دعوة لحجر قريتنا

دعوة لحجر قريتنا

  • الناجي الحربي

اندلع وباء الكورنا بدار الوفاء لرعاية المسنين بقريتنا.. مسة.. مدير الدار يصرخ ويستنجد لإنقاذ نزلاء لا حول لهم ولا قوة.. لكن الحكومات شرقا وغربا لم تسمع أو أن لها آذان من طين وأخر من عجين.. أجزم لو أن الرئيس السابق للتضامن السيد أحمد بريدان مازال على قيد المسؤولية لفعل المستحيل من أجلهم.. تفشي مرض كوفيد 19 ذكرتي بقصة مماثلة وقعت في قريتنا وتقريبا بنفس الكيفية التي تحدث الآن.. أذكر في مطلع سبعينيات القرن الفائت أن انتشر مرض التيفود في قريتنا نتيجة لاختلاط مياه الشرب القادمة من عين سيدي أبي بكر والتي عرفت بعين مسة بمياه الصرف الصحي.. وقتها لم يعرف سكان قريتنا الثلاجات ولا أفران الغاز ولا الغسالات.. كنا نبرد المياه عن طريق القرب المصنوعة من جلد الماعز وعن طريق الجرار الفخارية.. وكنا نطهو طعامنا على مواقد الحطب وفي أحسن الظروف على بابور القاز.. وكان الغسل تقوم به النساء في ليان صنع من الألمنيوم.. كان كل شيء يتسم بالبساطة والعدل.. و أقصد بالعدل أن جميع العائلات تعيش في مستوى متقارب.. المهم أن الحكومة وقتها عندما كانت الحكومة حكومة.. كانت ذات استعداد طيب.. فحالما اكتشفت أول حالة قامت بكرتنة القرية أي ما يعرف الآن بالحجر الصحي.. وتقاطرت فرق الأطباء والممرضين على مستشفى القرية الذائع الصيت وقتئذ.. كان الناس رغم تدني تعليمهم يمتثلون للتعليمات والإرشادات التي تطلقها الحكومة والفرق الطبية.. كغلي المياه جيدا وتصفيتها وزيارة الطبيب في حالة الشعور بالمرض من ألم في المعدة وإسهال وقيء وغيرها من أعراض التيفود.. ومنعت الدولة خروج سكان القرية ودخول غيرهم إليها لعدة أيام.. استغرق ذلك حوالي أسبوع .. حتى أصلحت الجهات المختصة مواسير الصرف الصحي وقامت برش المبيدات وصرف العلاج للمرضى وحقن وتطعيم بقية السكان.. كانت الحالات المرضية معدودة لا تكاد تذكر.. لكن المدهش هو تجاوب الناس للتعليمات واتباعهم للإرشادات وتطبيقهم للنصائح الطبية والأمنية كما ينبغي.. وبهذا حوصر التيفود وقضي عليه تماما..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :