سعد السني.
من يستقرئ التاريخ العربي الإسلامي ،منذ الدولة الأموية إلى اليوم يجد أن %90 على الأقل من الأحداث والمعارك هي من أجل السلطة ،ولاشيء غير السلطة ويتم تبريرها بشتى صنوف الأساطير المختلقة ،وغالباً ما تكون الأيديولوجيات والعقائد التي تتبناها السلطة ليست صادقة في تتبنيها لها إنما فقط لتبرير السلطة وشرعنتها وكمثال على الاستخدام النفعي لأفكار وشعارات عظيمة بعضها ديني وبعظها الآخر علماني دنيوي ، كالاشتراكية والعدالة والحرية والديمقراطية ،إلخ ،يكفي فقط استقراء نتائج حركة دينية كالوهابية مثلاً التي رفعت شعار العودة إلى التوحيد ومحاربة الشركيات والبدع ،إلخ وانتهت إلى حكم تتوارثه أسرة آل سعود لأراضي نجد والحجاز . وأخيرا تخلص الأمير الشاب (الحداثي) من آخر ما يربط المملكة بالمشروع الوهابيً، السؤال المحير هو لماذا هذا التعلق بالسلطة إلى درجة سفك الدماء وممارسة الكذب وفرض سرديات كبرى على الشعوب؟هي في الحقيقة مجرد أكاذيب لتبرير السلطة مما جعل تاريخ هذه الشعوب هو تناوب بين الخديعة واكتشافها ثم بناء خديعة جديدة، لماذا يتحول تاريخنا إلى ملحمة من الزيف والانتقام؟هل تستحق السلطة كل هذا العناء؟أعتقد أن الشيء الأكثر أهمية وأولى باهتمام الباحثين هو دراسة مفهوم السلطة في (المخيال) العربي ،لماذا هي مهمة إلى هذا الحد؟وما سر التعلق المرضي بها من أدنى المستويات إلى أعلاها؟ من مشرف العمال إلى مدير المدرسة ، وانتهاء برئيس الدولة؟ الغريب أيضاً أن هذا النزوع السلطوي موجود على مستوى اللغة أيضا ،فكلمة (عقل) في اللغة العربية مشحونة بقوة سلطوية فقد سمي عقلاً لأنه يعقل صاحبه عن الوقوع في المهالك، من العقال الذي يعقل به البعير ،إذاً العقل سلطة كابحة.