بقلم :: زكريا العنقودي 2017
كان المنهج بجامعة ناصر (لغة عربية وادب عربي )..وفي مادة الادب العربي جاء ترتيب المنهج هكذا (جاهلي ..اول الاسلام ..اموي .عباسي اول وتاني ) وقد تم ترتيبه مسبقا وعلى يدي دكتور يؤمن بعد الله بفدسية ثوابت الشعر العمودي اي اعمدة حكمته السبعة فرتب شعراء العصر العباسي ( ابو تمام ..البحتري ….المتنبي )……
كانت علاقتي بالدكتور طيبة في بادي الامر لكن اول ماساءت علاقتي به انه كان يختارني دونا ع الطلبة في القاء نصوص شاعر المحاضرة (اذكر كم تماهيت وانا القي للطلبة نصوص ابي نواس )
وحين جاء موعد الثلاث الكبار كان المفتتح (ابي تمام ) فمر الامر معه بسلاسة ( فقد كنت اعده شاعرا (محدثا) واضاف الكثير ع اعمدة الحكمة السبعة للشعر العمودي ولم يدعها تكبله او تشد قريحته الشعرية ..لقد اضفي ابو تمام على اللغة العربية الكثير يكفيه فخرا فقط انه اول من طورعلم البديع وجعله من قليل القول ومكتفيا بحلقات الدرس الى بحر محيط في علوم اللغة )
وققت بالمحاضرة وكما العادة و انشدت(ومازالت اذكر هذه الابيات الى يومنا هذا )وشدوت بقوله
غدت تستجير الدمع خوف نوى غد ………وعاد قتادا عندها كل مرقدِ
وانفدها من غمرة الموت انه ………….صدود فراق لاصدود تعمدِ
واجرى لها الإشفاق دمعا مورداً ……….من الدم يجري فوق خد موردِ
هي البدر يغنيها تودد وجهها …………الى كل من لاقت وان لم توددِ
كنت اختتم ومحاضرة ذاك اليوم وكانت محاضرة البحتري تقترب لذا وفي يومها كنت (اصطفق زي الجريدة ) فما كان من الكتور الا وان فعلها (ربما كبرت الان وعرفت الرجل وقيمته ووقفت عند حكيم شعره وجزلالة نصه ) لكني حينها ( بمراهقتي ) لم اكن اطيقه بل كان اسواء ماقالته العرب عندي قصيدته (اتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا ) كان الدكتور يعرف مسبقا رايي باغلب شعراء الاصنعة وانني كنت بمحبتهم اتخير ولا اجبر ممن لم اختره بحياتي كان (البحتري ) مع ذلك اصر ع ان القي القصيدة وبالذات التي اكرهها ولانه هددني بالطرد حين رفضت .. القيت القصيدد ببلادة ثبت لاحقا ان خزنها كمستمسكا علي ..
بعد البحتري جاءت (الفسحة ) فقد كان موعدنا مع المتنبي والذي سمى المؤرخون قرن كامل باسمه فقط .ثم انني هو الأخر كنت اكن له ود خاص وقد يكون السبب غريبا لكن (نرجسيته ) واعتداده بنفسه قبل عظيم شعره كانت هي سبب محبتي له وانا بذاك السن يجيز لي قارئي ان اتخير الامر هكذا وحين جاء موعد توسطي لقاعة الدرس القيت (ميميته الشهيرة ) في الاعتذار لسيف الدولة لارضي غرور دكتورنا فهو كان يعرف من كنت انتظر بعد المتنبي فقد سبق وناقشته بالامر لكن الذي اتضح لي انه كان يعد العدة لطي هذه الصفحة لينتقل بنا لزمن اخر هو زمن (ابي العلاء المعري )..وهنا ثارت ثائرتي و كان لابد ان (اصرح )..لا .بل ان (اصرخ ) ..في وجه دكتورنا ( غفرانك ربي ) قائلا واين (ابي فراس الحمداني) بمنهجك هذا ام انك لاتعده شاعرا ومن تكون انت لتتجاوز قيمة عظيمة كابي فراس واخدت امام الطلبة اعد عليه مناقب شاعري وفارسي وضرورة حضوره بالمنهج ..بعض الطلبة ساندني وبعضهم احب الزوبعة فزاد من عيار ا(لعركة ) ..(اتضح لاحقا انهم كلهم من فصيلة حفار الساق ) ولكي يجتاز الدكتور كل هذا (العار الذي فعلته ) وافق ع ان تكون محاضرته التالية ( حمدانية الشعر منبجية الهوى ) .
في اليوم التالي وكما العادة توسطت القاعة والقيت قصيدة
(اقول وقد ناحت بقربي حمامة ..ايا جارتا لو تشعرين بحالي )
وبدلا أن اعود لمقعدي وبهدوء فلقد حققت نصرا باحضاري ابي فراس من سجنه و اسره لقاعة درسنا …لكني كنت قد ادركت ان الدكتور كان يلقي المحاضرة و(خلوقه ضيقات ) فهو لم يجهز لها كما تعود لحاملي لوا الشعر العمودي كما انه اخطاء كثيرا في سرد الاحداث ، وبما اني كنت حمدانيا اكثر من بني حمدان فرحت اقاطعه بالدرس فما كان منه الا وان عاد لمقعده وطلب مني ان اكمل المحاضرة عنه ، الأمر ارضى غروري وقمت بالواجب تجاه الجميع بما فيهم (ابي فراس ) نفسه وانهيت المحاضرة وشكرت الدكتور وعدت لبيتي وكانني فارس من فرسان الحمدانيين لتوه عاد من مقارعة البيزنطيين ع تخوم بني حمادن وانتهى الأمر عند هذا الحد ..لا لم ينتهي الامر عن هذا .
فبعد فترة الامتحانات وكنت اقف وزملائي نقرا نتائج امتحانتنا وكانت ثقتي بنفسي فوق العادة ( الم اخبركم بكوني حمداني ) فتتبعت كل نتائجي وكانت كلها ان لم تكن ممتاز فهي جيد جدا ..لكني توقف جريحا فمعركتي انتهت هاهنا فدكتورنا المبجل من كنت القي له النصوص واساعده بالمحاضرات اعطاني صفرا بمادة الادب العباسي وبما اننا كنا نقرا بنظام سنة فهذا سيعني انني ساعيد كامل العام لإجل هذه المادة اللهم الا اذا تدخلت الاقدار وقررت إدارة الجامعة اجراء امتحان تكميلي لمن رسبوا بمادة واحدة
.لم يكن من مجال لحرب تانية لخوضها ..فقد كنت جريحا ومهيض الجناح لقد انتصرت لابي فراس وانتصرت للشعر لكنني ابدا لم انتصر لنفسي .
.
أيَا جَارتَا، ما أنْصَفَ الدّهْرُ بَينَنا!
تَعَالَيْ أُقَاسِمْكِ الهُمُومَ، تَعَالِي!
تَعَالَيْ تَرَيْ رُوحاً لَدَيّ ضَعِيفَةً،
تَرَدّدُ في جِسْمٍ يُعَذّبُ بَالي
أيَضْحَكُ مأسُورٌ، وَتَبكي طَلِيقَةٌ،
وَيَسْكُتُ مَحزُونٌ، وَيَندبُ سالِ؟
لَقد كنتُ أوْلى مِنكِ بالدّمعِ مُقلَةً،
وَلَكِنّ دَمْعي في الحَوَادِثِ غَالِ