة لقد كان الملتقى موسعا حيث مكننا من الإنصات لقراءات شعرية من دول عربية وعرب من المهجر على اختلاف طقوسهم ثبتوا جميعا في نقطة واحدة وهي شعرية الإنسان بوصفه فاعلا في تحريك المسافة وبلورتها وتطويعها، نجح المنظمون إلى درجة كبيرة في توطيد علاقة النص الأدبي بباقي الفنون تطبيقيا في انتظار أن تتكرر الفكرة في ربوع أخرى وفضاءات أخرى شاكرة سعي كل من أثث لهذه التظاهرة التي نجحت في نظري إلى حد بعيد في وقت قياسي لخص أهمية التيمة وضرورة النظر في فكرة التمازج بين مختلف الفنون التعبيرية وأقول “برافو” للسادة محمد العربي شاعرا وإنسانا والسيدة زهرة سليمان إدارية حنكة، مؤكدة أن المثقف الحقيقي هو من يشعل شمعة وسط الظلام ولو كان وحيدا كنص .

الفنان التشكيلي العراقي مثنى نينوى

المهرجان العربي للنص المعاصر في دورته الأولى أبهرني بحجم الأسماء وثقلها والطيف العربي المشترك وفرحتنا بعروبتنا وأنها من جمعتنا حيث حلقنا سوية على جناح لغتنا العربية وغرد الكل بها أجمل الكلمات فكان الشعور الأخوي حاضرا في ذاك الجمع وصرنا نرى وطنا عربيا واحدا وكأن الحدود أزيحت وكأن الخُضرة في تونس انسالت ليصبح الوطن العربي أخضرا كله والتحمت سُمرتنا وعروبتنا وصرنا سويا نصدح بأجراس لغتنا الجميلة ونغرد نواقيس قصائدنا تارة تفرحنا وتارة تبكينا وعندما مررت بخاطري فوق فلسطين غردت لها قصيدة في وحي اللقاء ومن نسج الحدث الواقع فقلت لها

نقف دقيقة صمت على أرواح شهداء فلسطين…

ثم نجلس ثانية مثلما جلسنا منذ الثمانية والأربعين …

أتذكرون فلسطين

أتسمعون ذاك البكاء وذاك الأنين

أتعرفون حيفا ويافا وجنين …

أنسيتم القدس ودير ياسين…

وهناك وفي المهرجان وُكِل لي أن اقدم مفاجأة برسم لوحة لأحد  الرواد  المسرحيين الذين توفوا وبقي إرثهم وحبهم بين أهلها وهو إسماعيل بوسلامة وقد أرسلت لي ثلاث صور له واخترت واحدة لرسمها وكان الوقت حرجا جدا ولم أتخيل أني سأرسمها في يومين وكأن روحه الطاهرة وحب الناس له قد حركت فرشاتي لتخرج لوحة مبتسمة قالت عنها أخته إنها تشبه بسمته لحظة وفاته ويوم أدخلت اللوحة لمركز حسن الزقلي في قربة تفاجأت بطفل يقف قربها ويبكي فإذا به ابنه وعندها بكيت معه ولولا أن الألوان لم تكن جافة خلت ذاك الطفل أنه سيحضنها واقتربت عائلة الفنان وابنه المسرحي كذلك لأرى في عيونك مشاعر الامتنان والحنين وهنا شعرت لأول مرة بطعم أن لوحتي تحرك مشاعرا وتنزل دموعا فكانت فرحتي لا توصف عندها غردت شعرا  فيه من الحب والحياة والأمل لتكون المداخلة الشعرية الثانية.

الشاعرة التونسية نسرين المسعودي.

عموما أنا محظوظة جدا بحضوري في الملتقى بصفة الشعر وكذلك كانت فرصة مهمة للتعرف على شعراء عرب و أصدقاء افتراضيين .الشعر كان مساحة لتقريب المسافات و الأفكار والثقافات المختلفة

سعدت باكتشاف أصوات نسائية محترمة و نصوص متنوعة و شعر من كل لون و روح. كان الاستقبال محترما و الإقامة مريحة والتواصل في المجموعة أكثر من رائع .دمنا بخير و شعر و محبة و ألف مرحبا بكل الشعراء في ربوعنا الخضراء و سعيدة جدا باللقاء. مرة أخرى يحقق النص ما لا تحققه السياسة بين الشعوب و هنيئا لنا بالكلمة و بالفكر و بالفن و شكرا لكل من عمل على إنجاز هذا الملتقى السخي والمختلف.

ومسك الختام الشاعر والمبدع ومدير دار الثقافة تازركة محمد علي العربي تحت إشراف المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بنابل أقامت دار الثقافة حسن الزقلي قربة بالشراكة مع دار الثقافة محمود المسعدي بتازركة الملتقى العربي للنص المعاصر هو تظاهرة ثقافية أدبية بالأساس امتد طيلة ثلاثة أيام و تستضيف ثلة من المبدعين التونسيين و من الوطن العربي.

وتعنى هذه التظاهرة في دورتها التأسيسية بالنص المعاصر وإشكاليات التصنيف وتداخل الأجناس الأدبية و انفتاح الأدب على الفنون الأخرى (مسرح .فن تشكيلي . موسيقا .سنيما) واحتفاء بالإصدارات والكتب الأدبية. و بذلك تكون هذه التظاهرة منصة للتعريف بأهم التجارب الإبداعية تونسيا و عربيا .و استضافت هذه الدورة شعراء و مبدعين من الجزائر ليبيا العراق السعودية و سوريا في إطار التفاعل و اكتشاف هذه التجارب الإبداعية الحداثية نظرا لقدرة الأدب و الفن عموما على ترجمة مشاعر و هواجس مجتمعات بشرية تحلم بالعيش و التواصل و لما يمثله الأدب أيضا من تصوير للتغيرات المهمة في النظم الاجتماعية خصوصا تلك التغيرات التي تدل على الحركة نحو أهداف الحرية و العدالة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :