رايات سود

رايات سود

شادية القاسمي

تتواصل أهازيج النّساء وهن في طريقهن إلى الزّاوية المعروفة لا يقطع المحفل سوي ضحكات البنات ونكات زينة القبيحة وتلميحاتها التّي تتقبلها العروس في خَفَر وتضحك منها السّيدات وإن كنّ لا يرفُضن ما كانت تردّده زينة من تعاليق حول رجال يمرّون أو سباب وشتائم للأطفال الذين يعطلونها عن ضرب الدّربوكة أو البنات اللاتي لا يتفاعلن مع أغانيها بل يستزدنها ويتضاحكن .

يجري الأطفال أمام النسوة وتعلو الزّغاريد بين الفينة والأخرى ويقف النّاس متفرّجين في الطّريق أو أمام الأبواب ويرافق بعض الأطفال الذين يلعبون المُحتفلات مسَافة قبل أن يعودوا…تهدّئ السّيارات سرعتها وتنطلق أبواقها بالتّزمير مشاركَة للفرح فاليوم أحَدُ وللنّاس متّسع من الوقت كيْ يتابعوا خرجة العروس نحو السيدة المنّوبية كي تضَع أوّل حنّاء..

تردّد جُدران المقام صدى زغاريد الوافدات ودقّات دربوكة زينة وغناء البنات “يا سيّدة يا نغّارة…دبّر عليّ بدبارة” لتنضمّ إليهن من كنّ بالمقام من زائرات ومهتمات بشؤون السّيدة من نساء…تتصدر فرقة المدّاحَات الجموع وتتسع الحلقة لبعض الفتيات اللاّتي فَردن شعورهن وبدأن وصلة من الدّروشَة تتحرّك الرّؤوس يميناً وشمالاً وتتضاعَفُ حركة الفتيات ويتصبّبن عرقاً ويُصبْن بحالة هستِيريا، تتصاعد مع تعالي أصوات الدّفوف والتّرديد ويتعالي صُراخ الأطفال الخائفين لكنّه يذوب في هذه الجلبة العظيمة ولا تسكن الحناجر عن الزّغاريد… كانت الرّاقصات في حالة أشبه بالغيبوبة ولما تطول بهنّ الدّروشة يسقطن مغمًى عليهنّ وقد علت الصّدور وانخفضت بسرعة التنفس وأحيانا تسقط إحداهن لينكشف فخذاها أو صدرها فتسارع الموجودات إلى إلقاء سنجق يسترها إلى أنْ تستفيق من إغمائها… رواية رايات سود ص94..95

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :