ثلاثيات

ثلاثيات

محمود السالمي

قراء فسانيا الأعزاء..

هذه الدنيا مدرسة في كل مراحلها، وهي معمل تجارب ، ومفتاح خبرة ، ورحلة تخلص في نهايتها الى نتيجة ، وإذا عدنا الى ما احتوته المكتبات من كتب ، سنجد انها جميعا تشترك في خاصية انها تقدم خلاصة تجربة انسانية ما .

ولا تخرج حياة الناس عن هذه القاعدة ، وفهي بين المؤثر والمتاثر ، في ختامها الوصول إلى نتيجة ، فقد جاء في كتب الأولين قول لقمان الحكيم :

( ثلاثة لا يعرفون الا في ثلاثة مواضع : لا يعرف الحليم الا عند الغضب .. ولا يعرف الشجاع الا عند الحرب .. ولا تعرف اخاك الا عند حاجتك إليه ) أليست هذه خلاصة وصل إليها الإنسان بعد تجربة ؟

نعم ، هي كذلك . على ذكر ثلاثة : لغويا ، متى نقول ثلاث .. ومتى نقول ثلاثة ؟

نحويا، ننضر الى مفرد الشيء المعدود من حيث كونه مذكرا او مؤنثا ، ثم نخالفه، فنقول ثلاثة كتب .. ونقول ثلاث سيارات .. هذه هي القاعدة تنطبق على كل الاعداد من ثلاثة الى تسعة .. للفائدة. ووجدت في الأدب الشعبي، أن الموثقين لهذا الأدب، قد وضعوا تصنيفات بالأرقام لأنواع من الأدب، فقال عن اغاني الرحى مثلا ، انها رباعيات ، بالنظر الى التشطير المتبع فيها .

فيقال: انا الحب مادارلي شي والكره ما دار حاجة نقعد عليكم كما البي سلطان واخذ مزاجه .. و : ثاريت المحبة تشرهيب والمعرفة بالجلاوي سية حبيبك كما الجرح اللي ما لقوا له مداوي … وغيرها والى اخر هذه الأمثلة من الرباعيات . وهناك من يضيف الخماسيات ، والسداسيات، ولكني هنا أحببت أن أضيف الثلاثيات ، وهي لاتوصف بأنها ثلاثيات بسبب التشطيرة، أو التقسيم او الوزن ، ولكنها بالمقارنة ، وإضافة الخبرة ، والوصول الى نتيجة تصلح لان تكون منهاج عمل . ففي الأدب الشعبي جاء قولهم : ثلاثة ما يتعاشورش : اللي ديمة بصحته ويبكي واللي جيبه مليان ويشكي واللي يدير الخير ويحكي . أليست هذه خلاصة تجارب ، لا يمكن تجاوزها في علاقاتنا الاجتماعية ؟

وهي حقائق يجدر بنا مراعاتها في كل حين ؟ لعلنا محتاجين أن نضيف من الأدب الشعبي قولهم : ثلاثة ما يضمنوا ثلاثة : بمعنى أن هناك ثلاثة أمور ، حتى بوجودها لا تضمن النتائج المترتبة عليها ،ومن غير المضمون ، أن يتحقق من يليها . ثلاثة ما يضمنوا ثلاثة : القرايا ما تضمن الفهامة والمال ما يضمن الكرامة والسلاح ما يضمن الزعامة . ومن واقعنا هذه حقائق، فالدراسة لا تضمن الفهم وأن صاحبه وعى ما درس .. والمال لا يمكن أن يكون ضامنا لكرامة الفرد ، وقد يكون قليل المال اكثر كرامة ممن يتهافتون على المال ،حتى يريقون ماء الوجوه من أجله، وكذلك السلاح لا يجعل الإنسان زعيما مهما جمع ، والادلة في واقعنا اكثر من أن تعد او تحصى .

وقالوا : ثلاثة تغم البنادم.. تغم بمعنى تثقل كاهل الإنسان. ثلاثة تغم: موت الام .. وعيشة الهم .. والناس اللي تاذي بالفم . وجاءت غناوة العلم لتؤكد ذلك في مجال العاطفة : ثلاث ذابلات العقل تمويح دار ورياف وجضر .. وجمع لنا عبدالكافي ، الشهير في غناوة العلم في ليبيا الله يرحمه ثلاثة اسماء في غناوة : ماطلت يا عزيز بعدك .. ليلى هنية رايقة هل وعيتم الأسماء الثلاثة ؟

و : ثلاثة دواء المريض .. أن جن يموت وأن غابن بري . فما هي ؟ وقالوا ، ثلاثة ما تاخذهن لين تنشد عليهن . . بمعنى يجدر بك أن تتحقق من سلامتها قبل أخذها. ثلاثة ما تاخذهن لين تنشد عليهن: العسل .. واللبن .. والولية . فكل هذه الأمور كثر فيها الغش وليس بجديد . وثلاثة ما ترتاح لين تفتك منهن : السوسة .. والدين .. والرفيق العطيب. وهذا الثلاثة أشد الما مما سبق .. ويضاف : ثلاثة كان تاخرن ، تغيب طعمتهن : بمعنى أن لذتها في القيام بها حالا : العزومة .. والتعزية.. وصلاة المغرب .

وفي تراثنا الاسلامي : ثلاثة حق على الله عونهم .. وثلاثة جدهن جد . وهزلهن جد .. فأما الثلاثة التي حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف . والثلاثة التي جدهن جد .. وهزلهن جد فهن : الطلاق .. والنكاح .. والعتق . اخيرا : أن اتفقنا على ان هناك رباعيات ، فعلينا أن نوثق الثلاثيات في الأدب الشعبي ، في الأغنية.. وفي الشعر.. وفي غناوة العلم وغيرها . واختم معكم ب : موالف الياس الطاش .. الثلث فيه نا مايسدني و : الياس حمل بين ثلاث الثلث فيه نا هو قرعتي. ودمتم طيبين ..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :