الخيرة فيما اختاره الله لك …!!

الخيرة فيما اختاره الله لك …!!

  اعداد – خديجة حسن

الولد نعمة وهو من أجل النعمَّ إن كان الولد صالحًا، أما إن فسد وضل وانحرف فعدمه خير من وجوده وموته خيرٌ من بقائه لوالديه، لهذا لما لقيا موسى عليه السلام والخضر- العبد الصالح- غلامًا قتله الخضر، فقال له موسى عليه السلام: ﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾ فقال له الخضر: ﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾[الكهف: 80] إذا موت الولد الفاسد خيرٌ من بقائه لوالديه في دينهما ودنياهما.

فأما في دينهما فقد يُفتتنان به وقد يقصران في طاعة الله بسببه وقد يرتكبان المعصية من أجله.

وأما في دنياهما، فالولد الفاسد شقاء على والديه ذُل في النهار، وسهر بالليل، وضيق في الصدر وتعاسة لا يعلمها إلا الله.

فالولد نعمة إن كان ولدًا صالحًا، أما إن كان فاسدًا شقيًّا فهو وبال ودمار وبوار على والديه في الدنيا وفي دار القرار .

وكم أب تمنى أن لا ذرية له بعد أن رأى صنيع أبنائه به، وكم أم تمنت أنها لم تنجب بعد أن تجرعت المآسي من ما فعله أبناؤها بها.

فرفع الصوت على الوالدين أصبح أمرًا عاديًا عند كثير من الأبناء، وتعدي الأمر إلى أن يضرب أحدهم أباه أمام مرأى من الناس، ولما أراد الجيران والمارة أن يمنعوه قال لهم: «أتركوني أؤدبه»!!

هكذا يفعل بأبيه بعد أن رباه وتعب في تربيته، سهر الليل من أجله وجلب له الرزق من كل مكان وبعد ذلك كله يضربه.. وأمام الناس !! أترى هذا الأب تمنى أنه أنجب الولد؟!

وليت الأمر يقف عند الضرب أو رفع الصوت بل تعداه إلى أن يقتل أحدهم أمه، وآخر فعل الفاحشة بأمه!! الأم التي حملت ابنها في بطنها تسعة أشهر ثم لاقت الآلام والزفرات عند ولادته ثم أرضعته ، وسهرت لمرضه، وأطعمته بيديها ونظفت أوساخه التي يخرجها من بطنه بيديها… على ثراها وليد قد سمى ونمى، وبعد أن كبر زوجته وفرحت بزواجه، منتظرة في آخر عمرها- بره فقابل ذلك كله بالعقوق.. ثم القتل!! ومن أجل من؟ من أجل زوجته وكلما تذكرت طريقته الإجرامية في قتل أمه، أحسست بقشعريرة في جسمي وكان يغمى علي من شدة ذلك على نفسي، لقد قتلها بطعنات متتالية وهي نائمة مطمئنة في فراشها، ثم لما رأى منها مقاومة قذف طوبًا كبيرًا على رأسها فأجهز عليها.

أترى هذه الأم وهي ترى الطعنات في جسدها والطوب الكبير يسقط على رأسها أتراها تمنت يومًا من الأيام أنها أنجبت ولدًا؟!

وأمّا الآخر فقد تعاطى المخدر ثم هجم على أمه العجوز بكل ما يملك من قوة ثم فعل الفاحشة بها.. أترى هذه الأم العجوز تمنت يومًا من الأيام أنها أنجبت ولدًا؟!

وكم من أب بعد أن رأى العقوق والعار والفضيحة من أبنائه تمنى أن لم يُرزق بذرية..

وألخص القول في أن الأبناء إن لم يكونوا صالحين فعدمهم خير من وجودهم، ولربما عاش أحدنا بدون الولد  سعيدًا مرتاح البال، وغيره يعيش حزينًا على ما فعله به أبناؤه، فاحمد الله- عز وجل واعلم أن الخيرة في ما اختاره الله لك.

قال تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾[البقرة: 216].

لذا كان الأولى لمن يدعو لنفسه بأن يرزقه الله الذرية أن يدعو دائمًا أن يرزقه الله الذرية الصالحة المصلحة.

بل إن المصطفى r عندما بين أن العبد إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث اشترط صلاح الولد فقال: «أو ولد صالح يدعو له».

والعبد مخلوق ضعيف لا يدري ما الخيرة في أمره بل الذي يعلم ذلك هو الخالق المدبر الحكيم الذي قدّر عليه عدم الإنجاب، فحري بهذا العبد أن يرضى بتقدير مولاه ولا يتضجر ولا يتملل فقد يكون ذلك خيرًا له في دينه ودنياه ولا يعلم الخير إلا الله.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :