أحمد التواتي
شهر رمضان كفيل بأن يُغير من النَّفس وأحوال سيئة للحسن ومن الحسن للأحسن وهذا الشهر فرصة حقيقية يجب اغتنامه، من فضل الله عز وجل علينا كأمة إسلامية أن أكرمنا بشهر مخصوص تتجلى فيه الرحمات وتتنزل فيه البركات أكثر من غيره، فهو محطة إيمانية تأتي في العام مرةً واحدة، لابد للعاقل من اغتنامها قبل أن تذهب منه.
و هذا الشهر المبارك فرصة ذهبية لبر لوالدين، وصلة الأرحام والإحسان إلى الإخوان وحمل هموم الأمة المسلمة بالقيام بأداء حقوقها؛ فيتفقّد المحتاجين والمعوزين والفقراء والمساكين ويقوم بخدمتهم وأداء حقوقهم ويتعاون مع الجمعيات الخيريَّة ويدلها على الفقراء والمساكين والذين لا يسألون الناس إلحافا وكذلك يقوم بإخراج الزكاة إن حان موعدها في هذا الشهر الكريم ويصرفها في أهلها الذين يستحقونها ويشعر بشعور الضعفاء والفقراء، ويحاول قدر الإمكان أن يقدم لهم خدماته والله عز وجل سيجزيه خير الجزاء.
ولذلك بشر النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح فقال: “من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه“.
وقال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (سورة آل عمران: 133). وقال تعالى: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ)(المطففين آية: 26)
ما لفت انتباهي في كل رمضان أن هناك العديد من الناس يقومون بالعمل الخيري بكثرة من التصدق والإفطار لبعض العائلات و الجاليات الأجنبية سواء من نقود أو مأكل ومشرب كلها تعبر عن عمل وكسب الأجر في الشهر الفضيل، والجميل من هذا اجتماعياً انتشرت هذه الأعمال على مستوى العائلات والجيران و الأصدقاء والأصحاب والحي الواحد والمدينة الواحدة كلها تدل على عمل الخير.
يعد شهر رمضان فرصة حقيقية لزيادة معدلات التغيير والتصحيح في حياة كل فرد بل في حياة الأمة جمعاء، حيث يقول الرسول عليه الصلاة والسلام” إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين، خصه الله بخصائص لا توجد من غيره في الشهور قال سبحانه وتعالى:( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
ولهذا الشهر الكريم من الشهور التي ميزهُ الله بها دون غيره، فهو مكسب حقيقي من يحسن خاتمته وعبادته على أكمل وجه. و نتمنى أن تستمر هذه العبادات والأعمال إلى مابعد الشهر المبارك في حياتنا اليومية، وقال تعالى: ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) {الرعد:11}. وهذه فرصة للتغيير بامتياز تعتبر قيمة مكتسبة خلال شهر واحد.
ونشكر الله على هذه النعمة العظيمة وهي بلوغ شهر رمضان فكم ممن يتطلع ويتمنى بلوغ شهر رمضان لم يحصل له ذلك اختارته المنية قبل حلوله فاشكروا الله على بلوغه واغتنموه فيما ينفعكم عند الله سبحانه وتعالى فإنه لا يفرح بطول الحياة لجمع المال ونيل الشهوات وإنما يفرح بطول العمر لإدراك هذه المواسم واستغلالها بالخيرات والطاعات في هذا الشهر العظيم.