خطوة نحو الدولة  

 خطوة نحو الدولة  

مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة  “ماو تسي تونج”

ليبيا تبتعد خطوة عن الثورة ؛ وتقترب خطوة نحو الدولة بتوقيع الأطراف الليبية على الاتفاق السياسي في مدينة الصخيرات المغربية الذي لاقى ترحيباوابتهاجا شعبيا ودعما دوليا منقطع النظير، ويحق لليبيين أخيرا التقاط أنفسهم وتنفس الصعداء بعد ماراثون طويل من المفاوضات وبعد أكثر من عام ونيف من الانقسام السياسي الذي هدد باحتمال جدي لتقسيم البلاد ،الاتفاق يمهد فعليا ويعد بارقة أمل لإخراج البلاد من نفق مظلم ومصير مجهول في ظل تمدد الجماعات المتطرفة وعلى رأسها داعش واتخاذها من الأراضي الليبية ملاذ آمن .

بعد الاحتفال سنصحى اليوم التالي لنواجه (الحكومة والشعب) الواقع؛ فالنهاية لمرحلة المفاوضات ما هو إلا البداية لمرحلة أشد وأصعب لإعادة بناء الدولة على أنقاض ما خلفته 5 سنوات من الاحتراب والتدمير والفساد علاوة على تركة النظام السابق الثقيلة  وعلى الشعب وحكومة الوفاق أن يعوا جيدا حجم التحديات والعراقيل التي ستواجههم والإعداد لها لتذليلها ، فنظرة سريعة على المشهد الليبي تنبئنا بحجم هذه التحديات – الممانعة التي تبديها بعض الأطراف السياسية ليست أقلها – فالإنهيارالاقتصادي وانخفاض أسعار النفط وانتشار السلاح والجماعات المتطرفة والشرخ الاجتماعي جميعها قنابل مفخخة سيكون على الحكومة الجديدة التعامل معها .. إلا أنه في المقابل تتوفر للحكومة فرصة نادرة لتحقيق خطوات ملموسة ومدروسة أخرى نحو بناء الدولة دولة المؤسسات والقانون والديمقراطية

يقال إن من لا يخطط للنجاح ؛ فهو لا إراديا يخطط للفشل .. لذلك على حكومة السراج البدء في وضع استراتيجية (خطة شاملة) ، ليمكن قياس نسبة الإنجاز في أي وقت وعلى طول المشوار وتغطي جميع جوانب استقرار وتنمية الدولة، ومنها على سبيل المثال : – المؤسسات. – النفط. – الأجهزة الأمنية والعسكرية. – داعش والجماعات المتطرفة. – المهجرين والنازحين. – المرتبات والأسعار والدعم. – الفساد الإداري والمالي.

وغيرها من الملفات الحرجة التي تمس حياة المواطنين، وعلى الحكومة الإعلان عن برنامجها مشفوع بأهداف قصيرة المدى ولا تتعدى الثلاثة أشهر (حتى لا تفقد زخم التأييد والدعم الشعبي) وأهداف متوسطة المدى وأخرى طويلة الأمد، مع الأخذ بعين الاعتبارانتشار السلاح وحساسية الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

حكومة الوفاق الوطني على أهميتها، ما هي إلا خطوة في مشوار الألف ميل لبناء ليبيا الحديثة والانتقال النهائي من مرحلة الثورة إلى الدولة الديمقراطية – حكومة الوفاق أو الوحدة الوطنية رغم بريق الشعار إلا أنها تصيب الديمقراطية في مقتل ، لأنها تفتقر للشفافية والمحاسبة السياسية لأن كل الأطراف الموجودين في السلطة التشريعية الرقابية (البرلمان) هم أعضاء في السلطة التنفيذية (الحكومة) – على غرار التجربة اللبنانية والعراقية – ولا وجود لمعارضة حقيقية وقوية داخل البرلمان للحكومة ولهذا تميل الأحزاب السياسية في مثل هذه الحالات إلى اقتسام كعكة السلطة والتستر على الفساد – الطبيعي في الديمقراطيات الناضجة هو التداول على السلطة وليس التشارك في السلطة والتمسك بالسلطة.

نعم لنتفائل ولنحتفل ونهنئ أنفسنا ونتحلى بالإيجابية ولكن لنبقي أعيننا مفتوحة حتى لا يتم استغفالنا مرتين , يقول المثل الإنجليزي :

“You fool me once shame on you; you fool me twice shame on me.”

وترجمته : “أن ﺗﺨﺪﻋﻨﻲ ﻣﺮة عار ﻋﻠﻴﻚ ؛ أما أن ﺗﺨﺪﻋﻨﻲ ﻣﺮﺗﻴﻦ فعار ﻋﻠﻲ اﻧﺎ” . . .   بقلم / حسن منصور

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :