تحدث تقرير تحليلي نشرته مجلة “ميدل إيست مونيتور” البريطانية عن أزمة الكهرباء في ليبيا التي بات عمرها عقدًا زمنيًا وزاد حجم السوء فيها قبل 5 أعوام.
اشار إلى أن هذه الأزمة باتت علامة على الواقع المرير الذي يعيشه الليبيون، فيما يعزو المسؤولون في قطاع الكهرباء تدهور الخدمة إلى اختلال التوازن بين العرض والطلب، نتيجة الزيادة الكبيرة في معدلات الاستهلاك خلال السنوات الـ10 الماضية.
وتابع التقرير: إن هذا الأمر قاد لانخفاض كمية الكهرباء المنتجة بسبب تضرر شبكة التوزيع العامة وتخريبها، فيما كانت الإصلاحات صعبة بسبب نقص التمويل وعدم استعداد الشركات الدولية المتخصصة للعمل في ليبيا، على خلفية تدهور الوضع الأمني فيها.
وأضاف التقرير: إن التطورات الأخيرة قد أضافت إلى الأزمة وأهمها ارتفاع درجات الحرارة في الصيف بشكل ملحوظ والتغير في الاستهلاك من خلال الاعتماد المفرط على أجهزة التكييف، حتى بين الفئات ذات الدخل المنخفض، مبينًا أن كل هذا لا يبرر وجود هذه الظاهرة في دولة غنية ذات عدد سكان صغير نسبيا.
وبين التقرير أن ما يثير القلق أن الوضع يتحول من سيئ إلى أسوأ كل عام، فالتشخيص لا يتحسن، ويستمر الفشل في احتواء الموقف مع خطر التسويف وعودة الأزمة إلى طبيعتها، ما يعني اضطرار الليبيين إلى التعايش معها بالاعتماد على حلول افعلها بنفسك مقابل هدر وفساد لا نهاية لهما في هذا القطاع.
وأكد التقرير إمكانية تكرار مأساة العراق في ليبيا، فالأزمة في ذلك البلد الغني هو الآخر بالنفط قائمة منذ أعوام طويلة، وتثبت الاستطلاعات الأخيرة أن الحكومات المتعاقبة في بغداد أنفقت أكثر من 80 مليار دولار على هذا القطاع من دون أي نتائج مرضية.
وأضاف التقرير: إن انقطاع التيار الكهربائي في العراق يستمر لأكثر من 12 ساعة في العديد من المدن، فيما تم إنشاء قطاع خاص لتوفير خدمات الكهرباء، وهذا القطاع نما بقدرات هائلة ويعتمد عليه الكثير من العراقيين في وقت تعهد فيه كل من صار وزيرا للكهرباء باحتواء الأزمة في وقت قياسي لينتهي بالفشل والاستقالة.
وتابع التقرير إن 20 شخصًا اتخذوا هذا الموقف في العراق، فيما بدأت ملامح الوضع العراقي بالظهور في ليبيا، حيث بلغ الفشل والعجز الحكومي أعلى مستوياته على الإطلاق، وانتشار تجارة المولدات الكهربائية التي يعتمد الكثير من الناس الآن عليها بدلًا من إمدادات الكهرباء العامة وهي تعمل بوقود الديزل.
وأوضح التقرير أن توفر تكنولوجيا الطاقة الشمسية في ليبيا لم يحل دون الاعتماد على هذه المولدات، ما يعني أن هذا مؤشر على عامل جديد في القطاع، ومن المحتمل أن يتطور إلى نظام مشابه لذلك في العراق، وهو بيع الخدمات للمواطنين من قبل الشركات الخاصة وهي إلى حد ما سوق سوداء للكهرباء.
واستدرك التقرير بالإشارة إلى أن الإنفاق العام في ليبيا على قطاع الكهرباء لم يواكب المبالغ الهائلة التي أنفقت في العراق، إلا أن الميزانية كبيرة وعدد الموظفين أيضًا؛ إذ بلغ التمويل اللازم لمواجهة الأزمة مليارات الدنانير وبالنظر إلى المضاعفات الحالية فمن المتوقع أن يزداد هذا.
وبين التقرير أن عدة إدارات حكمت ليبيا خلال أزمة الكهرباء ولم يكن هناك بصيص أمل لطمأنة الجمهور؛ إذ تركزت الأزمة في البداية في غرب البلاد لكنها انتقلت الآن إلى مدن في الشرق وخاصة بنغازي التي تواجه أيضًا انقطاعًا في التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 10 ساعات يوميًا.
ونقل التقرير عن خبير في الوكالة الدولية للطاقة عن أزمة الكهرباء وعدم احتوائها في العراق قوله: إنها ليس لخلل فني أو إداري وإنما لعدم الكفاءة السياسية والاقتصادية، وهذا يشير إلى أن الخلل السياسي والاقتصادي في صنع القرار والفساد يديم الأزمة ويعيق الجهود المبذولة لمعالجتها.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن حال العراق هذا ينطبق على ليبيا، ما يثير مخاوف من عدم تحقق الاستقرار السياسي والأمني وتنفيذ الإصلاح الاقتصادي اللازم.