نيفين الهوني
لازالت هذه الفتاة الغريبة بعد كل ما أخبرتني به تسميه رجلا ما بال النساء في كل تفاصيل الحياة يتمتعن بالذكاء وحين يصل الأمر عند الحب يصبن بالغباء التام وتريدني أيضا أن أعلمها كيف تتعامل معه متى ينتهي فنجان القهوة حتى أستعيد خلوتي وأتمكن من النوم لا لن أنام لقد حفزت هذه المجنونة ذهني للكتابة سأكتب عن كل التفاصيل التي حدثتني بها عن ذاك الرجل الغريب الذي عشقته ولم يحبها ذاك الخائف الجبان النرجسي وكل الصفات التي أسبغتها عليه أو ربما هو فعلا هكذا.
حين خرجت تلك الغريبة بعدما أظهرت لها مللي من حكايتها أسرعت إلى ذلك القلم وتلك الأوراق التي تحمل شعار الفندق والتي يتركونها في العادة حتى يكتب النزيل ملاحظاته وكتقاليد عربية أصيلة نتركها كما هي ونغادر وجلبتها وبدأت في كتابة هذه الكلمات وعنونتها بدون سبب.
هو إنسان يعاني مركب نقص في حياته يبحث دوما عن الحب والراحة والأمان والأهم باحثا دائما هو عن الولاء دون سبب
سمّى ابنته من زوجته الأولى “ولاء”..ولم يكتفِ، فسمّى ابنه من زوجته الثانية “ولاء”..ولم يكتفِ! فخرج من بحثه عن الولاء في حياته الزوجية إلى حياته العملية ولم يجده في مهنته والتي تعتمد في جوهرها على الولاء ذلك المفقود عبر التاريخ .أحب نصف نساء وطنه بحثا عن الولاء ..وكره النصف الآخر لأنه لم يجده فيهن صادق كل الرجال..كل الفئات العمرية. كل الطبقات الاجتماعية.. تنقل بصداقته من القرى إلى المدن ومن الصحارى إلى حتى الواحات حيث سمح له عمله وتنقله فيه بذلك وظل في تنقلاته لا ينسى هدفه الأول وفقيده الأوحد الولاء.أصبح لا يعلم هل الولاء صديقه اللدود أم عدوه الودود؟
اسمها ولاء..أحب اسمها قبل أن يراها. عشق نغمات الموسيقا المنبعثة من فمها عندما تتحدث..فقد كان جهاز الهاتف هو من عرفها به وهو وسيلتهما للتلاقي كل صباح ثم كل صباح مساء حتى صارت يومه وكل أعماله ليل نهار وحين تقابلا . رآها شيئا جميلا وكما قال لها فيما بعد كائنا راقيا. تحادثا ثم تواعدا دوما على اللقاء.كان حديثه جذابا..شيقا وكان حديثها صادقا وإحساسها صادقا.كانت تبوح الصدق وتبحث لديه عن الصدق.. بينما كان هو يبحث عن سره ورفيق بحثه الضائع أبدا الولاء.أرادت منه مبادلة للمشاعر..حبا بحب..أراد منها الخضوع والخنوع والولاء..
ولاء تلو ولاء وولاء منقطع النظير.لست أدري ما قصة هذا الرجل مع الولاء.. ربما يعتقد بأن ولاء المحيطين به هو نوع من الاستعباد الذي يعشقه فقد قالت بأنه نرجسي ضمن قائمة الصفات التي أسبغتها عليه.. ويمارس هذا الاستعباد على كل من يراه أو يعرفه. لذا حين علمت بأنها لم تكن تعني له سوى اسما ورمزا لأداة من أدوات استعباده للبشر وهو الولاء.تراجعت ثم غابت ليعود مجرد باحث عن ولائه المفقود. وجاءت لهذه البلاد لتهرب وتختفي عنه فإذا بها عالقة هنا بسبب هذا الفيروس ككل العالقين بين أفكارها عنه وتفكيرها فيه حتى أنها نسيت أنه لربما هذه الأيام هي الأخيرة لهما من يدري لكنني أراهن أنه ذات يوم سيكتشف بأنه أضاع من بين يديه ولاء دون مقابل فلم يكن لولائها من خلال حديثها حدود على الرغم من ادعائها العكس.. وأضاع حبا وصدقا دون مقابل..
فقدها بلا مقابل ودون سبب وسيظل يبحث عن الولاء ليس الرمز ولا القيمة ولا حتى الفعل فهو سيبحث من جديد عن الإنسانة المجنونة ولاء وربما لن يجدها وأيضا دون سبب.