ثامر سعيد
وأنتَ تُدخنُ خُلوتَكَ بالتراتيلِ
تكرعُ من أباريقِ الضوءِ
خمرةَ الحقيقةِ
وتُرتبُ مشاجبَ الوجدِ
في خلايا دمِكَ النائمة
هل ما زلتَ تظنُّ بأن الصمتَ
أبجدية أخرى
وإن المتعةَ نجمةٌ وراءَ جدار
لا تشرقُ إلا بأزاميلَ ومطارق ؟
ما زلتُ أنا ..
معتقلاً في قلبِ فراشةٍ
بين زجاجةٍ ومشكاة .
هم يمتطون أحصنةً بغيرِ قوائمَ
ونحن نحلقُ بأجنحةِ الروحِ
فهل وصلنا ؟
هل قررنا من نكونُ
أيّها الملتبسُ بين ماءٍ ونار ؟
ما زلتَ تنفي وتُثبتُ
ثم تنفي وتتهم
تطرقُ أبوابَ القلوبِ
وقلبُكَ مبتلٌّ بالعطشِ
كم شمساً تكفيكَ لتملأَ قدحكَ ؟
كلّما سألتُكَ عن دسيسةٍ
أو مذبحةٍ
تقولُ لي :
أوجاعُ الكونِ أخطاءٌ لغويةٌ
فماذا لو احترقنا
ولم يُصغِ هذا الليلُ إلى شواظِنا ؟
ماذا لو احترقنا ولم نمسَّ شغافَ
من نحبُّ
فلماذا نحترقُ ؟
طالما كنتَ تحدثني عن الوردِ
النرجسُ المخمورُ : عينُ الأرواحِ الثملة
السوسن : بلسانهِ الأبكم الطويل
والبنفسجُ , ذلك القانطُ الحزين .
وتحرضني دائماً أن أحتفظَ بواحدةٍ
واحدةٍ وحسب ,
أسقيها من عينِ الدهشةِ
أو من مطرِ الجنون
فالطريقُ إلى النهرِ طويلٌ
وثمة هناكَ من يستحقُها !
وقتها ..
كنتُ مشغولاً بالتقاطِ الأحلامِ الغضَّةِ
من أشجارِ النُعاسِ التي يَبُستْ
فكوابيسُ الشعراءِ ثقيلةٌ
وموائدُ نومهم موحشة وشحيحة .
الحقيقةُ نائمةٌ في بئرٍ يا شمس التبريزي
ولا حبلَ لدلوِ الأسئلةِ ,
الأسئلةُ بوصلةٌ خرساء .
وأنتَ تلتقي بكَ
كي تغسلَ نفسَكَ من نفسِكَ
اقطعْ حبلكَ السريَّ
قبل أن تخوضَ حروبكَ
مع أشباهِكَ .
الشبيهُ هو كلُّ ما أنتَ
إلا أنتَ ,
أنتَ وصايا الآخرين
فلا تكنْ ستارةً
الستارةُ إما جناحٌ أو قفص .