بين الاحتفاء و جدل الحفاظ على الهوية ، هل يحتفي الليبيون بالعام الميلادي الجديد؟

بين الاحتفاء و جدل الحفاظ على الهوية ، هل يحتفي الليبيون بالعام الميلادي الجديد؟

تقرير : بية فتحي خويطر

_الاحتفال بالعام الميلادي: فرحة جديدة أم تقليد مرفوض؟

—”العام الميلادي الجديد” كيف نحتفي دون أن نفقد هويتنا؟

في كل عام، يستعد الكثيرون للاحتفال بالعام الميلادي الجديد، لكن هذا التقليد يثير جدلاً واسعاً في المجتمعات الإسلامية، حيث يواجه بانتقادات تتعلق بمدى توافقه مع القيم والمبادئ الدينية. في هذا الاستطلاع، نستعرض آراء مجموعة من الأفراد حول الاحتفال بالعام الجديد، لنفهم كيف ينظرون إلى هذا التقليد: هل هو فرصة للفرح والتفاؤل، أم أنه يمثل تأثيرات ثقافية دخيلة؟

محمد مسعود معيوف الفايدي، رئيس قسم الموارد البشرية بمكتب العمل والتأهيل سبها، يرفض الاحتفال بالعام الميلادي، مشيراً إلى أن هذا التقليد يتعارض مع العقيدة الإسلامية ويعتبر دخيلًا على المجتمع.

بينما ترى أمينة إبراهيم ، ناشطة مدنية، أن الاحتفال يمكن أن يكون شخصيًا وغير تقليدي، لكنها ترفض الأنماط التقليدية التي لا تعكس هويتها الثقافية.

حواء الحداد، طالبة في الثانوية، تؤكد أن الاحتفال بالعام الجديد لا يمت بأي صلة لدينها، وتعتبره مجرد مظاهر جوفاء تهدف لإبعاد المسلمين عن قيمهم.

وتشير إلى أن “الغرض من نشر مثل هذه المظاهر هو زرع ثقافات دخيلة تدريجيًا، حتى نصل إلى مراحل متقدمة من إبعاد الجيل عن الدين  الإسلامي وزرع ديانات أخرى.”

وبحسب قولها  توضح الحداد أن “انتشار الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ، تلعب دورًا كبيرًا في إغواء الجيل الجديد لتطبيق واتباع مثل هذه المظاهر، التي تحمل دوافع مبطنة.”

أما  أحمد الكيلاني ، ناشط حقوقي، يرى أن الاحتفال يعتبر تشبهًا بالكفار ويشكل خطرًا على الهوية الإسلامية.

وعبّر الكيلاني عن رفضه للاحتفال بالعام الميلادي الجديد، لأنه ليس له أصل في الإسلام، وهو من البدع التي بيّنها أهل العلم.

ويؤكد الكيلاني أن مثل هذه الأحداث، مهما يراها البعض عادية، تؤثر تأثيرًا كبيرًا وسلبيًا على هويتنا، خاصة في ظل ضعف الثقافة الإسلامية لدى البعض.”

ويشدد على أن “هذا التقليد الدخيل قد يقودنا إلى عادات أخرى نفقد فيها تقاليدنا وتعاليمنا الدينية.

من جهة أخرى، أحمد إلياس ، المقيم في سبها، يعبر عن رفضه للاحتفال بسبب الاختلاط والفوضى المصاحبة له، لكنه يؤمن بضرورة معالجة هذا الموضوع تربويًا ودينيًا.

تقول الصحفية منى شها : “في السابق، كنت أحتفل بالعام الميلادي الجديد لأنه يمثل فرصة للتفاؤل ببداية جديدة وتجديد الأهداف والطموحات. وتضيف نحن نحسب أعمارنا وفقًا للتقويم الميلادي، ونعتمد عليه في تحديد السنة الدراسية أيضًا، مشيرة إلى أنها لا ترفض الاحتفال، ولكنها لم تعد تحتفل مؤخرًا قد يكون السبب هو عدم الاهتمام بالمناسبات العامة.

وتؤكد أن “الاحتفالات ليست بالضرورة تهديدًا للهوية الثقافية، بل يمكن أن تكون فرصة لإظهار التعددية الثقافية ، مع الحفاظ على الأصالة ويمكن دمج الاحتفال بطابع محلي يعكس قيمنا وتقاليدنا.”

سلمى عبدالله عمر تضيف: “لا أرى حرجًا من الاحتفال بالتاريخ الذي وثقت به كافة مستنداتي الرسمية، بما في ذلك تواريخ ميلادي وميلاد أهلي، بل والعالم الإسلامي أيضًا.

موضحة أن الاحتفاء بالسنة الميلادية الجديدة، وهي ميلاد السيد المسيح، لا يعني الكفر بالدين الإسلامي الحنيف ولا يحق لأي شخص توجيه تهمة الكفر للمحتفلين إذا لم تتضمن مظاهر مخالفة لديننا ، كشجرة الميلاد وغيرها  من الطقوس الدخيلة على مجتمعنا .”

وتعتبر سلمى أن “الاحتفاء يمثل الاستبشار بالعام القادم، عسى أن يحمل لنا المغفرة والصحة والعافية.”

أما زهرة موسى فتقول: “إذا كان المقصود الاحتفاء بالكريسماس، فلا، لا أحتفل به لكن عندما يتعلق الأمر بقدوم عام جديد، فإنني أفرح كثيرًا ببدايته. بداية العام تحمل شعورًا متجددًا بالأمل والطموح، مما يجعلني أحتفي بها.

وتضيف ، أحب إعداد قائمة أهداف أسعى لتحقيقها على مدار العام، مما يضفي على المناسبة طابعًا مميزًا وشخصيًا.”

وتوضح زهرة:  لا يمكنني القول إنني أرفض الاحتفال، معتبرة أن الاحتفالات تلعب دورًا مزدوجًا؛ فهي تفتح المجال للتواصل مع ثقافات أخرى، لكنها قد تطرح تحديات أمام الهوية الثقافية. مؤكدة أن التوازن بين الانفتاح على العالم والتمسك بالجذور الثقافية يبقى مفتاح الحفاظ على الهوية.”

وعن كون الاحتفال بالعام الجديد تقليدًا دخيلًا على المجتمع الليبي، تقول: “ليس دخيلًا تمامًا بالمعنى الحرفي  أذكر جيدًا أننا منذ الصغر كنا نحتفي ببداية العام الجديد، بطريقتنا الخاصة. كنا، أنا وصديقاتي وزميلات الدراسة، نجمع المال لشراء كعكة وبعض العصائر. كانت تلك لحظات مليئة بالبهجة، وقد نتخللها بالغناء والضحك.”

مشيرة إلى أنها  “مع مرور السنوات، تغير مفهوم الاحتفال بالنسبة لي أصبح أكثر شخصية ،  فأنا الآن أحتفي بإنجازاتي مهما كانت صغيرة، وأضع أهدافًا جديدة لتحقيقها في العام المقبل.”

عائشة علي من مدينة مصراتة، ترفض الاحتفال بأي مناسبة تثير الجدل، مشددة على أهمية “اجتناب الشبهات”. تعبر عن اعتقادها بأن الاحتفاء بمثل هذه المناسبات قد يسبب ارتباكًا ثقافيًا ويبتعد عن القيم الأساسية.

تقول رتاج الشريف من مدينة بنغازي : “أفتي قلبي في كل ما يكثر حوله الجدل، ولا أرى حرجاً في الاحتفاء ببداية جديدة . وتؤكد أن الاحتفال لا يتطلب الانغماس في العادات والتقاليد النصرانية، بل يمكن أن يتم بشكل يتماشى مع الهويات الثقافية الأخرى.

أما مصعب القمودي ، فيرفض الاحتفاء بشكل قاطع، مُعتبرًا أن ذلك يُمثل “تقليداً أعمى” ويتساءل مصعب: “لماذا دائماً نحن من نتأثر بتقاليد خارجية، ولا يتأثر بنا أحد؟ لماذا نحن الحلقة الأضعف حتى في الحفاظ على هويتنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا؟

أوضحت مريم الورفلي أنها كانت في السنوات الماضية تنتظر قدوم ليلة رأس السنة لمتابعة علماء الفلك وتوقعاتهم حول المستقبل والأبراج  ، ولكن مع مرور الوقت، أدركت أنها كانت مخطئة، وأن الانغماس في مثل هذه الأمور قد يُدخلها في الغيب والشرك.

وحذرت الورفلي من متابعة هذا النوع من المحتوى، مُشيرةً إلى أهمية الابتعاد عن أي مناسبة لا تخص الإسلام وعدم الانجرار وراء تقاليد وعادات قد تؤثر سلبًا على العقيدة.

ومن جهتهما ، أصدرتا  مديريتي  أمن سبها وطرابلس تحذيرًا من بيع أو الترويج أو الدعاية لأي أشياء متعلقة بالاحتفال بالعام الميلادي الجديد. وأكدت المديرية أنها ستقوم بتسيير دوريات على المحلات لضبط المنتجات المرتبطة بعيد ما يُسمى برأس السنة، مثل شجرة الميلاد، وتمثال بابا نويل، والصليبان.

وأعلنت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية فتوى تتعلق بالاحتفاء بالعام الميلادي ، حيث أكدت أن هذه الاحتفالات تُعتبر منكرًا . وأشارت إلى أن هذه الممارسات تم استحداثها من قبل النصارى وهي تشبه البدع الأخرى التي ظهرت بعد فترة من عهد الأنبياء.

وأوضحت الهيئة أنه لا يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، ولا المشاركة في تلك الاحتفالات، مؤكدة أن هذا الأمر يُعتبر محرمًا شرعًا.

تتباين الأراء في كيفية فهم الاحتفال بالعام الميلادي الجديد في المجتمع الليبي ، بينما يعتبر البعض أنه تقليد دخيل، يرى آخرون فيه فرصة للتعبير عن الفرح والانفتاح على العالم .

يبقى السؤال مفتوحًا: كيف يمكن للمجتمع أن يتعامل مع هذه الظاهرة بشكل يتماشى مع قيمه وتقاليده؟

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :