جاءوا وذهبوا وبقيت الحرب

جاءوا وذهبوا وبقيت الحرب

  • د / مصطفى الفيتوري

جاء السراج يطوف أوربا وعاد يحمل أحد خفي حنين بعد أن أضاع الآخر في طريق العودة. وجاء بعده المشير وعاد تاركا الخف الأخر حيث أضاعه السراج و وجده هو! لم يرى حاجة اليه!
الأول جاء يريد وقفا للحرب وأدانة لها والثاني جاء يريد أن يشرح لماذا لا يريد وقفها ولا ادانتها!
بالنسبة للسراج: وقف الحرب نصف أنتصار وبالنسبة لحفتر وقفها نصف خسارة!
حقيقة الأمر: فرنسا كغيرها تعرف من البداية أن وجود الرئاسي كعدمه بلا طائل. وفرنسا كغيرها تعرف جيدا من الذي يسيطر في ليبيا وأين يسيطر بما فيه الرئاسي. وتعرف فرنسا أيضا أن المشير غير معجون بـ”الديمقراطية” في بيئة لا تعني فيها الديمقراطية اي شئ على الأطلاق: هي ليست وجبة سحور ولا هي حليب وتمر ولاهي كسكسي ولا رز باللحم ولا هي دجاج مشوي ولا هي أمية النهر ولا هي سلع مدعومة ولا هي بنزين أرخص من التراب ولا هي اي شئ مما يعرفه الشعب (المفترض انه معني بها) وتلك هي أهم الأشياء التي يعرفها الشعب! الديمقراطية ليست في القائمة! وعليه: بالنسبة لفرنسا وسواها حضور الهانم “ديمقراطية” وغيابها واحد! شأن يخص الشعب والشعب وحده! دعونا نرى الشعب عن قرب حين نختم مقالنا هذا.
لا فرنسا ولا غيرها تبحث عن سلام وأستقرار وأعمار لم تجد الليبيين يبحثون عنه أولا! لم يطلب الليبيون منها معونة للعثور على طرق السلام ومسارب الأستقرار وأبواب الأعمار!
لا تركيا ولا الأمارات تريد أستقرار في ليبيا لا يخدمها وبأي شكل. المشكلة أن “قادتنا” فشلوا في أقناع تركيا والأمارات بأننا قادرون على صون مصالحهما أن هم تركونا في حالنا!
لا تركيا “تموت” فينا ولهذا تسلحنا ولا الأمارات “مجنونة” بنا ولهذا تسلحنا. والتدخل ضرره أكثر من نفعه أكان في عام 2011 او عام 2019. ليس هناك تدخل حلال واخر حرام! التدخل كله وفي اي زمان كارثة!
كما لا يوجد سيطرة لأي طرف دون تدخل! في الحالة الليبية تحديدا: ليس هنالك حل سياسي وليسيطر طرف يجب أن يحدث تدخل والذكاء يكمن في أقناع الأطراف المتدخلة ان تدخلها مصلحة لها دون ان تتوقع فوائد مستقبلية غير ما هو قائم الآن! أقناعها أن تدخلها في حد ذاته هو مصلحة لها! فرنسا حررها التدخل وكذلك ناميبيا وأوغندا وزيمبابوي. كل المتدخلين فهموا من البداية أن التدخل في حذ ذاته هو مصلحة لهم! لم يملّوا على ديغول اي شئ ولم يفرضوا على سام أنغوما ما يزعجه أو على موسفني ما يضايقه او على موغابي ما يقيّده! وأحد اسباب ذلك هو أن: ديغول وأنغوما وموسفني و موغابي ومنذ البداية أقنعوا المتدخلين بأن التدخل كفعل هو المصلحة وليس بالضرورة من زيادة عليه بعد النصر! توجد حالات أستثنائية حيث تحققت الأنتصارات (في التنمية وليس الحرب فقط) دون تدخل كما رأينا في ليبيا في تجربة النهر ومصر وتجربة السد! ولكنها حالات لا يمكن القياس عليها!
ودائما: الوحيد الذي يريد حل وله فيه مصلحة هو الشعب الليبي! وهذا الشعب أختار ان يغيّب وعيه وادراكه و وجوده ويسلم نفسه وقياده ومستقبله لحفنة من الأفاقين من أبناءه غير البررة! شعب يصفق للخطأ والصواب في نفس الوقت وبذات الوثيرة الحماسية دون ان يسأل: التصفيق يجب أن يكون لأحدهما وليس للإثنين معا!
مع اول رصاصة أطلقت في هذه الحرب قلت هذا الكلام وبعضه قلته حرفيا. اليوم نقترب من الشهرين وكلامي لم يتغير: وهنا اكرر النصحية التي قدمتها لمن كانوا سينزحون يومها، وصاروا اليوم نازحين: هذه غير كل ما مر سابقا فهي ستطول! للأسف أو بدونه!

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :