بقلم : محمد ابو عجيلة
إن أجمل ما يمكن أن يحدث لك أن تجد نفسك في مدينة تقع بين حضارتين وتبتعد ابتعاداً كُلياً عن الحضارتين ، فبينما البحر من أمامنا والريف من خلفنا وعن(جنباتنا) ،إلا أن علاقتنا مع السماء أقرب من الأثنين!
أيها الأحبة
اُحييكم من مدينة التاريخ حيث البرتقال يثمر بطريقة أسطورية وتقطع الأشجار وينمو الاسمنت وتمشي الأبقار بشكل ساخر في (باحات المساجد) ، فلا يمنع هذه المدينة ذات الأبنية المربعة والمطبات الكثيفة من أن تغرس رجليها في نهاية الجبل وتنمو على الكهوف ،حيث يمكننا أن نستمع إلى راديو اليونان العظمى أو نستمع إلى تراثيات الجبل…
في هذه المدينة الجميع على يقين بأن وراء هذا البحر الأزرق القارة الحلم وأيضاً الجميع يعلم أنّ الذين يبيتون ليلتهم في منطقة (اشنيشن) قلوبهم تنبض وحناجرهم تصدح بغناوة العلم..
في الحقيقة أن هؤلاء صادقون جداً حتى في تعاملهم وسخريتهم من المثل القائل : (رب صدفة خير من ألف ميعاد)،هؤلاء يلتقون بك عمداً خيرا لهم من صدفة قد لا تجمعهم بك.
تائهون نحن في هذه المدينة ، فاللصوص عبثوا بعظام الامبراطوريات وبقشة ترك رسالة لحبيبته وعاشق مني يخبرنا جميعاً بعشقه وكثيرون تحولت أكواخهم إلى قصور ومازالت هذه المدينة تحتضننا..
أننا بحاجة لمن يصنعون الحياة .. بحاجة للذين يفضلون أن يتعايشون مع ( العرعر والبطوم) ،لا تلك الأبراج الوردية التي لا تصنع لنا الأكسجين ولا حتى حياة بمذاق (رب الخروب*).
من هنا ومن وادي العيش اُحييكم واخبركم ،أننا في كرنفال حقيقي يجمع بين اللص والعاشق في قاعة كبيرة تسكن زواياها الخفافيش!
عزيزي ، رغم أننا على يقين بأن هناك تاريخ يُغطى بالاسفلت إلا أننا لا زلنا نمشي فوق القبور والرخام .. جميعاً لا نعلم كم من لوحة فنية ،وصور فوتوغرافية ،ومعزوفة موسيقية ،ستجد لنا المسرح القوريني!
محمد أبوعجيلة موسى
- شنيشن : منطقة تقع جنوب الجبل الأخضر وتشتهر بسد وادي المحجة.
*العرعر والبطوم : العرعر نبات سروي ينمو بغزارة في الجبل الأخضر.