- قراءة / خديجة زعبية
ليس غريبا هذا التميز عند الأستاذة عائشة إبراهيم و هي التي تملك القدرة الكتابية و مقومات النص الجاذب لكل الحواس. اشتغلت في نصها على تحفيز حواس القارئ و استخدمت بمهارة أسلوبا مبسطا بعيدا عن الفلسفة أو التعقيد معلنة بذلك اصطفافها للقراء البسطاء و مخاطبة وجدان القارئ ومشاعره في حين نرى بعض الكتاب خصصوا أنفسهم وأعمالهم لمحيطهم المتخصص. لتلك الرسومات والنقوش في كهوف الجبال ألف حكاية و حكاية أعادت حروف الرواية الأنفاس لها مخلدة بذلك تاريخ آخر صاحب نور هذا النص. لا تستبعد الكاتبة العاطفة و الإحساس في مكونات العمل و أضفت للجوامد حركة وتعابير استلهمتها من عذوبة الطبيعة البكر الخالية من التزييف و التشويه، فحرب الغزالة هي الحرب الأزلية بين الخير والشر و ولم تقتصرها الكاتبة على البشر فحسب بل أوجدتها في أجمل حامليها سافي. المتتبع لنصوص الكاتبة يلحظ أنها تنتهج البساطة و الوضوح في أعمالها و كونها خلدت بنصها هذا ما بقي في طيات التاريخ منسيا فعملها هذا هو توثيق من جهة و عالم من الجمال من خلال وصفها من جهة أخرى.. لا يمكن للقسوة والقوة والصرامة أن تنشر محبة وألفة بين سكان المكان الواحد و مهما اعتلى حاكم في إظهار نفسه ومحبته لمريديه إلا أن الاعتزاز بالإثم يجثو على كيانه و في هذا السياق صورته الكاتبة من خلال وصفها للملكة تندروس وحاشيتها و أبدت الكاتبة أهدأ مواطن الجمال في بعض شخصيات روايتها أبرزها على الإطلاق سافي. هدوء الطبيعة و مناظر جميلة أضفت للنص الكثير و من بين المشاهد التي حبكت بدقة: ” أيتها الفتاة المعتدة بنفسها، أعدك أن أطلعك على مناجم الدهشة في كل ليلة. فقط لا تثرثري بحماقاتك عن انطفاء الجاذبية، مازال هنالك فيلق من السباع بانتظار أن يرقص بين يديك حتى الصباح.” السرد في الرواية متتابع ومتناسق و الحوار بين شخصيات العمل اتفق مع سمات كل منهم. نهاية الرواية جاءت بداية لتخليد من نوع آخر، خلود في التاريخ والذاكرة و رقش لمهارات الكاتبة تظل بارزة بمرور الزمن. الكاتب الجيد هو من ينتظر قرائه أعماله في شوق، و مازلنا في انتظار إبداعات الكاتبة. خريف جديد ليلة أخرى و الحسناء مازالت هناك تنتظر القمر و الوعد القديم يذوب كشهقة في مغار الليل خريف جديد ليلة أخرى و الحسناء نجمة خرافية تخاتل القوافل و تنثر الذهب من يخبر الحسناء أن السماء لا تهب التمثال أجنحة و لا تعصر الخمر في ثلمة الحجر