تكدس النفايات بمحلة القاهرة “الطيوري” مؤشر لمخاطر صحية وبيئة،  من المسؤول؟!

تكدس النفايات بمحلة القاهرة “الطيوري” مؤشر لمخاطر صحية وبيئة،  من المسؤول؟!

•        مواطنون: النفايات تحاصرنا ونخشى الأمراض والكلاب الضالة.

•        طبيب: حرق النفايات ينبعث عنه أدخنة مسرطنة.

•        خبير بيئي: عصارة النفايات تلوث التربة والخزان الجوفي.

•        المختار: شركة النظافة لم تدخل الحي منذ أكثر من 4 أشهر

•        شركة النظافة: سيتم التخلص من القمامة خلال فبراير الجاري.

•        المجلس البلدي: زيارة قريبة للحي وسنعلن عن شركات خاصة.

تحقيق: منى توكا شها.

  يعاني سكان مدينة سبها، جنوب ليبيا من مظاهر تكدس القمامة في الأحياء والشوارع الرئيسية بين الفينة  والأخرى ، وبالأخص بمحلة القاهرة “الطيوري” بالمدينة التي طفت فيها القمامة بشكل كبير ما تسبب في انتشار الروائح الكريهة وتجمع الحشرات والقوارض والكلاب.

وتحذر العديد من الدراسات من الأضرار الصحية الناتجة عن  تراكم النفايات  دون معالجتها أو التخلص منها بصورة نهائية إلى تشكيل مصدر للخطر  يهدد صحة المواطنين، فأكوام القمامة تشجع على تكاثر البكتيريا والجراثيم والفيروسات  مما يؤدى إلى انتشار الأمراض وتفشي الأوبئة الفتاكة.

معاناة مستمرة

“فسانيا” تجولت داخل محلة القاهرة “الطيوري” وتواصلت مع عدد من المواطنين من داخل الحي لرصد آرائهم بهذا الخصوص.

حيث تقول  “فاطمة علي” لفسانيا ” إن طفو القمامة في حيّنا بات شيئا مألوفا، في السابق كانت تتراكم النفايات في الساحة الفارغة داخل المحلة ، ولكن وبعد استغلال هذه المساحات في بناء البيوت تحولت القمامة إلى مدخل الحي”.

وأشارت إلى أن هناك محاولات من الأهالي للتخلص من النفايات وتنظيف الحي لكن باءت تلك المحاولات بالفشل، وذلك يرجع إلى عدم التزام سكان الحي بوضع القمامة في أماكنها المخصصة ورميها عشوائياً.

أما المواطنة عائشة وردقو تقول إن انبعاث الروائح الكريهة من حجم النفايات المتراكم تؤثر بهم صحياً ونفسياً وأن هذه الروائح تزداد سوءا نتيجة لتعدد أنواع النفايات السائلة منها والجافة، والتي يتم وضعها في المساحة الواسعة وأن الأسوأ من هذه الروائح يأتي بعد حرق هذه النفايات.

وأبدت في حديثها لـ”فسانيا” استغرابها من عدم اتخاذ أي ردة فعل من قبل البلدية، والاكتفاء بأن المواطن هو المسؤول عن ظاهرة انتشار القمامة.

ويقول أحد المواطنين فضّل عدم ذكر اسمه أنه نتج عن تراكم النفايات ظهور الكلاب الضالة، حيث تعرض أحد أطفاله  للإصابة وهو في طريقه إلى المدرسة بسبب محاولته تجنب ملاحقة الكلاب الضالة بالحي، مشيراً أن ابنه وقع وكسرت ساقه بسبب هذه الملاحقة وتعرض لعدة جروح في جسمه قبل أن ينجده أحد المارة.

وأشار لـ”فسانيا” إلى قلقه على صحة الأطفال، حيث أن بعض الأطفال ينبشون القمامة بشكل دائم وكأنها جزء من الألعاب.

فيما أن المواطن صلاح الدین شهاء لا يلقي كل اللوم على البلدية فيما وصل إليه حال “الطيوري” و أن بعض اللوم يقع على إهمال السكان و رميهم للقمامة بشكل عشوائي. 

وطالب في حديث لـ”فسانيا” البلدية بتنصيب حاويات للقمامة في كل حي ووضع رقابة وتفعيل جهاز الشرطة  البيئية لتجنب أي كارثة ستحدث.

ويقول المواطن ناجي حسن إن النفايات تتكدس في المدخل الشرقي و الغربي من الحي منذ مدة طويلة ، وأنهم تواصلوا مراراً مع الجهات المسؤولة، ولكن ليست هناك أي استجابة، مشيراً إلى أن شركة النظافة أتت مرة واحدة  فقط منذ مدة طويلة ولم تعد مجدداً لأسباب غير معروفة.

وأردف لـ”فسانيا” أن تكدس النفايات و حرقها في نفس الوقت داخل الحي تسبب في انتشار الأمراض بين السكان، والمتضرر الأكبر هم كبار السن و الأطفال.

أمراض صحية.

وفي الجانب الصحي و الأضرار التي يسببها تكدس القمامة أفادت الدكتورة أمينة حسين  بأن النفايات حسب نوعها تؤدي إلى العديد من الأمراض للإنسان سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وبينت لـ”فسانيا” أن تجمع النفايات في الأماكن السكنية يسبب تلوثا في الهواء وبرائحتها النفاذة تؤدي إلى التهاب وحساسية الصدر ونوبات حساسية الشُعب الهوائية.

وأشارت إلى أنه في حال تكدس النفايات فإن المخاطر الصحية قد يكون من الصعب حصرها، وذلك نتيجة لجذب هذه النفايات الذباب والحشرات  والفئران، وهي جميعها ناقلة للجراثيم والفيروسات والأمراض  مثل الملاريا و اللّشمانيا والنزلات المعوية والديدان.

ونوهت إلى مواجهة الأطباء حالات تعرضت لإصابات بسبب مخلفات حربية موجودة بين أكوام النفايات والتي تسببت في بتر الأطراف أو خسران بعض الأعضاء مثل العين أو تشوهات دائمة.

وفيما يختص بالأضرار الناتجة عن حرق القمامة قالت الدكتورة صباح أبوعلي:” عند حرق النفايات وما تحتويه من لدائن وبلاستيك في الأحياء السكنية بداعي التخلص منها قد نكون انتقلنا من حالة سيئة إلى حالة أسوأ ، بسبب ما ينتج من أبخرة سامة ناتجة عن الحرق”.

وأوضحت أن النفايات عدو يمكن مواجهته واحتواؤه والقضاء عليه، أما الأبخرة السامة المحتوية على مركبات كيميائية فهي عدو قاتل لا يمكن التحكم فيها.

وأشارت إلى أن انطلاق غاز أول أكسيد الكربون الذي ينتج عن حرق القمامة يسبب مشاكل صحية مثل الصداع والدوخة والغثيان والتقيؤ لمن استنشقه و يؤثر في وظائف الدماغ ، ويبطئ من ردات الفعل الطبيعية في الإنسان.

ولفتت إلى أنه من المخاطر الأخرى انطلاق الأبخرة السامة المحتوية على الديوكسين والفورانات الذي يعتبر من أخطر المركبات الكيميائية فتكاً ،مشيرة إلى أن الديوكسين عائلة كبيرة تتكون من 210 مركبا ساما، يتميز بثباته في الطبيعة لأزمنة طويلة جداً وسهولة انتقاله عبر السحب من منطقة الحرق إلى مسافات طويلة جداً تصل إلى مئات الكيلومترات، وهو المركب الذي صنف من قبل الوكالة الدولية لأبحاث السرطان على أنه مادة مسرطنة جداً منذ عام 1997.

وأوضحت أن هناك عدة أنواع من السرطانات، سرطان الدم الليمفاوي المزمن، ساركوما الأنسجة الناعمة، سرطان الغدد الليمفاوية ، و سرطان الجهاز التنفسي، سرطان البروستاتا.

وتابعت أن الديوكسين يؤثر على الصحة العامة بقوة ويسبب الآثار الجينية كالعيوب الخلقية، والخلل في الجهاز التناسلي الذكري مثل انخفاض عدد الحيوانات المنوية، وتشوهات بالخصية، وانخفاض حجم الأعضاء التناسلية، وانخفاض مستويات هرمون تستوستيرون في الرجال.

أضرار بيئة

وفيما يتعلق بالجوانب البيئية أفاد محمد عبدالسيد القذافي مهندس ومهتم بالشأن البيئي موضحاً  أن المخاطر البيئية تتفاقم لعدم وجود إدارة سليمة تدير النفايات و تتخلص منها بطريقة صحية و سليمة.

ونوه لـ”فسانيا” إلى أنه يستوجب أن يكون للمكب مواصفات خاصة كالمساهمة في عملية  الفرز  للعلب واللدائن و البلاستيك و الأكياس والأوراق وبالتالي 80 ٪ من هذه النفايات يعاد تدويرها ، و ال20٪ المتبقي من النفايات يتم طمرها أو دفنها بطريقة صحية ومواصفات تمنع ترشيحها بسبب العوامل الطبيعية كالأمطار ما يتسبب بعد ذلك في تلويث المياه الجوفية.

وأوضح أن الدفن الصحي يكون بتغليف طبقة الأرض بمادة البوليستر أو البوليمر لمنع ترشح عصارة النفايات.

ونوه القذافي إلى أن أكياس القمامة السوداء مع حرارة فصل الصيف تتعرض لعملية تسخين مما يكّون غاز الميثان الضار سريع الاشتعال والذي يسبب غالباً في احتراق القمامة تلقائياً.

وفي حديث مع  عبدالسلام شاي حسن مختار محلة القاهرة  صرح أن بعض الشوارع داخل الحي مغلقة منذ أكثر من سنة تقريباً.

وأكد  لـ”فسانيا”وجود عدد من حاويات القمامة داخل الحي ولكن كلها ممتلئة، لأن الشركة لم تدخل إلى الحي منذ أكثر من 4 أشهر.

وأردف أنهم كمجلس محلي تقدموا بمقترح لشركة النظافة والبلدي بأن  تستلم كل محلة سيارة خاصة بنقل القمامة  وتوفير عمالة لكل المحلات بالبلدية ليتواجدوا بشكل يومي في كل صباح لتفريغ الصناديق لحل هذه الأزمة، مشيراً إلى أن المجلس البلدي لم يرد على هذا المقترح ولا على كل المراسلات التي تطالب بحل مشكلة تكدس القمامة التي أغلقت أكثر من طريق داخل المحلة.

الشركة ترد.

  ومن جهته صرح سيف النصر حمد مدير شركة النظافة العامة بسبها والتي استلمت مهامها حديثاً أن الشركة وضعت خطة للقضاء على القمامة بشكل كامل في كل سبها وأن حي القاهرة من ضمن أولوياته.

وأوضح حمد لـ”فسانيا” أن الخطة تتضمن تنظيف الشوارع والحي ووضع صناديق لتجميع القمامة، مشيراً إلى أن الشركة في صدد إرسال لجنة إلى حي القاهرة للوقوف على الوضع هناك بغية حل الأزمة بشكل عاجل.

وأكد أنه خلال شهر فبراير الجاري سيتم التخلص من القمامة في جميع مناطق سبها وخاصة حي القاهرة.

واستطرد أن الشركة خطتها تقضي أيضاً على رفع القمامة من الصناديق المخصصة بشكل يومي لضمان عدم تراكمها من خلال اللجنة التي ستشرف على سير هذه الخطة بشكل دائم.

موقف المجلس البلدي.

ومن جهته أوضح المجلس البلدي لبلدية سبها ممثلاً في عضو المجلس أبوبكر جماعة أن نقل القمامة فيما سبق كان ضمن اختصاصات شركة النظافة، وبعد نقل الاختصاصات للمجالس البلدية وما شابها من طعون وتخبط في القرارات الصادرة عن الحكومة وتعنت إدارة الشركة في استكمال إجراءات النقل طيلة السنة أثر بشكل كبير على أداء الشركة.

وتابع موضحاً عندما قرر المجلس اللجوء إلى القطاع الخاص و الإعلان عن ذلك في صفحة المجلس البلدي عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”صدر قرار من الرقابة الإدارية بإيقاف الإعلان وسحبه مما أربك المشهد أكثر.

ملفتاً إلى أن المخصصات المالية أصبحت ترد إلى المجلس، وباتت الشركة تتعمد عرقلة العمل.

ورداً على تساؤلنا عن تراكم القمامة بمحلة القاهرة منذ أكثر من سنة قال إنه فيما سبق كان عمل شركة النظافة مقتصرا فقط على بعض الشوارع الداخلية ومبتعدة عن الأطراف ومداخل المدينة.

وأعرب عن قلقهم إزاء انقسام شركة النظافة بين حكومة الشرق والغرب، ولكن أوضح أنه سيكون هناك اجتماع للمجلس بهذا الخصوص وسيتم الإعلان عن شركات خاصة.

وقال إن البلدي كان له زيارة لمحلة القاهرة في هذا الشهر وتابع ما تعانيه المحلة من تكدس للقمامة وبرك الصرف الصحي الناتجة عن عمارات الشركة الهندية.

وأضاف:”وهذا التكدس موجود في عدة أحياء على سبيل المثال دائري المهدية و مداخل سبها الجنوبية والشرقية والغربية” منوهاً إلى أن العمل  يحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة.

 بيد أنه يطمئن المواطنين من سكان محلة القاهرة في حال تم الاتفاق في الاجتماع عن الإعلان للقطاع الخاص ستكون من ضمن المحلات المستهدفة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :