فسانيا : بية فتحي : عمر الانصاري
احتفى قسم الجغرافيا بكلية الآداب في جامعة سبها، وبإشراف مركز البحوث والاستشارات العلمية، باليوم العالمي لنظم المعلومات الجغرافية، عبر ندوة علمية موسعة شارك بها عدد من أعضاء هيئة التدريس والباحثين والطلاب والمهتمين بالتقنيات الجغرافية الحديثة وبحضور عميد كلية الآداب.

وجاء تنظيم الندوة في إطار جهود الجامعة لتعزيز البحث العلمي وترسيخ حضور التقنيات المكانية في العملية التعليمية، وهو ما أكدته رئيسة قسم الجغرافيا د. منى ضو في تصريحها أن الاحتفاء بهذا اليوم العالمي “يمثل تعبيراً واضحاً عن إيمان القسم بالدور الحيوي لنظم المعلومات الجغرافية في فهم المكان، وإدارة الموارد، ودعم الجهات المختصة في اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة”.

وأشارت إلى أن القسم عمل خلال السنوات الماضية على تطوير قدرات الطلبة والباحثين، وتنفيذ مشاريع مكانية وإنتاج خرائط وقواعد بيانات أسهمت في دعم مؤسسات محلية عدة، معتبرة أن الندوة خطوة إضافية ضمن رؤية أكاديمية تسعى إلى ربط المعرفة الجغرافية بالواقع واحتياجات المجتمع.
وانطلقت الندوة بسلسلة من المحاضرات العلمية، بدأها أ. نافع حسن ميدون بمحاضرة تعريفية حول اليوم العالمي لنظم المعلومات الجغرافية، استعرض خلالها أهمية هذه المناسبة والدور الذي أدته في نشر الوعي العالمي حول القيمة الكبيرة للبيانات المكانية.

وقال ميدون إن هذا الاحتفاء الدولي يسلط الضوء على التحول العالمي من الأساليب التقليدية إلى أنظمة تعتمد على التحليل المكاني كركيزة أساسية في التخطيط والتنمية.
وتواصلت الجلسات بمحاضرة د.مبروكة محمد التي تناولت أهمية نظم المعلومات الجغرافية ومجالات استخدامها المتعددة، مبيّنة أن هذه التقنيات لم تعد مقتصرة على الجانب الأكاديمي، بل أصبحت جزءاً أساسياً من البنية التحتية للمدن الحديثة، وداعماً رئيسياً للقطاعات الخدمية والاقتصادية، نظراً لقدرتها على قراءة التغيرات ورصد المشكلات والتنبؤ بالاحتياجات المستقبلية.

وأكدت أن نظم المعلومات الجغرافية باتت أداة فعّالة في تحسين البنية التحتية والتقليل من المخاطر عبر تحليل دقيق للأنماط والظواهر.
وطرحت أ. وفاء محمد عطية في محاضرتها شرحاً موسعا حول التحليلات المكانية التي تعتمد عليها نظم المعلومات الجغرافية، موضحة أن هذه التحليلات تسمح ببناء نماذج مكانية تساعد في توقع المشكلات ووضع خطط ذكية لمعالجتها، سواء في مجالات التخطيط العمراني أو إدارة الموارد الطبيعية أو مواجهة الكوارث البيئية. وأكدت أن التطبيقات الحديثة أصبحت قادرة على إنتاج قراءة أكثر عمقاً للواقع، ما يجعلها أداة لا غنى عنها للمؤسسات المعنية بإدارة المدينة.

أما د. عبد الحميد محمد علي فقد تناول في محاضرته أحدث البرمجيات المستخدمة في نظم المعلومات الجغرافية، مقدماً عرضاً حول قدراتها التقنية وكيفية تعاملها مع البيانات المكانية.
وقال إن هذه البرمجيات تمثل العمود الفقري للعمل الميداني والتحليلي، وإن الإلمام بها يعد ضرورة ملحة لكل طالب وباحث ومخطط، لأنها توفر بيئة متكاملة لإنتاج الخرائط والتحليلات القابلة للاستخدام المباشر في أي مشروع.
وأضاف أن التطور السريع في هذه البرامج يتطلب تدريباً متواصلاً لتعزيز كفاءة مستخدميها.

وشهدت الندوة تفاعلاً واسعاً من الحضور، حيث طُرحت أسئلة حول كيفية توسيع استخدام نظم المعلومات الجغرافية داخل المؤسسات المحلية، ودور الجامعة في دعم المشروعات المكانية التي تخدم المدينة. وتم التأكيد خلال النقاشات على أن جامعة سبها تمثل ركيزة أساسية في نشر المعرفة المكانية داخل الجنوب الليبي، وأن قسم الجغرافيا يعمل على تطوير رؤية علمية تسعى إلى ربط البحث الأكاديمي باحتياجات المجتمع في مختلف المجالات.

ويُذكر أنه في ختام فعاليات الندوة صدرت مجموعة من التوصيات التي شددت على ضرورة تنظيم دورات تخصصية متقدمة لتطوير مهارات طلبة الجغرافيا في مجال الاستشعار عن بعد، وتعزيز الشراكات بين القسم والمؤسسات العامة والخاصة، وتشجيع التعاون بين الجامعة والبلدية والقطاعات الخدمية لاستثمار نظم المعلومات الجغرافية في إدارة الموارد والخدمات والمصادر البيئية.

كما دعت التوصيات إلى دعم البحوث التطبيقية ومشاريع التخرج التي تركز على التحديات المحلية مثل الفيضانات والتلوث والتخطيط العمراني وإدارة الموارد الطبيعية، إلى جانب نشر الوعي المجتمعي بأهمية نظم المعلومات الجغرافية عبر حملات تعريفية وورش عمل تسهم في تحسين جودة الحياة ودعم التنمية المستدامة. وشددت الندوة أيضاً على أهمية إنشاء مركز متخصص بجامعة سبها يُعنى بنظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد ليكون منصة بحثية وتطبيقية تخدم المدينة والجامعة.














