جوهر القانون بين المثالية والواقعية

جوهر القانون بين المثالية والواقعية

  • المستشار / ناجي بلقاسم

يعتبر هذا الموضوع من المواضيع المهمة في فلسفة القانون ويفترض في القانونيين معرفة أصل القانون وجوهره ، ومن المعروف أن نشأة القانون جاءت نتيجة لضرورات الحياة الاجتماعية ، وقد اختلف الفقهاء والفلاسفة حول كيفية تكوين القانونية وأساس الإلزام فيه فبعضهم شكليون يركزون على الشكل الذي تخرج منه هذه القاعدة والبعض الآخر لا يعتمد على الشكل وإنما على المادة الأولية المكونة لجوهر القاعدة القانونية . حيث أن المدرسة المثالية تركز على أن ما وراء القانون الوضعي هو قانون مثالي يعتبر نموذج العدل الواجب الاتباع في القوانين الوضعية بمعنى أنها ترتكز على القانون الطبيعي كأساس لها ، واختلف الفقهاء في تعريف مضمون العدل المثالي ، ومن فلاسفة المدرسة المثالية سقراط وأفلاطون وأرسطو وشيشرون، وأيضا فلاسفة العقد الاجتماعي توماس هوبز جون لوك وجان جاك روسو ، وغيرهم من الفلاسفة الذين يرتكزون على قاعدة مفادها : (أن أصل القانون الوضعي هو القانون الطبيعي) ولكن اختلفوا في تحديد مفهوم القانون الطبيعي . أما المدرسة الواقعية تعتبر أن القانون من صنع الواقع فهو يرفض كل بديهية سابقة على الجماعة ، ويلتمس وجود القانون وقوته من قوى واقعية ملموسة تستخلص من عناصر متنوعة حيث اختلف الفلاسفة في تحديد مفهوم الواقعية التي تسند وجود القانون وتبريره ، ومن الفلاسفة المتبنين لفكرة المدرسة الواقعية مونتسكو والسفسطائيون والأبيقيون وغيرهم ، ويعتبر هذا الاختلاف بين المدرستين المثالية والواقعية هو النظر من زاوية واحدة دون النظر من زاوية أخرى لمعرفة جوهر القانون ، فالمثالية لا تبصر إلا للمثل الأعلى الذي يكشف عنه العقل والواقعية لا تبصر إلا الحقائق التي تزخر بها الحياة الاجتماعية . وأصل هذا الاختلاف افتراقهما في الطريقة والنهج فالمدرسة المثالية تقوم على التسليم ببديهة أولية لا تقبل النقاش ولا يمكن التدليل عليها ببرهان مادي ، والمدرسة الواقعية ترفض كل بديهة لا يقوم عليها دليل علمي وتقتنع بالمشاهدة والتجربة لكل واقع ملموس ومحسوس فتلتزم بذلك منهاجاً علمياً تجريبياً بحثاً . ويعتبر الفقيه (فرانسوا جيني ) حاول التوفيق والجمع بين المدرستين المثالية والواقعية فأخد بإيمانه بقدر معين من القانون الطبيعي المستخلص من العقل كما يميل نحو الواقعية في اعتداده بالحقائق الواقعية والتاريخية . ـ وختاما يمكن القول إن جوهر القاعدة القانونية مستمد من الواقع عن طريق المشاهدة والتجربة وأيضا من القانون الطبيعي والمتمثل في العدل المطلق ويمكن الرجوع إليه في حالة عدم وجود نص أو تشريع بالخصوص . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأستاذ: ناجي أبوالقاسم أبوبكر.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :