بقلم:: إبراهيم عثمونة
ليلة أمس كنا في ضيافته ، تركنا الرجل نتحدث ولم يقاطعنا ولم يتكلم ، لكنه ما إن أخذ يتحدث حتى صمتنا وصرنا نسمعه باهتمام بالغ.
مضى عليه ، في فترة مبكرة من عمره ، أكثر من عشرة سنوات لم ير فيها السماء بالليل.
كانت السماء التي يرونها ما بين 11 صباحاً وحتى 2 ظهراً ، وفي اليوم الذي سبق خروجهم أعلموهم فقط بأمر الإفراج ، وسمحوا لهم وفتحوا ابواب العنابر ، يومها شاهد “عبد الرحمن جماعة قجدور” النجوم . كان أول واحد خرج ، فهو نزيل في العنبر القريب من الباحة حين ركض ليُعبر فقط عن فرحة الخروج ، لكنه ما إن وجد النجوم في السماء حتى عاد مسرعاً إلى الداخل ليُخبر رفاقه عن النجوم وعن الليل الموجود بالسماء ، فتذكر الجميع أنهم لم يروا الليل في الخارج منذ فترات بعيدة ومتفاوتة.
خرجوا تباعاً من باب العنبر الضيق واحد بعد آخر وهم صامتون . كانوا يتذكرون صورة آخر قمر وآخر نجمة رأوها قبل “بوسليم” . تفرقوا وانتشروا في باحة السجن وهم ينظرون إلى أعلى . كانت النجوم كثيرة ، كانت أكثر منهم حتى أن بعضهم أخذ أكثر من نجمة وحازها له ، لكن أكبر نجم في السماء كان قد اخذه عبد الرحمن لأنه أول مَن أخبرهم . قال لهم أن ذلك النجم الكبير له فلا يقتربون منه ، في حين أنتقى كل واحد منهم نجوماً أخرى بأحجام متفاوتة ، وجلسوا يومها بصمت ينظرون إلى السماء في مشهد بدا للسجان كما لو أنهم يمارسون طقوس وعبادة.
(غداً حكاية أخرى له)