حين تواصل الكاميرا الإرث ” أيام قرطاج السينمائية تحتفي بسليمان سيسي والابنة فاتو تكتب الفصل القادم “

حين تواصل الكاميرا الإرث ” أيام قرطاج السينمائية تحتفي بسليمان سيسي والابنة فاتو تكتب الفصل القادم “

إلتقها / نيفين الهوني / تونس /خاص

منذ ستينيات القرن الماضي لم تكن السينما لدى المخرج سليمان سيسي مجرد صورة متحركة بل كانت فعلا ثقافيا وموقفا أخلاقيا وسلاحا رمزيا في مواجهة النسيان والظلم حمل الكاميرا ليمنح مالي وأفريقيا صوتا وصورة وكرامة فصنع أفلاما عبرت الحدود وحفرت اسمه في ذاكرة السينما العالمية وكان لمهرجان أيام قرطاج السينمائية نصيب وافر من هذا المسار إذ ارتبط اسمه بالتانيت الذهبي وبقرطاج بوصفها فضاء يحتفي بالسينما الحرة والملتزمة وبعد رحيله في فبراير 2025 يعود سيسي إلى قرطاج مكرما كما يليق بروادها لكن هذه المرة في ذاكرة الجماعة ووجدان العائلة وفي لحظة يتقاطع فيها الوفاء بالمستقبل تقف فاتو سيسي الابنة والمخرجة شاهدة على مسار طويل من العمل المشترك والتعلم الصامت حاملة إرث الأب كمسؤولية فنية ورؤية مستمرة تفتح السؤال الأكبر عن مستقبل السينما في مالي بعد غياب أحد أعمدتها وعن جيل جديد يسعى إلى تحويل الفقد إلى طاقة إبداع وإلى مواصلة الحلم الذي بدأه سليمان سيسي بالكاميرا وبالإيمان العميق بقوة السينما على التغيير.

من هذا المنطلق وخلال أيام قرطاج السينمائية ألتقت فسانيا المنتجة والمخرجة فاتو سليمان سيسي التي أجابت عن كل أسئلتنا بحب وبهجة :

بصفتكِ كنتِ مديرة إنتاج ومرافقة لوالدكِ لسنوات، كيف أثّر هذا القرب المهني على رؤيتكِ الإخراجية في هذا الفيلم؟

 ما الذي يمكنني قوله بخصوص إدارة إنتاج أفلامه كنت حاضرة في فيلمين أو ثلاثة من أفلامه وهي:

قل لي من أنت (Tell Me Who You Are) – إنتاج عام 2009 ثم يا سمبين! (!O Sembene) – إنتاج عام 2013. ثم بيتنا (Our House / Oka) – إنتاج عام 2015 وبصفتي كنت مديرة إنتاج لم يكن والدي شخصا سهلا لأنه عندما يريد شيئا يريد أن يكون كل شيء جاهزا ومُنجزا بدقة كبيرة كان شخصا شديد التدقيق في التفاصيل. وكان من الصعب جدا بالنسبة لي البحث عن المال ثم وضع باقي الأمور في نصابها من أجل أن يكون مرتاحا ويعمل بطريقة صحيحة. أستطيع أن أقول إنه دعمني كثيرا وهذا ساعدني كثيرًا وبسبب دعمه تعلمت الآن أن أعتمد على نفسي وأتدبر الأمور بالإمكانيات المتاحة.ففي الأنتاج  يمكن أن نتوقع كل شيء: يمكن أن يتم التخلي عنك في آخر لحظة خاصة عندما لا يكون هناك دائما خطة ثانية بديلة كل هذا جزء من اللعبة السينمائية لذلك يجب دائمًا التفكير ووضع خطة بديلة (Plan B) لتفادي مشاكل اللحظة الأخيرة في موقع التصوير

قال والدكِ ذات مرة: “سأعتزل عندما أغادر هذا العالم”؛ كيف تصفين اللحظات الأخيرة في علاقته بالكاميرا قبل وفاته في 2025؟

حتى في آخر إنتاج له، بقي هو نفسه. لم يغيّر رؤيته، ولا طريقته في معالجة الصورة ولا في إنجاز مواضيعه. بقي وفيًا لعمله. ماذا يمكنني أن أقول أكثر؟ إنه ببساطة سليمان.

للمخرج سليمان سيسي تاريخ طويل مع “التانيت الذهبي” وقرطاج؛ ماذا يعني لكِ وللعائلة أن يُكرّم في تونس بهذه الدورة (2025) بعد رحيله في فبراير الماضي؟

 لقد تشرفت العائلة كثيرًا بتكريم مهرجان أيام قرطاج السينمائية  الذين أبلغونا بأنه سيتم تكريم لأبي سليمان سسي ولقد كان الجميع سعيدا جدا خاصة خلال حفل الافتتاح.. أعترف أنني أعجبت كثيرا بما تم تقديمه في حفل الافتتاح عن والدي بعد ذلك، تم عرض فيلمي في افتتاح هذا التكريم. والآن ننتظر أيام الأربعاء والخميس والجمعة لمشاهدة أفلامه ولكي يتمكن الشعب التونسي من الحضور ومشاهدة هذه الأفلام.

والدكِ كان يرى السينما “سلاحاً” للتغيير والوحدة في أفريقيا كيف تخططين (من خلال أعمالك) للحفاظ على هذا النهج وتطويره؟

لا أعرف إن كانت لدي استراتيجية بالمعنى الحقيقي، لكن أعتقد أنني أسير في نفس المنطق والمسار الذي كان عليه في كل ما كان يفعله. كما قلت، لقد كان دائمًا ضد الظلم. في المقام الأول، هو نفسه عاش ظلمًا، حتى في موته. وكما يُقال، لا أحد ينصف نفسه بنفسه لقد كان مُقدَّرًا ومُمجَّدًا في الخارج دائمًا، لكنه كان يقاتل من أجل أن يُرى مالي، لأن الأولوية كانت لمالي، وليس لسليمان كشخص. لقد ناضل من أجل مالي. ولكن للأسف، لم يحصل حتى على الحد الأدنى من الاعتراف الذي كان يستحقه.

باعتباركِ مخرجة من الجيل الجديد، ما هي “الوصية الفنية” التي تركها سليمان سيسي لفاتو المخرجة وليس الابنة فقط؟

فيما يخص العمل، لم يقل لي شيئًا بشكل مباشر.

كنت أتبعه، أراقبه. لم تكن مجرد نصائح، بل كانت دروس حياة. العمل معه كان بالنسبة لي دروسًا في الحياة.

كلمة أخيرة

شكرا لتواجدكم ومواكبتكم

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :