حُرّيَةُ الرّأْيِ لَا سُلْطَانَ لِأحَدٍ فِي التّعْبِيرِ بِالْقَوْلِ وَالْكتَابَة ..!

حُرّيَةُ الرّأْيِ لَا سُلْطَانَ لِأحَدٍ فِي التّعْبِيرِ بِالْقَوْلِ وَالْكتَابَة ..!

  • فرج سليمان كبلان.

يأمل كل إنسان أن يكون له مطلق الحرية في إبداء رأيه لا سلطان عليه في التعبير عما يريد بالقول أو الكتابة أو الحوار. وإذا كان من الظلم للفرد أو الجماعة أن يسلب الإنسان حقه الطبيعي في الإعلان عن رأيه أو يباح له في أضيق الحدود كتأييده في السلطة الحاكمة فتحرم الأمة كثيرا من الآراء الصائبة والعناصر الرشيدة وينهي الكبت والاستبداد إلى النشاط في الظلام وينشر الأكاذيب والشائعات وقيام الفتن والثورات ومن الظلم أيضا أن يترك له مطلق الحرية في ذلك دون قيد يحد من غلوائه ويكبح من جماحه فينال من شرف الناس وسمعتهم أو يتعدي على حقوقهم وحرياتهم وينتهي الأمر بالأمة إلى التشاحن والتباغض وتفرقها إلى أحزاب ، يكيد بعضهم لبعض وينصرف كل حزب عن العمل لصالح الأمة إلى الذود عن نفسه والعمل لمصلحته فتنتشر الفوضى وتشيع الفتنة وتنحط الأمة . لذلك سلك الإسلام والقانون الوضعي حدا وسطا بين الطرفين فوضع لتلك الحرية قيودا تحقق النفع منها وتمنع سوء استعمالها . فشرط التزام الحكمة وحسن الموعظة فيمن حرص على اكتساب حق الحرية في الجهر بالرأي والدعوة إليه ويقدر آراء غيره فقال تعالى ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) . فالحكمة تقتضي من صاحبها : شرف القصد والاجتهاد في إصابة الحق عن طريق العلم والمعرفة والعقل والتجربة ، وحسن الموعظة يستلزم : عرض الرأي في أسلوب مهذب وحجة بيّنة يملكان على الناس قلوبهم وعقولهم كما يستلزم سعة الصدر في المناقشة والنزاهة في النقد وبذلك تتمحص الآراء ويتجلى وجه الحق فيها، ويسود الوئام والإخاء بين الناس وتوثيق الأواصر بين الأفراد والهيآت ، فتسود روح التعاون والاحترام بينهم وتستجيب الحكومة لنصحهم ولا يكون للخصومات الشخصية والنعرات الطائفية والأفكار الضالة أثرا في مجتمعهم فيعم النفع وترقى البلاد . وليس من الحكمة أن يبدي المرء رأيا أو يروج له أو ينقده دون معرفة أو تفكير ، أو يناصر رأيا يعلم ضعفه أو بطلانه أو لا يخضع للحق بعد ظهوره إرضاء لشهوة نفسية أو إيثارا لمصلحة شخصية أو حزبية . وليس من الحكمة أن يعتدي على غيره فيبدأ بالإيذاء أو يصادره في إبداء رأيه أو يسلبه حقه في ذلك فإن الله لا يحب المعتدين وفي الحديث ( لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) . وليس من الحكمة أن يجادل الجهلاء ممن قصرت أفكارهم أو أعمارهم وتعصبهم لآرائهم أو حملهم كبرهم على التنكر للحق وليس من حسن الموعظة أن يضيق صدره بخصمه ، يستعمل في الرد عليه الأساليب المنفرة المنطوية على السخرية والاستهزاء ، أو المشتملة على التجريح والسب والطعن . وفي الحديث ( ليس المؤمن بالطّعان ولا اللّعان ولا الفاحش ولا البذيء ) . وبهذا للفرد حرية إبداء رأيه في تلك الحدود بل أوجبها عليه في كل ما يحقق الخير وينصر الحق حين أوجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي الحديث ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) وفيه أيضا : (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ). الدّين النصيحة : لا يحتقرَنّ أحدكم أن يرى أمرا لله فيه قول فلا يقول فيه ، فيقال له يوم القيامة : ما منعك أن تكون ، قلت : كذا وكذا ؟ فيقول : مخافة الناس ، فيقول الله : إياي أحق أن تخاف . وقد كان عمر من شدته وخشية الناس له ، يتقبل النقد النزيه ويخضع للحق لصاحبه وبذلك يسود الوئام والإخاء بين الناس .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :