تقرير :: أسمهان رجب الحجاجي
تعرضت خطط و مشاريع التنمية التي شرعت الدولة الليبية في تنفيذها إلى التعطل التام بسبب الظروف القاهرة المصاحبة لتغير النظام السياسي في ليبيا الأمر الذي أثر سلباً في مجمل جوانب الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و الخدمية ومن هنا برزت الحاجة الملحة لجمع الأطراف ذات العلاقة من أجل حل أهم المسائل العالقة من خلال مؤتمر يسلط الضوء على الصورة الواقعية لهذا الملف و تحريك الماء الراكد و الوصول إلى الحلول الناجعة التي من شأنها تفعيل العمل و إيجاد أرضية مشتركة تضمن الحقوق المكتسبة لكل الأطراف و الدفع بكل ما من شأنه إنجاح خطط التنمية في ليبيا على المدى القريب و البعيد.
و بالنظر إلى حجم الأعمال و التعاقدات المبرمة مع الشركات التركية ، و التي تأسست على خلفية الخبرة و المهنية و السمعة الطيبة لنوع و حجم الأداء ، و التي تعود إلى مطلع السبعينيات من القرن الماضي ، حيث ساهمت مئات الشركات التركية في إنشاء و بناء مشاريع الإسكان و المقاولات و البنى التحتية و الخدمات بشكل كبير و ملحوظ ، صار لزاماً الحفاظ على هذا الموروث الغني بالإنجازات من ناحية ، و استثمار هذه العلاقة في مساهمة المؤسسات و الشركات التركية في خطط التنمية للمرحلة القادمة من بناء ليبيا الجديدة .
عُقد خلال الأيام الماضية بإسطنبول في تركيا المؤتمر الليبي التركي للتنمية والاستثمار برعاية مصرف الجمهورية تحت شعار ( شراكة ليبية تركية ناجحة) ومن أهم محاور المؤتمر :
المحور الأول/ الدور الحكومي
استشراف رأي الحكومة الليبية و التركية بالخصوص واستشراف رؤية التحكيم الدولي في القضايا المرفوعة في المحاكم.
كما تم خلال المؤتمر حصر و تقييم الأضرار التي طالت الأطراف المتعاقدة في تنفيذ مشاريع التنمية في ليبيا وحصر وتقييم المشاريع غير المنجزة أو غير المكتملة ، والتي تمثل أولوية للمجتمع الليبـــي .
بالإضافة إلى تحديد و تقييم الوضع القانوني ( المحلي و الدولي ) لمشاريع التنمية و التعاقدات المتعرقله
أما بخصوص المحور الثاني/ رؤيــة ليـبـيـا فقد تم عرض الآليات الجديدة لتمويل مشاريع التنمية .
و يهدف المؤتمر إلى دعم الحفاظ على استمرار أواصر العلاقات بين البلدين واستثمارها بما يخدم الشركات المنفذة لخطط التنمية في ليبيا خلال الفترة القادمة
استعراض تاريخ العلاقة الليبية التركية في مجال التنمية و المشاريع .
وربط فعاليات القطاعين العام والخاص في البلدين لإقامة شركات ناجحة وهادفة .
كما يهدف إلى تسليط الضوء على أعمق المشاكل القائمة في مجال مشاريع التنمية و استعراض خطط و آليات الحلول العملية تجاهها .
بالإضافة إلى استعراض التشريعات و القوانين النافذة و المعدلة التي تدعم و تفتح خارطة الطريق أمام التسوية الإدارية و المالية لكل الأطراف .
دعوة المؤسسات ذات العلاقة للمشاركة في صناعة الحلول العملية من خلال ورش العمل المصاحبة للمؤتمر .
واستعراض خطط التنمية الجديدة المقررة في ليبيا و دور الجانب التركــــي منهــا .
تدارس التجربة التركية في التنمية والاستثمار وكيفية نقلها إلى ليبيا .
وخلال مشاركة مصرف الجمهورية في فعاليات هذا المؤتمر أكد “زايد العثماني” مساعد المدير العام لمصرف الجمهورية أن رعاية مصرف الجمهورية للمؤتمر الليبي التركي، تأتي من قناعتنا التامة بأهمية الدفع بمشاريع التنمية والاستثمار عن طريق وضع الخطط والرؤى لإعادة الشركات التركية إلى العمل في ليبيا و أن مثل هذه الملتقيات تساهم في وضع آليات التعاون بين البلدين في مجال الاستثمار و الإعمار .
نظرا لأهمية دور المصرف في الدفع بعجلة الاستثمار باعتباره من أكبر البنوك الليبية على المدى القريب والبعيد.
قام عدد من الشركات التركية المعروفة بمجموعة (الدك) التركية وبعض الشخصيات المصرفية وشركات الاستثمار والمقاولات بزيارة جناح مصرف الجمهورية ، وتم الحديث مطولا في مختلف الجوانب الاقتصادية والتنموية والاستثمارية
وفي افتتاح فعاليات المؤتمر قال نهاد زيبكجي وزير الاقتصاد التركي إن مسؤولي بلاده سيجلسون مع الحكومة الليبية لوضع اللمسات الأخيرة على المشاريع التي نفذتها الشركات التركية، وبحث إنجاز مشاريع جديدة.
وقال زيبكجي لدى تعليقه على مشاكل المقاولين الأتراك في ليبيا “سنجلس مع الحكومة الليبية، لتصفية المشاريع التي أُنجزت أولا، ومن ثم النظر فيما يمكن القيام به بسرعة حول المشاريع التي يمكن العمل عليها”.
وتابع: “الحكومة الليبية ستحدد أولوياتها، ونحن سنقوم بما يقع على عاتقنا من مهمات وفقا لهذه الأولويات”.
وأشار إلى أن “تركيا وليبيا بلدان يكملان بعضهما، ولا يمكنهما أن يكونا منافسين لبعضهما”.
وتضررت القطاعات الاقتصادية في ليبيا، خلال السنوات التي أعقبت الثورة في 2011 والإطاحة بالعقيد الليبي معمر القذافي، مما أدى إلى خروج غالبية الاستثمارات الأجنبية من البلاد، فضلا عن تضرر استثمارات الشركات الأجنبية بما فيها التركية.
وأوضح أن هدف تركيا هو تطوير العلاقات الاقتصادية مع أفريقيا لتحقيق النفع بشكل متواز لكلا الطرفين، ورفع العلاقات الاقتصادية إلى أعلى المستويات.
وأوضح “أن حجم التجارة الخارجية لتركيا مع قارة أفريقيا، ارتفع من 2.5 مليار دولار إلى 25 مليار دولار في الوقت الراهن، وهذا غير كافٍ بالمطلق، هدفنا زيادة حجم التبادل التجاري إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف في أقصر وقت ممكن”.
وأشار إلى أن تركيا أعلنت في 2003 الانفتاح على أفريقيا، حيث كان لتركيا 12 سفارة في القارة الأفريقية في تلك الفترة، أما اليوم فقد وصل عدد السفارات التركية هناك إلى 41 سفارة، ولتركيا ملحقيات تجارية في 26 دولة أفريقية.
وبيّن أن شركة الخطوط الجوية التركية كانت تنظم رحلاتها إلى 7-8 بلداً إفريقيا، أما في الوقت الراهن فقد بلغ عدد النقاط التي تنظم الخطوط التركية رحلاتها إليها في أفريقيا قرابة 50 نقطة.
ولفت إلى أن أكبر شركة في قارة أفريقيا من ناحية التوظيف هي شركة تركية، إذ توظف أكثر من 10 آلاف شخص في أثيوبيا، مبيناً أن الشركة تعمل في الوقت الراهن بمشروع استثماري جديد بـ300 مليون دولار، حيث سيتم من خلاله تشغيل 12-13 ألف شخص.
كما أعلن وزير الخارجية بالحكومة الليبية محمد سيالة خلال هذا المؤتمر ،عن تشكيل لجنة مشتركة بين ليبيا وتركيا للتعاون الاقتصادي والاستثمار بين البلدين.
وأضاف سيالة أن اللجنة ستدرس وضع الشركات التركية العاملة في ليبيا.
وقال إن هذه الخطوة ستساهم في دفع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
وأشار سيالة أن مستوى العلاقات السياسية بين البلدين أتاح الفرصة أمام الشركات التركية للمساهمة في تنفيذ المشاريع في ليبيا وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وتنفذ تركيا عديد المشروعات في ليبيا لا سيما في مجال الكهرباء، إذ تتعدى قيمة المشاريع في القطاع 3 مليارات دينار ليبي (نحو 2.25 مليار دولار أمريكي)، بحسب ما صرح به في وقت سابق المهندس عبدالمجيد حمزة رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء في ليبيا.