- المستشارة القانونية : فاطمة درباش
يقول جون لوك في كتابه “الحكم المدني”: يبدأ الطغيان عندما تنتهي سلطة القانون.
والنظام العام الذي جاء القانون ليحميه هو فكرة المصلحة العامة، سواء أكانت هذه المصلحة سياسية كتنظيم الدولة وطريقة ممارسة سيادتها، أو اجتماعية كتنظيم الأسرة، أو اقتصادية كتنظيم الإنتاج الوطني.
“الدولة بلا قانون” تعني حالة غياب أو ضعف سيادة القانون، حيث لا يتم تطبيق القوانين بشكل فعال ولا يتم احترامها من قبل الأفراد أو المؤسسات. هذا الوضع يؤدي إلى فوضى واضطرابات اجتماعية، ويزيد من احتمالية انتشار الجريمة والفساد.
فالقانون إذا ما نظرنا له من جوانب فإنه يتجدد بصورة متكررة وبصورة أكثر تلبية للحياة البشرية خصوصا أن الأمم والشعوب تتغير أجيالها ويتغير واقعها بصورة دائمة فتحتاج إلى قوانين تنسجم مع روح مجتمعها وأفرادها الذين يعيشون على أرضها، وعندما ننظر بعمق ونشاهد الشعوب المتقدمة والمزدهرة نجد بأنها شعوب لديها ثقافة عالية جدا في تطبيق القانون ويظهر ذالك جليا وبشكل واضح من خلال سلوكياتهم على أرض الواقع فهم ملتزمون بالقانون الذي ترسمه لهم دولهم.
توصف الدولة بالقانونية ما دامت تخضع للقانون بغض النظر عن شكلها الدستوري. والدولة القانونية هي التي تخضع للقانون في جميع جوانب نشاطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، أي أن الدولة القانونية هي تلك التي تخضع نفسها للقانون وليست تلك التي تضع نفسها فوق القانون.
فدولة حكم القانون هو أن تخضع الدولة/الحكومة بجميع أجهزتها لقواعد قوانين المجتمع الديمقراطي، ومن ذلك احترامها لمبادئ المساواة أمام القانون وفصل السلطات واحترام حقوق الإنسان وحرياته العامة والشخصية وأبرزها حق التعبير وحرية الرأي والاعتقاد …إلخ.
إذاً دولة اللاقانون هي التي لا تحتكم “حكومتها” وأجهزتها لأي ضوابط دستورية وقانونية ولائحية ولا تأخذ في الاعتبار الالتزامات الدولية، تقوم دولة القانون على سيادة الدستور الوطني، عن طريق ممارسة القوّة وضمان الحقوق الدستوريّة لأفرادها وسلامتهم، يعتبر المجتمع المدني شريكاً يتساوى مع الدولة، ومن مبادئ دولة القانون أن ترتبط سلطتا القضاء والتنفيذ بالقانون ولا تعملان ضدّه، أما السلطة التشريعيّة فهي مقيّدة بمبادئ الدستور،كذلك لقيام دولة القانون لابد أن تستند على مبدأ تطبيق مبدأ التناسب في أفعال الدولة،و احتكار استخدام القوّة المشروعة والفصل بين السلطات (التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة) للحدّ من سلطة بعضها بعضاً، وعملها كأجزاء من الحكومة بعد توفير التوازن والضوابط فيما بينها.
غياب القانون عن المجتمعات يكون بالغ الخطورة في تهديم كيان المجتمعات بأسرها ويهدد أمن أفرادها بجميع أطيافهم ومسمياتهم إذ أن جميع مفاصل الحياة ستصاب بنوع من الشلل أو الركود وعدم الاستقرار نتيجة الفجوة العميقة التي يزرعها في نفوس الأفراد إذ ستصاب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وكل مرافق ومفاصل الحياة بنوع من الجماد والموت البطيء حتى ينتهي المطاف إلى الانحدار والانغلاق التام والعزلة بجميع أشكالها عن العالم الآخر، كذلك غياب القانون له عميق الأثر في أنه في ظل غيابه ستضيع وتتحطم كثير من العلاقات الاجتماعية وتتدهور نتيجة الخوف الذي غرس في نفوس الناس بسبب غياب القانون الذي بدوره يردع ويجلد بسوط من حديد كل من تسول له نفسه التجاوز على الناس والتعدي على حقوقها ويعتبر هو الحلقة الضامنة مابين رد الظالم وأخذ حق المظلوم.
الخلاصة أن تكون مواطنا في دولة لاقانون يعني أن تتصرف وكأنك عابر سبيل، فالدولة بلا قانون لاتكون.














