الشّـاعِـرُ والقَـاصّ والفَـنّـان المَـهْـدِي جَـاتُـو : بَـدَأتُ بِـتَـدْوِينِ خَـوَاطِـرِي فِي ثَـمَـانِـيـنَـات القَـرْن المَاضِي

الشّـاعِـرُ والقَـاصّ والفَـنّـان المَـهْـدِي جَـاتُـو : بَـدَأتُ بِـتَـدْوِينِ خَـوَاطِـرِي فِي ثَـمَـانِـيـنَـات القَـرْن المَاضِي

حوار / زهرة موسى 

ضيفنا في هذا العدد هو الأديب و الشاعر و القاص مهدي جاتو ، القادم من أقصى الجنوب من مدينة غات التي عانقت الدهشة منذ الأزل ولازالت تمتلكها ، ضيفنا صاحب المواهب المتعددة ، كتب في ” الشعر ، القصة القصيرة ، المقالات الساخرة ، صمم المجسمات وتفنن في الرسم بالخط العربي ” ، حاولنا خلال هذا اللقاء تتبع مسيرته الفنية الحافلة بالروعة والجمال ، فقابلنا بهدوئه المعتاد وابتسامته الودودة فاسترسل معنا .

أين أنت من بداية سيرة الحرف وسيادة المعنى ؟

قال ” ابتدأ المشوار معي بنبوءة ألم ، حيث كنت أطارد المعنى في سطور الأحرف الأولى لتكوين الألف في صرخة الميلاد ، لأن الحياة سيرة ممهورة بالألم الذي يعطي دفقه للصرخة في الميلاد الأول أما الميلاد الثاني فهو تكوين الإلهام وهو دفقه أخرى تستبدل الآهة بالحرف الذي أنجزتُ منه نصوصا عدة مختلفة سواء في المضامين أو في القوالب الأدبية ..

أما سيادة المعنى فتجسد في الحكمة التي استنطقها من ذات الواقع المعاش وهي تستلزم استدعاء كم هائل من المعاني في ومضة بارق .

متى بدأت الكتابة لأول مرة ؟

أكد ” في سنة 1990 ، و قبلها بدأت بتدوين الخواطر في الثمانينات ، و لكن أول كتابة فعلية كانت في التسعين ، و كانت قصيدة باللهجة العامية بعنوان (عيونك) ، و كنت حينها أستمع لبرنامج ” قال صاحب العقل ” للأستاذ أحمد النويري ” و كنت أتابعه في الإذاعة و جل الكلام الذي يقوله قد مر عليا عند قرائتي للصحف و خاصة خلال قرائتي للصفحة التراثية و بعد انتهاء البرنامج بدأت القصيدة تدور في ذهني و كتبتها ، ولكي أخطو خطوة للأمام كانت القصيدة الثانية بالفصحى ، وبعد كتابة الأولى قلت لنفسي بما أني كتبت بالعامية لماذا لا أكتب باللغة الفصيحة ، و أذكر أني كتبت قصيدة بعنوان ( نداء) ، وكانت بالفعل كأول نداء من ذاك المتواري في القريحة ، المسدول بالشعر، والشعر ما هو إلا ذاك النداء الآتي من عمق الخيالات ليومض في حضرة الموهبة ويتجلى باهرا كالقمر المبين ليحدث الدهشة و بعد فترة قررت أن أقوم بإرسالها إلى إحدى المجلات العربية ، و تم نشرها في إحدى أعدادها، و طلبت المجلة أن أزودها بقصائد أخرى ، و هذا كان دافعاً لأن أستمر في الكتابة .

المـَكَـانُ جُـزْء منْ ذَاكرَتِي الكِـتَـابِـيّـة حَيّ (كَالآلَة) وكَـامْـبُـو الغَـاتِـيّـة

ما علاقة سحر العينين الذي أتى في قصيدتك الأولى بالشعر ؟

” في كلاهما ثمة سحر ، سحر الخيال وسحر الجمال ، فالعين نافذة تطل على الكوامن والشعر أيضا نافذة على المشاعر والجمال عامل مشترك يجمع الاثنين. ما مدى تأثير المكان في قصصك ؟ للمكان أثر كبير لأنه يشكل الذاكرة والمخزون سواء المعاش أو المتوارث فستجد المكان على سبيل المثال المتمثل في مدينتي ومسقط رأسي (غات) في المدينة القديمة .. لأنها بالنسبة لي تعني أرض المهد أي مسقط رأسي وفي المدينة القديمة في حي (كالألة) ، من هنا أصبحت الذاكرة ملتصقة بذاك المكان الذي شكل تكوينه سواء المادي أو المعرفي ، وهناك مكان آخر وهو حي (سكرة) بمدينة سبها الذي ترعرعت فيه والذي كان لأجدادي فيه بصمة هامة ، فكان جزءاً من هذا الحي يدعى بـ ( كامبو الغاتية ) لأنهم هم من أسسوه صحبة آخرين .. فالمكان هام جداً للكاتب لأنه القاعدة التي تتشكل منها ذاكرته .

كلّ صُـنُـوفِ الفنّ هِيَ ذَات أصْل وَاحـِد بِـاخْـتِـلَافِ القَـالَـبِ الذِي تتَوَاجَد فيهِ

الأدب هو فن الكتابة وماذا عن فن الخط لديك والمتمثل في الإبداعات التي تقدمها من حين لآخر؟

أفاد ” كل صنوف الفن هي ذات أصل وأحد باختلاف القالب الذي تتواجد ويتعدد ذلك وفقا لمشارب الشخص أي سعة اطلاعه على ما يستهويه ، فعندما يهتم الشخص بالموسيقا مما لاشك فيه سيتأثر بنوع الموسيقا التي يستمع إليها وبذلك تتكون لديه موسيقاه الخاصة التي تعبر عن ذاته أو مكنوناته ، فكذلك الحال مع الأدب والرسم ، أما ما يخص اللوحات التي أنجزها فهي نابعة من حس ديني ومن خلال تأملاتي في النص القرآني وإعجابي برسمه بدأت الشرارة الأولى ، ومن خلال تتبعي لبعض الدوريات التي تنشر بعض اللوحات بالخط العربي استطعت أن أتعرف على خطوط الآخرين .. أصبحت أبحث عن نوع خط فريد من نوعه ” وفي رحلة بحثي و جدت معظم الخطوط مألوفة و أي خطاط يستطيع أن يرسمها ، ولم أكن حينها أريد شيئا مألوفا ، و واصلت البحث ، إلى أن عثرت على الخط الكوفي و قرأت عنه فوجدته هو بذاته ينقسم إلى سبعين نوعاً ، فاخترت أقرب خطين في الكوفي ، و رسمت بهما عدة لوحات ، و لكنها لم تشبع رغبتي ، لكن ما جعلني أتفرد بهذا اللون هو تحصيلي العلمي حيث درست مادة الرسم الصناعي التي من خلال قواعدها استطعت أن أنجز أعمالاً عديدة متخذه الأشكال الهندسية المبتكرة ، ومما زاد من تشجيعي للاستمرار هو المعارض التي شاركت فيها وكان مردودها عليَّ إيجابياً حيث أعطاني حافزاً للاستمرار ، و أخبرني أحد الأساتذة الأفاضل من الشقيقة مصر بأن هذا الخط الذي أرسم به هو الخط الهندسي الحديث ” مفتوح ” ، و هذا ما كنت أبحث عنه ، خط فريد كل لوحة تختلف عن الأخرى ، فيمكن أن يكون الحرف في إحدى اللوحات بالشكل المثلث، و في لوحة أخرى بشكل دائرة ، كنت أبحث عن شيء قابل للتغير شيء فيه ” إبداع ” ، و هذا ما وجدته في الخط الهندسي الحديث .

الرّسْمُ بدَأ معِي مِـنْ خِـلال تَـأمُلاتِي فِي النّص القُـرْآنِـي وإعْـجَـابِي بِـرَسْـمِـه

كيف جمعت بين كل تلك المواهب المتعددة ؟

أظهر ” أقسّم وقتي حسب هوى النفس ففي كل فترة أهتم بشكل معين بغية الهروب من الرتابة والملل إذا ما أطلت في لون ما في حد ذاته ، لكن لدي في كل إبداع رسالة تختلف عن الأخرى في مضمونها .. مثلاً في النصوص الأدبية رسالتها فكرية أما في الفن التشكيلي فالرسالة بصرية و أركز فيها تحديدا على رسالة الإيمان أي تقوية الإيمان لدى المتلقي عن طريق تذكار الأذكار المشكلة .. إذاً هي ليست مجرد لوحات تحمل شكلاً بل هي فن وعبادة .

أضاف ” كنت أحاول أن أطور من نفسي دائما ، فكنت أقرأ بنهم ، أقرأ كل شيء قد أجده أمامي ، كتبا ،قصصا ، مجلات ، و روايات ، و صحفا خاصة الصفحة الثقافية ، و القراءة كونت لدي رصيدا هائلاً رصيد المصطلحات ، المعلومات و القصص ، و الروايات ، و مع استمراري بالمطالعة ، أصبحت كتب الفلسفة ، و الدين ، تشد انتباهي ، لأنها شيء غيبي ، فالرسول لم يعد موجودا في في و لكن لازالت الكتب موجودة حتى الآن بدأت بالعالم الآخر ” الله و الملائكة ….” ، و كانت لدي تساؤلات كثيرة أبحث لها عن إجابات ، لهذا بدأت أقرأ كتب الكون ، و علوم الفضاء ، فقرأت عن المجرات و عدد الكواكب و الشمس وكيف يأتي الليل و النهار ، كيف تتكون الفصول الأربعة ، كل هذه التركيبة ، و بدأت أقرأ بعض الإشارات للفلاسفة ، لم تكن قراءة منهجية ، بل مجرد مطالعات بسيطة ، اطلعت على الروايات الفلسفية ، فأعطتني نظرة ذات بعد و هنا بدأت بكتابة ” سلسلة تأملات ” وهي كانت عبارة عن حكم عادية ، و بعدها انتقلت لكتابة سلسلة “مسالك ” و فيها عمق أكثر ، وقمت بنشر هذه السلسة في صحيفة فسانيا بصفحة ” رواق ” .

في نصوص بعنوان (مسالك) وجدنا بأنها مفعمة بالحكمة فكيف تجلت الحكمة في حضرة المعنى لديك ؟

” الحكمة هي زبدة القول ، ولا تأتي هكذا جزافاً ، فهي تمر بمنعرج الفهم للإدراك الحسي لمجريات الأمور ومن ثم تتنزل في نص مضغوط ، وما المسالك إلا لأنها تسلك كل الدروب ونضجت فكرتها لدي بعد أن تشبعت بالنصوص الدينية والأحاديث القدسية ، وأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام ، وأقوال الإمام على كرم الله وجهه ، ومن ثمّ قرأت عدة نصوص وحكم عالمية مما كون رصيدا جيداً أمكنني من خلاله استنباط الحكمة .. و الحكمة ارتباط كلي بالإيمان والمنطق الذي يتحكم فيه العقل ، فقوة الإيمان هي الدافع الأول الذي يمكَّن من الاستفادة من تجارب الآخرين .

من ضمن أعمالك سلسة بعنوان ( سلسلة المقالة) كيف جمعت بين كل تلك المواهب المتعددة ؟

أظهر ” أنا أقسّم وقتي حسب هوى النفس ففي كل فترة أهتم بشكل معين بغية الهروب من الرتابة والملل إذا ما أطلت في لون ما في حد ذاته ، لكن لدي في كل إبداع رسالة تختلف عن الأخرى في مضمونها .. مثلاً في النصوص الأدبية رسالتها فكرية أما في الفن التشكيلي فالرسالة بصرية و أركز فيها تحديدا على رسالة الإيمان أي تقوية الإيمان لدى المتلقي عن طريق تذكار الأذكار المشكلة .. إذا هي ليست مجرد لوحات تحمل شكل بل هي فن وعبادة .

اضاف ” كنت أحاول أن أطور من نفسي دائما ، فكنت أقرأ بنهم ، أقراء كل شيء قد أجده أمامي ، كتب ،قصص ، مجلات ، و روايات ، و صحف خاصة الصفحة الثقافية ، و القراءة كونت لدي رصيد هائل من المصطلحات ، المعلومات و القصص ، و الروايات ، و مع استمراري بالمطالعة ، أصبحت كتب الفلسفة ، و الدين ، تشد انتباهي ، لأن الدين شيء غيبي ، فالرسول لم يعودوا موجودا في عصرنا و لكن لازالت الكتب موجودة حتى الأن وعرفتنا بالعالم الأخر ” الله و الملائكة ….” ، و كانت لدي تساؤلات كثير أبحث لها عن اجابات ، لهذا بدأت أقرأ كتب الكون ، و علوم الفضاء ، فقرأت عن المجرات و عدد الكواكب و الشمس وكيف يأتي الليل و النهار ، كيف تتكون الفصول الأربعة ، كل هذه التركيبة ، و بدأت أقرأ بعض الاشارات للفلاسفة ، لم تكن قراءة منهجية ، بل مجرد مطالعات بسيطة ، أطلعت على الروايات الفلسفية ، فأعطتني نظرة ذات بعد و هنا بدأت بكتابة ” سلسلة تأملات ” وهي كانت عبارة عن حكم عادية ، و بعدها انتقلت لكتابة سلسلة ” مسالك ” و هي فيها عمق أكثر ، وقمت بنشر هذه السلسة في صحيفة فسانيا بصفحة ” رواق ” . في نصوص بعنوان (مسالك) وجدنا بأنها مفعمة بالحكمة فكيف تجلت الحكمة في حضرة المعنى لديك ؟ ” الحكمة هي زبدة القول ، ولا تأتي هكذا جزافاً ، فهي تمر بمنعرج الفهم للإدراك الحسي لمجريات الأمور ومن ثم تتنزل في نص مضغوط ، وما المسالك إلا لأنها تسلك كل الدروب ونضجت فكرتها لدي بعد ان تشبعت بالنصوص الدينية والأحاديث القدسية ، وأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام ، وأقوال الإمام على كرم الله وجهه ، ومن تم قرأت عدة نصوص وحكم عالمية مما كون رصيد جيد أمكنني من خلاله استنباط الحكمة .. وترتبط الحكمة ارتباط كلي بالإيمان والمنطق الذي يتحكم فيه العقل ، فقوة الإيمان هي الدافع الأول الذي يمكَّن من الاستفادة من تجا الساخرة ) نشرت جزء منها (بصحيفة فسانيا ) وجزء منها على مواقع التواصل الاجتماعي فلما السخرية وممن ؟ ” تلك السلسة انبثقت من الظلمة ومن الظلم والجهل والتخلف .. حيث تكوَّن أول نص عندما كنت أقود سيارتي وسط زحام المدينة البائسة (سبها) التي غاب عنها آنذاك وحتى الآن كل القوانين وانتشر فيها الفساد المروري بشتى أنواعه حيث بدأت في تدوين مخالفاتها سنة 2010 وكانت أول مقالة بعنوان (جائزة نوبل لسبها ) وهي عبارة عن نقد لما يجري من تجاوزات واقع حركة المرور في المدينة ثم تلتها عدة مقالات بعدة مواضيع ، حتى وصلت لخمسين مقالة ، آخرها كانت عن الوقود وثم شعرت بأني اكتفيت و بدأت أبحث عن نوع جديد ،و لكني الآن أفكر أن أعود لكتابتها مجددا فهي نابعة من المعاناة اليومية التي يعيشها المواطن ، لذلك أثرت فيه ولاقت إحسان كل من قرأها وتفاعل معها ، وقد لاقت استحسانه لأنها كانت المرآة التي توصل شكله البائس للمسؤولين ففي كل نقطة أذكرها في تلك المقالات الساخرة يحتمي خلفها مواطن كادح أو سيدة متعبة أو فتاة مضطهده أو شاب عاطل عن العمل .. وهكذا .. إذا السخرية هي من الواقع المرير الذي أثر في حياتنا .

القصة القصيرة لون من ألوان الأدب له عشاقه حدثنا عن تجربتك معها ؟

” لزمن طويل كنت أحسبني أكتب القصة القصيرة فإذا بها هي التي تكتبني ، أيضاَ هي كأي صنوف الأدب لابد وأن تمر بمجامر الفؤاد ، لكنها تتميز بأنها تنبثق من الواقع أي تمتد أفقياً على عكس الشعر الذي يتطاول في الخيال ، عندما أتأمل في أي حدث ما في المجتمع يلفت انتباهي يؤثر فيَّ فيتحول إلى هم يجب إزالته من الذاكرة فلا أجد طريقة سوى تفريغ مادته في وعاء قصصي وفقاً لشروط القص .. فقدمت أعمالاً فكرية وأخرى تحاكي الموروث الثقافي بالإضافة إلى الإشارة للتاريخ.

من خلال الحديث لاحظنا بحثك الدائم عن نوع جديد هل أنت سريع الملل ولا تحب أن تختص بنوع معين؟

” لا الأمر ، لا يتعلق بالملل ، و لكن أنا أمتلك طاقات واسعة فلماذا أختص بنوع معين في حين أنني أستطيع أن أتميز بأكثر من نوع فمثلا كاتب القصص القصيرة هو مختص بهذا النوع بينما أنا أستطيع أن أختص بأكثر من شيء لأن “حدودي مفتوحة ” ، فلا أحب أن أضع نفسي في قالب معين ومحدد ، و في نفس الوقت لا يمكنني أن أنجز أكثر من شيء في نفس الوقت ، فكل نوع أتمسك به لفترة معينة و أتفرغ له ثم أنتقل إلى نوع آخر ، أي أنني لا أستطيع أن أرسم ، و أكتب في نفس الوقت .

انتقلت من عالم الشعر و القصائد إلى التصميم ؟ فكيف بدأت تصميم المجسمات ؟

” آخر ما استهواني هو ” تصميم المجسمات ” ، وصل الآن عدد المجسمات إلى عشرة أو أحد عشر مجسما ، بدأت بفكرة ،و أتذكر بأن والدي ” رحمه الله ” كان يجلب لنا ألعاب ” التركيب ” وكنا نلعب بها ، و كانت القطع في تلك الألعاب مفككة و مرقمة ، و نقوم بمتابعة التعليمات على الخريطة و نضع القطع حسب ترتيبها لنصل في النهاية إلى تجميع اللعبة ، فهذه الفكرة كانت موجودة ، ولكني لم أستطع تنفيذها ، وفي يوم ما كنت أبحث في ” اليوتيوب ” ، ووجدت صناعة الكرتون ، و بعد المتابعة والبحث في هذا العالم وجدته عالماً كبيرا جدا و فيه فنانون عالميون مختصون به ، و هنا اكتملت الفكرة ، حاولت تنفيذها . استرسل ” كان هناك بعض الفنانين يستعملون الخشب ، و لكنه يحتاج إلى وقت وأدوات، يحتاج إلى ورشة إن صح التعبير ، فكان الكرتون هو الأسهل ، فلهذا قمت بالتجربة ، النموذج الأول و الحمد لله نجح الأمر ، فجربت الثاني ، و الثالث ، وهكذا ، و بدأت أطور من نفسي في ذات المجال ، و آخر نموذج قمت بتصميمه كان سيارة نوع “بيجو ” ، فكنت حينها لا أريد شيئاً حديثاً بل أبحث عن شيء يمس الناس و يربطهم بذكريات ، و بالفعل بعد نشري لصور للنموذج على صفحتي على مواقع التواصل الاجتماعي تحصلت على عدد كبير من التعليقات ولاقت إعجاب الكثيرين ، و قبل بدئي في تصميمه ، قمت بتحميل أكثر من عشرين صورة للبيجو من جميع الزوايا كي أتقن تصميمها ، و أيضا لتخزين شكلها في الذاكرة ، ولا أحتاج للنظر كثيرا للصورة أثناء التصميم ، و الآن بدأت في تصميم نموذج لسيارة الجولف ، فأنا من عشاقها و شكلها يعجبني جدا و أريد أن أصممها بكرتون أبيض ، كي لا أقوم بطلائها ، و في نفس الوقت يجب أن أخفي معالم الكرتون ، فقد تواجهني مشاكل عديدة أثناء تصميم المجسمات ، و لكني لا أيأس أبدا وقد اضطر إلى تفكيك المجسم و أشار ” عرض علي البعض أن أنشئ مدرسة في تعليم هذا الفن ، و لكني أرى أني أملك موهبة ، و إنشاء مدرسة يحتاج لشخص متخصص .

لاحظنا في نصوص النثر التي قدمتها باسم المهدويات أنها تأتي دائما في فقرتين بمثابة مقارنة أو هي عبارة عن صورتين مختلفتين لذات المعنى حدثنا عن تلك التجربة وماذا تقصد بالمهدويات .. ذات ..؟

بيّن ” بعد أن اطلعت على العديد من نصوص النثر ، سواء على المستوى المحلي أو العربي أو العالمي ، أن أكون شيئاً مختلفا فيه الجديد من ناحية الشكل ويكون في ذات الوقت مشحونا بالدلالات ، وما المقارنة بين الصورة الأولى والصورة الثانية إلا من باب تبسيط الفكرة أولاً وتقريب المعنى ثانياً .. وجاءت تسمية المهدويات بهذا الاسم نسبة إلى اسمي في الشطر الأول لأنه فيه همومي ومغتربي النفسي وفي الشطر الثاني الذي هو ذات أحاكي بها الذات الأخرى التي أتعامل معها في الشارع أي مع عامة الناس وتلك الذوات غالبا ما توحي إلي ببعض النصوص التي ليست نابعة من معاناتي الشخصية ، والحمد لله استطعت أن أقدم أعمالاً لا بأس بها حسب ردود فعل الناس الذين تناولوا هذه المادة .

حدثنا عن خوضك في مجال الصحافة مع صحيفة فسانيا كزميل سابق ؟ وكيف أثرت الصحافة على مسيرتك الأدبية خصوصا و أنه كانت لديك عديد الكتابات التي نشرت في صحف محلية و عربية ؟

أكد ” بالفعل نشرت كثيراً من أعمالي الأدبية بالصحف العربية ” كجريدة العرب ” و المحلية ” الشمس ، و الشرارة ، فسانيا ” ، وكان دخولي لعالم الصحافة من خلال صحيفة فسانيا و لم أعمل بشكل رسمي إلا بها ، وهي نقلة كبيرة على الصعيد الشخصي ، وأضافت لي الكثير حيث وسعت آفاق المعرفة لدي من خلال تناول العديد من النصوص المنشورة مع اختلافها وتنوعها ، وساعدتني الصفحة الثقافية “رواق ” التي كنت أنا المشرف عليها منذ بداياتها للوصول إلى قاعدة كبيرة من الجمهور المتابعين للصحف ،وتلمست عن كثب معاناة الصحافة حيث الزمن هو العدو الأول لأنه يقتل الخبر إذا لم ينشر في حينه .. ولأن رضى الناس غاية لا تدرك كما يقول المثل فتلك معاناة أخرى استمرت لفترة حتى اعتاد الناس على الصحيفة عندما أدركوا القيمة التي تقدمها الصحيفة للجنوب بصفة عامة حيث إنها حتى الآن الصوت الوحيد الذي يصل لكل أرجاء الوطن ، وبالمجمل كانت تجربة استمتعت بها كثيرا رغم المجهود الذهني المضنى الذي استهلكته .

ماهي أكبر المشكلات التي واجهتك في مسيرتك ؟

ذكر ” عدم تعاون الثقافة بالدرجة الأولى مع المثقفين و الأدباء ، و هذه المشكلة كانت موجودة في العهد السابق وحتى الآن فكانت أعمالنا لا تنشر بطريقة مناسبة ، لذلك كانت هناك أسماء معينة بارزة ، وهم نفسهم مكررون في كل الصحف ، ولم يكن بوسع الجميع أن ينشروا كتاباتهم ، فكانت هناك دائرة معينة فقط ، بإمكانهم نشر أعمالهم ، فمثلا أنا لدي عشر كتب جاهزة للطبع و لكن لم تأتني الفرصة لنشرها حتى الآن ، و هناك أيضا أدباء على مستوى المنطقة لهم أعمال أدبية كبيرة و لكن لم يستطيعوا نشر أعمالهم لا في العهد السابق أو حتى الآن فمثلا الكاتب المسرحي ” حمادي المدربي ” كتب أجمل المسرحيات في تاريخ سبها ، ولكن لم يصدر أي كتاب باسمه .

كيف ترى نفسك بعد رحلتك الطويلة و تنقلك بين أنواع متعددة من الفنون ؟ أذكر بأن أحدهم سألني ذات مرة سؤالاً مشابها أين وجدت نفسك في رحلة تنقلك ؟

فأجبته بأنني أنا أقدم نفسي لا أبحث عن نفسي لأجدها ، لأني أعرفها جيدا ، و كل هذا من فضل الله ، و بفضل التعلم المبكر، و أنا أرى بأنني لا أضع حدودا لنفسي ، بالرغم من أن البعض يقولون بأنني مهما بحثت و أنجزت في النهاية سأستقر على شيء معين و أتخصص به ، ولكن لا، أنا أرى عكس ذلك تماما ، ولا أحب أن أقيد نفسي في شيء بما أنني يمكن أن أنجز أكثر من شيء.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :