عثمان البوسيفي
الالتزام بالكتابة كل أسبوع في ظل بيئة تجعلك تركض كل يوم خلف أسئلة تطاردك بشراسة وفي الأغلب لا تمنحك فسحة للتنفس والحصول على إجابة تحتاجها . إذا أردت السفر إلى القارة الجنوبية فيما يسمى بالدولة الليبية فإنك بحاجة إلى معرفة أن أسعار الوقود هناك في تلك (القارة) غير تلك الأسعار في الشطر الشرقي والغربي وأنك في حاجة إلى أن تكون جيوبك ممتلئة بالنقود والأفضل ألا تكون موظفا في الحكومة البائسة فمرتبك بالتأكيد لن يفي بالغرض . وإن جل محطات الوقود هناك هي للزينة في الوقت الحاضر ومرات قليلة جدا يفتح بعضها والصورة طوابير طويلة وحينها أنصحك بقراءة فسانيا المدرسة الإعلامية الوحيدة في تلك البقعة المسكونة بالطيبة والعقارب .
خبر إنشاء مصفاة نفطية في الجنوب عمره قديم ولكن الحكومة فيما يبدو تريد شراء أصوات الناخبين للانتخابات التي فرضتها أمريكا ومع ذلك صفق البسطاء وهللوا برغبة الحكومة المؤقتة في إنشاء المصفاة وتوفير الوقود للحالمين بتوفره بسعر يشبه سعر نظرائهم في الوطن الذي لم يعد وطنا . الصعوبات لا تقف عند خزان وقود سيارة متهالكة إن توقفت لن يجد الإنسان هناك كيف يصل لرغيف خبز فقد كل شيء بل الصعوبة في طرق بائسة قد تموت فيها زوجتك وهي تغادر قريتها الصغيرة للبحث عن مستشفى يحقق لها ولادة شبه آمنة وهو بعيد عنها بمسافة تزيد عن مائة كيلومتر وفي أحيان كثيرة أكثر ويستغرق ساعات هي ساعات فارقة في حياتها وحياة جنينها المكسين .
قد يقول قائل الحياة ليست طرقا وبنزينا بل خدمات متنوعة تساهم في إبقاء بعض البشر في أمكنة الحياة فيها قاسية جدا مثل ما أتحدث عنه أنا في كلماتي هنا . الكتابة عن الذين يقيمون هناك يمارس في قمع وتعذيب وكل الأسئلة تتراكم وينطلق منها مثلا سؤال كيف هو حال المدارس هناك وهل بها نوافذ للشتاء القادم ؟ تبا لي كم أنا رجل غبي أسأل عن حال التعليم في بلاد مسؤولوها وظيفتهم الأولى والأخيرة نشر الظلام وسرقة الأحلام ولن يفكر مطلقا في إصلاح نافذة أو رصف طريق متهالكة . يا الله كلما حاولت الكتابة عن أشياء مبهجة في هذا الوطن القاتل أقع في مطب الألم والحزن والبؤس .. اعتذاري الشديد من قارئ ينتظر البهجة من كاتب بائس مثلي ..