بقلم :: إحميد أعويدات
يقع إقليم فزان على مفترق طرق إقليمي ،حيث يربط جنوب ليبيا بمنطقة الساحل وبطرق المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى شمال ليبيا ومن ثم إلى أوروبا. يعاني إقليم فزان من مشاكل متعددة ،معظمها ليس من صنعه. يعاني الاقتصاد القانوني للإقليم من الركود ،لكن المؤسسات الاقتصادية والمالية الوطنية التي يمكن أن تساعد في إنعاشه مشلولة إلى حدٌ بعيد. على النقيض من ذلك ،فإن الاقتصاد غير القانوني يزدهر. يقع إقليم فزان على مفترق طرق إقليمي ،حيث يربط جنوب ليبيا بمنطقة الساحل وبطرق المهاجرين من خمس دول إفريقية جنوب الصحراء إلى شمال ليبيا ومن ثم إلى أوروبا. و على الرغم من توفر أغلب الموارد الطبيعية للدولة في هذا الإقليم ،فإنه يعاني من غياب سلطة واحدة -في ظل الصراع السياسي- قادرة على فرض القانون ؛كما أن حوافز التهريب من جميع الأشكال بأنواعها المختلفة من البشر إلى المخدّرات ،تتفوق بكثير على حوافز كسب المال من خلال الوسائل القانونية. وقد جرى استغلال التوترات ما بين الحكومات شرقا و غربا و كذلك القبلية في داخل الإقليم ،و التي منها الفراغ السياسي والمنافسة الاقتصادية بين الفصائل المتناحرة لكل قبيلة للتنافس على السيطرة على طرق التهريب و موارد الإقليم . كما تدخلت قوى خارجية قوى إقليمية ،ومرتزقة أجانب وتنظيمات جهادية عابرة للدول و التي بدورها انضمت إلى الصراعات المحلية لتثبيت نفسها أو استخدمت الجنوب كمنطقة للعبور. سيكون تحقيق الاستقرار في فزان صعباً وسط مثل هذه العاصفة ،لكن الإقليم أُهمل لفترة أطول مما ينبغي و هذا ما عاد بالضرر البالغ على سكانه وجيرانه وأوروبا بالأخص على حد سواء. وقد يشكل القتال الجاري حالياً بين التحالفات العسكرية المتنافسة أكبر التحديات. المجلس الرئاسي المدعوم من الأمم المتحدة و حكومة الوفاق الوطني،التي يرأسها رئيس الوزراء السراج في طرابلس ،لا تتمتع بمكانة تذكر وليس لها سوى حلفاء قلائل في فزان ،و على النقيض من ذلك فإن الفصائل المتحالفة مع قوات عملية الكرامة التي يقودها الجنرال خليفة حفتر والحكومة الشرقية التي تتخذ من البيضاء مقراً لها تتمتع بنفوذ أكبر لكن لا فائدة له. الدعم العسكري من أجل السيطرة على موارد الإقليم قد سرّع من امتداد هذه الخصومات في الجنوب كذلك التوترات الواقعة بين القبائل ،التي قاتلت في خمسة حروب محلية متتالية منذ العام 2011. رغم اتفاقات وقف إطلاق النار و الهٌدن الهشّة فإن مخاطر حدوث المزيد من التصعيد تبقى مرتفعة،جزئياً بسبب عدم تقديم التعويضات المادية التي وُعد بها خلال المفاوضات السابقة ،وأيضاً بسبب التأخير في تنفيذ خطط إعادة الإعمار . يشكل تحقيق الاستقرار في فزان حاجة ملحة ،ليس لضبط وتقييد الهجرة وحسب ،بل لمعالجة قضايا الحوكمة ،والقضايا الاقتصادية والأمنية في الجنوب ، الوضع الآن في سبها أصبح مشابها لما كانت عليه أوباري قبل عامين ،و بداية الصدام مابين القبائل العربية و قبيلة التبو و حلفائها بدإ يقترب لذلك فإن عودة الأوضاع إلى طبيعتها ستكون مستحيلة. وفي حين أن هذا السلام سيتطلب تدخلا سريعا للسلطات الليبية والحكومات الأوروبية من حيث اتخاذ خطوات فورية لتحسين العلاقات بين القبائل الجنوبية وتحسين الأحوال المعيشية وهي إجراءات من شأنها ،بمرور الوقت ،أن تقلص الحوافز الدافعة إلى التناحر على طرق التهريب على سبيل المثال ،يمكن للمانحين الأجانب العمل مع الحكومة الليبية المعترف بها لإحياء المشاريع الزراعية في الجنوب التي تداعت وانهارت. أغلب الصراعات الحاصلة في فزان هي في الأساس نتاج للصراع الأساسي الاقتصادي إن صح القول مابين أكبر قبائل الإقليم ثم صراع الحكم ،مما أباح لبعض أطراف الصراع الاستعانة بأطراف من خارج الإقليم أو من خارج حدود الدولة لمساندتهم ،ذلك ما نتج عنه بداية التغيّر الديموغرافي للسكّان في المنطقة ،كذلك جعل الإقليم أرضا خصبة لنقل صراعات دول الجوار إليه . انهيار الإقليم الآن ستكون له تداعيات لن تحمد عقباها في انتظار تحركات من الحكومات و الساسة في غرب البلاد و شرقها.