تنّوَه  

تنّوَه  

مايشبه ترسب التجارب والمعرفة  

سعاد سالم 

soadsalem.aut@gmail.com

الحرية لل ليبيين!

كيف كشف اعتقال الصحفي أحمد السنوسي المجتمع الجماهيري الذي مازال قائما؟

اختبار حرية الصحافة 

في مقالة سابقة لي (صحافة زازية) أوضحت كيف أنه في الحقيقة لا توجد صحافة ،لأن صحف الهيئة لم تناقش أو تتابع أي موضوع جاد أو يمس أي من المواضيع المعنية بالحريات أو الحقوق، ولم تقد الرأي العام في مسائل جوهرية مثل الدستور، وضرورة تغيير القوانين التي مازالت سارية من حقبة الدولة الأمنية، ولا شجعت ولا دافعت عن المجتمع المدني الذي يصادر حقه في تحريك المجتمع سلميا نحو دولة القانون والعدالة والرفاه، ولم تؤدي دورها الأساس وهو تغيير مفاهيم وأفكار عمدت سلطات الجماهيرية إلى تشويهها وتسميمها، وذلك ظهر واضحا في انسياق الكثير وراء ظل تلك الحقبة كلما وردت هذه التعبيرات، ناهيك عن هيمنة السلطة الدينية، وحرصها على تشويه كل مفردات الحرية، التي اتضح أنها تسبب رعبا للجميع، هل ندد شيخ جامع واحد باعتقال صحفي يكشف الفساد، وتوعد الفاسدين بجهنم وبئس المصير؟ 

الأمن الداخلي مازال كالسابق يحمي القائد ويحمي السلطة (أيا كان القائد الجديد، وأيا كانت السلطة) وأن هذا الأمر لم يشكل معضلة عند المدافعين على الجهاز، لأننا لم نعرف يوما أن الأمن الداخلي مهمته الأساسية توفير الأمن والسلامة لمن يعيشون في ليبيا من مواطنين وأجانب، وليس مكانا لإرغام الناس على السكوت، وتخويفهم من ممارسة حقهم في التعبير، والمعارضة،  فمابالك بالقبض على صحفي قام بعمله بمهنية وهو الوقوف مع الناس ضد السلطة الجانب اللائق بالصحفيين، ولكن من أين للأمن الداخلي أن يعرف هذا؟ من أين للمواطنين الذين يدافع عن حقوقهم الصحفي أحمد السنوسي، أن يعرفوا ذلك، إنها الصحافة الغائبة عن قضايا الناس وعن وضع الأمور في نصابها،  أحمد السنوسي كان التجربة الأصدق في طرابلس حتى الآن على مصداقية حماية الحريات، لأنه حين جد الجد، لبس الأمن الداخلي جبته القديمة، وخطف الرجل في وضح النهار، فهل هناك مايؤكد غياب الثقافة ، والمعرفة ،والكفاءة، لجهاز عابيين عليه، أكثر من تصوير ونشر فيديو لصحفي لانعرف حجم الانتهاكات التي مورست ضده،وهو يذكر مصادره؟ هل يعيش هذا الجهاز  في هذا العالم الذي لم يعد يمكن لأي سلطة شمولية مهما بلغت وحشيتها أن تظل مستورة، لأنه وفي هذا العالم نفسه، يعرض الأمن الداخلي بنفسه الانتهاكات التي تدينه.

لننظر الآن لما جاء في تفاصيل (اعترافات) الصحفي والإعلامي أحمد السنوسي:

1-مازال الأمن الداخلي يعزف على أدبيات عصر الجماهير المتمثلة في أن تقاضي المرتب بالدولار، تعني العمالة، وحتى الخيانة، وأن كشف الفساد هو تآمر لأنه لازم تستر بلادك (ورد مايشبه ذلك في مدونة السلوك الإعلامي) ، وأن لازم يكون وراءه غرض، غير محدد ولكنه مؤكد فيه غرض، بناءا على فكرة أنه لا وجود لعمل متقن،ولا نزاهة،ولاوجود للشجعان،ولا للأحرار،ولا للمعارضين، وهذا أكبر دليل على تجليات مازرع في النفوس خلال حقبة طويلة من التشكيك وبث الشعور بالنقص وعدم الأهلية، وبأن هذا الشعب هو المسئول عن الخراب الذي يتفشى منذ مايزيد عن الستين عاما، الشعب التنبال، الجاهل ، المقلب، وهكذا،  وأن المال دائما مشبوه فلجان التطهير ومداهمات اللجان الثورية لمواقع الاستغلال مازالت في اللاوعي الجمعي، وأن المال مصدر شبهة حين يكسبه الناس من عمل، لكنه من نهب المال العام،لا إنها لفلاحة وخدم علي راسه، فقد شهد طوال أربعين عاما+طلطاش عاما أخرى كيف يتولى اللصوص مناصب أعلى، كلما فاحت صنتهم، ، ولطالما عوقب من عف نفسه ويده، ولا يفارق لاوعي الليبيين عاقبة المعارضة، وكيف يشك الجميع في الجميع، وكيف سيتعلق الجميع في الجثث المشنوقة، أو ضرب وجر جثة فقط ليثبتوا أنهم لايشبهونه، وتكرر الأمر أثناء وبعد 2011.

2- أن تسريب المستندات والأوراق الرسمية في مؤسسة ما ونشرها لفضح الفساد، جريمة تدين فاضح الفساد لا مرتكبه،على خلفية أنا أشير إلى القمر(حاشى القمر) والأحمق ينظر إلى أصبعي، وأن مفردة مثل رعاة برنامج مازالت تنجبد كتهمة، حسني بي يعطي في لفلوس لشمام وشمام يعطيني في الفلوس واني نعطي للبناويت في لفلوس، لغة صفقات الإعتمادات والعمولات والرشاوى، فالجهاز يسعى بهذه اللغة ايقاظ ماترسخ في وجدان الشعب الحر السعيد، لأن استخدام مفردات حقيقية لن تجعل الريبة والشك التي غُرست سابقا تنتّر من جديد.

3- في ظل شح السيولة، والضي الذي عاود سيرته الأولى، والأسعار اللي تتعلى ماتتواطاش،وفي سوق موازية ناشطة، فيها الدولار يركب وماينزلش، تركب انت ولاّ تنزل، أن يجبر أحمد على ذكر قيمة مرتبه، لشعب يضرب فورا سعر الدولار في السوق الذي خلف البنك المركزي مش في سويسرا، في القيمة المذكورة ليرى بحسرة ليس لأحمد أي علاقة بها، ضخامة مرتبه قدام مرتباتهم، فيبغضونه، إي نعم الدولة الأمنية دائما تضع لك عدوا غير الذي جعلك أحمد ترى مايفعل ، وكيف يفسد حياتك.   

حان دوركم لتخافوا

 ثلاثة دروس دفعت ثمنها أيها الصحفي أحمد السنوسي لكنها ستغير الكثير: 

الأول : ظهورك في فيديو وكشفك للتهديدات، وما يجري في الخفاء لموظفيك ، وهذا كان له الأثر الأبلغ في معرفة الليبيين القصة وما هى المشكلة ومع من، مما أغلق الطريق على الشائعات التي كانت ستشوش على أسباب الاعتقال، وحتى تكذيبه، وما كان اعتقالك تحول إلى قضية رأي عام .

الثاني: أنك دافعت عن نفسك، ودافعت عن مرؤسيك وذلك كما ينبغي على رئيس عمل وصحفي متمكن ومهني في تحمل المسئولية ومساندة فريقه. وأحييت الأمل في مقاومة سياسة القطيع، اخطى راسي وقص. 

الثالث: أنك وبشكل عملي وبما تعرضت له من ممارسات تهدد أمنك الشخصي وحياتك، إنما وضعت المجتمع بأكمله والصحفيين على وجه الخصوص،أمام حقيقة لم يعترف بها أحد، وهى أن قوانين الدولة الأمنية لم تتغير وأننا مازلنا نُحكم ليس فقط بموادها وإنما أيضا بأشخاصها، وبأدواتها وبلغتها الخشبية والهازية علينا، وحقيقة أن القوانين تصوغها ممارسة الشعب لحقه في العيش بكرامة، تستند على الدروس الثلاث المذكورة أعلاه. سمّوا بسم الله.

_______ طوال 13 عاما واللوبانة نفسها، مؤامرة، في استثمار لجلد الذات، من أن هذا الشعب لا يمكن أن يثور لا في 17ولا في ألف فبراير، أو أنه قد يستفيد من هذه المؤامرة، لماذا لا؟    

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :