سأبدأ مقالي بتساؤلأت ماذا لو ؟
ماذا لو أبتعد ساستنا عن حب الذات وحب المال و أعتبار المنصب ملكية خاصة لهم ؟
ماذا لو أبتعد تجارنا عن الجشع والطمع ؟
ماذا لو أبتعد المواطن عن تقمص دور الضحية المستباحة دائما ؟
ماذا لو كان الإعلامي يعمل بمهنية أساسها حب الوطن ولا شيء غير الوطن ؟
ماذا لو قام الموظف بعمله المنوط به حبا لوطنه وليس طاعة لأهوائه ؟
وتساؤلات عدة لا يكفي المقام لسردها ولكنها تحاكي واقع نعيشه الآن وإن ما يعانيه الوطن الآن لا يخرج عن القول بأن هوى النفس سيطر على كل من هم في المشهد في ليبيا ساسة وتجار وموظفين وحتى فئة المواطن العادي .
وقد يظن البعض أن ما طرحته من تساؤلات تنم عن أتهام مبطن … وأقول أنه أتهام صريح تم صياغته في صورة تساؤلات فكلنا مسئولون عن ما يحدث في الوطن .
فالساسة منذ أنتخابهم لتسيير أمور البلاد لا ينفكون مدافعة عن مناصبهم وخلق الحجج وتزييف القوانين و إستغلال كل ما يجدونه لخدمة مصالحهم وبقاءهم في مناصبهم وإلا ما كنا لنرى في دولة مثل ليبيا جسمين تشريعيين وجسمين تنفيذيين وثالث يلوح في الأفق .. وما كنا لنرى أحياء لأجسام ميته فاشلة تعود لكي تمارس غيها على الشعب وتمنح لنفسها غطاء جديد لتلتحف به في دورة جديدة متحججة بحب الوطن الذي غاب عنهم طيلة تقلدهم مناصبهم قبل أن يزاحمهم عليها جسم جديد وما كنا لنرى برلمانيون وأعضاء مؤتمر قاطعوا عملهم بإرادتهم ويلتحقوا بالركب مجدداً مطالبين بحقوقهم المادية والمزايا العينية فقط لأنهم يحبون الوطن كما يدعون ! وليسير الركب فمنذ أن ابتلينا بالمؤتمر الوطني العام وأضفنا اليه برلمان وحكومتان وما إن تعلق الشعب بأمل أسمه الاتفاق كانوا هم صانعيه مع ثلة من المستقلين حتى خرجوا علينا بتجديد الصلاحية و كأن ليبيا لم تنجب غيرهم ليسوسها وقبل الشعب بعد أن أضناه العياء من ضيق الحال وتشظي الوطن الذي أصبح مستباح نراهم الآن وقد اشتدت وطنيتهم من جديد ليزايدوا كل على الآخر مبحرين في هوى أنفسهم تاركين الوطن والمواطن في هامش مصالحهم …والى الآن لم يرسوا مركب الوفاق وهو تتضاربه رياح النفاق .
ونسوق ذلك على مشهد الحياة التي أصبح يعاني منها المواطن في حياته المعيشية وظنك الحياة التي يعيشها وهي نتاج المخاض السياسي الذي أثر بشكل مباشر على عيش المواطن ليكون التجار هم البلاء الاقتصادي فأستغل أصحاب النفوس الضعيفة حال البلاد ليتغولوا بأموالهم في الإستفادة مما يحدث في البلاد ليكون لهم النصيب في الإنتفاع الشخصي على حساب المواطن ليكون ضحية ممارسة المضاربات والإستغلال بأبشع صوره فاستحوذوا على المشهد الاقتصادي المنهار أصلاً .
فمن ممارسة العهر التجاري في تنفيذ واجبهم واستغلوا كل متاح لهم في ذلك فمن ممارسة التوريدات القذرة على حساب الاعتمادات التي تمنح لجلب المواد الأساسية فيقومون بجني أموالها وجلب الفساد للبلاد مستغلين غياب الضمير في مواني البلاد وضعف الرقابة ومنها أيضاً استغلال عدم توفر العملة بالمصارف ليخلقوا سوق سوداء ويتحكموا في سعر صرف العملة مضاربة كما أنهم لم يقوموا بدورهم من حيث التعامل في تغذية المصارف من خلال إيداع أموالهم بها بل قاموا بسحب مدخراتهم معرضين المصارف المحلية للإفلاس وشح السيولة بها والذي أنعكس على المواطن الذي لم يعد قادر على سحب قوت يومه لمواجهة الحياة وفي ظنهم أن ما يقومون به تجارة ومحافظة على ما لديهم من الأموال بحجة الوضع الأمني في البلاد .
والموظف الذي يتحجج بالوضع الأمني مستغلاً التسيب الإداري فيهمل ممارسة عمله وهذا يساق على أغلب المؤسسات المدنية والأمنية تاركين البلاد ومواطنيها يعانون شح الخدمات التي كان يمكن أن تسهل الوضع كثيرا إذا ما مارس كل مواطن عمله بأمانة لكان الوضع مغاير ولكن منا البلاء والمبتلى كما أن للمواطن حقوق يسعى اليها فأنه عليه واجبات تقع عليه بحق الوطن فلا تستعطف حقوقك المسلوبة بل عليك المثابرة لأخذها وهو حق أصيل .
فالسلبية المقيته التي يمارسها المواطن وترك الحقوق لمستغليها زاد من سوء الوضع على المشهد وأدى إلى تغول المسئولون والتجار وكافة المصالح الخدمية وتجرؤهم على الخوض في انتهاك كل القوانين وأغتصاب ثروات البلاد .
ودور الإعلامي المهني هو نقل الحقيقة وبشفافية وليس إتباع أجندات مؤدلجة لصالح فئة معينة قاصداً من وراء ذلك جني الأموال في ممارسة رذيلة لمهنة لها دور أساسي في تصويب الأوضاع فلو إن كل إعلامي مارس مهام عمله بشكل صحيح وغلب هوى نفسه خدمة لوطنه لتغير من الحال الكثير من خلال نشر الوعي والابتعاد عن التوصيف الخاطئ والنفعي لمجريات الأحداث في البلاد
وهنا نقول لأنفسنا أولا ونتوجه إلى كل من طالته التساؤلات في رأس المقال ماذا لو كان حب الوطن هو الغاية الأسمى .. ماذا لو تلاحمت جهودنا في حب الوطن دون النظر الى أهواءنا وما تشتهي أنفسنا ؟
لكان حال بلادنا في خير الآن وهنا دعوة لكل أطياف المجتمع من رأس الهرم الى القاعدة بأن يغالب كل فرد فيها شيطان النفس ووضع الوطن وما آل اليه حال البلاد نصب أعيننا ونستدرك ما تبقى لنا من وطن وتتحد جهودنا لمعالجة كل الظواهر السلبية والقضاء على كل من يريد الأجرام في حق البلاد والعباد عندها فقط سننهض وندفع بعجلة التقدم الى الأمام في بناء وطن نحن أولى بالمحافظة عليه لنحفظ أنفسنا …. وأخيراً حب الوطن وهوى النفس لا يلتقيان .
ابرهيم فرج