دولة أم بسيسي

دولة أم بسيسي

 بقلم :: عبد الرحمن جماعة 

متى تنتهي خرَّافة أم بسيسي؟

سؤالٌ سمعته عدة مرات

ما لفت انتباهي ليس السؤال ولا إجابته، وإنما تشبيه ما نحن فيه بقصة (أم بسيسي)!

فما هو وجه الشبه بين قصتنا وقصة أم بسيسي؟!

وهل يصحُّ تشبيه قصة أقضَّت مضاجع صغارنا، بقصة أمتعتنا ونحن صغار؟!

ثم.. أليست أم بسيسي أنظف وأشرف وأعف منَّا ومن كل إداراتنا؟!

صحيح أن أم بسيسي تُدير دولتها بأسلوبٍ بيروقراطي، تُنجَز فيه الأعمال وفق سلسلة معقدة من الإجراءات.

ولكن.. ومع عيوبها، ومع كثرة منتقديها،إلا أن البيروقراطية، تحفظ المال العام، وتصون هيبة الإدارة، وتضمن سلامة وصحة وكمال العمل.

إن أم بسيسي تعرف حق المعرفة أن الدولة لا تقوم بلاقانون، وأن القانون لا يكتمل بلا عقوبات تترتب على مخالفته، وأن العقوبات لا تكون ذات جدوى ما لم تكن صارمة.

إن أم بسيسي لم تُعاقِب الفأر لأنه رقص أو ضحك أو عبَّر عن رأيه الشخصي، بل عاقبته لأنه انتهك القانون واعتدى على المال العام.

إن أم بسيسي تملك من الحكمة والحنكة والعقل والتجربة والدراية ما جعلها تُلغي عقوبة الحبس وغيرها من العقوبات الجسدية والنفسية، وتستبدلها بعقوبات منتجة ومثمرة ومفيدة.

إن أم بسيسي أقدر على كشف الحقيقة، والتحقق من وقوع الجريمة، وضبط الجناة، بدون اللجوء إلى العنف والتعذيب والتجسس وغيرها من الوسائل القذرة.

إن أم بسيسي تُدرك تمام الإدراك أن الجريمة لا يُمكن أن تكون كاملة، وأن الجاني لا بد أن يترك أثراً على ضحيته، أو في مسرح جريمته، وأن السارق لا يغلب العسَّاس إلا إذ كان العسَّاس نائماً أو غافلاً أو متواطئاً.

إن أم بسيسي تعلم علم اليقين أن الضمان أمان، وأن من خان مرة يخون ألف مرة، وأن من سرق بيضة واحدة لا يتورع عن سرقة كل الدجاج.

إن أم بسيسي حين أخذت ذيل الفأر كضمان لتعويض ما اختلسه، لم تأخذه منه لأنه أداة من أدوات الرقص فحسب، أو لأنه أداة من أدوات حفظ التوازن فحسب، بل ولأنه أيضاً من أدوات الخيانة، إن لم يكن الأداة الوحيدة لها.

وحين تُعيد له ذيله فإنها ستضمن أنه سيلعب به في الأعياد والأعراس، بعيداً عن إدارات الدولة.

هذه هي خرَّافة أم بسيسي.. فأين نحن منها؟ّ!

خرَّافة أم بسيسي بدأت بسرقة صغيرة وانتهت بعرس.

وبين السرقة والعرس، سال الوادي، ونبت النبق على أغصان السدر، وعمَّ الخير.

فهل حالنا يشبه خرافة أم بسيسي؟!

وهل ثمة وجه للشبه بيننا وبين السيدة (أم بسيسي)!.

………….

أم بسيسي = طائر السنونو

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :