أحيانا ارى شيء غير جذاب .. وغير مجدي .. ذو علاقة بمدى اهتمام الناس هنا بهذا المعلم .. فإن لم تكن قرأت عنه مسبقا ، لن تجد من يرشدك الى زخم التاريخ الرابض هنا .. المكان خالي من الزوار .. عند البوابة وقف شرطيان للحماية .. لم ارى الحماسة في عيونهم المتلألئة .. سألنا احدهم بارتياب عن مقصد الزيارة .. قال رفيقي ابراهيم : إن قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء في زيارة صبراتة الاثرية .. يعد فسحة رائعة حقا .. وفرصة ارتواء معرفي يستدعي عشق التاريخ .. همهم الشرطي برأسه قليلا .. وقال : ( تفضلوا بالدخول ) ..

الدخول مجاني .. التقطنا الصور .. تجولنا بين الاطلال .. نرمي تكهنات هنا وهناك .. الاروقة .. السوق .. الحمامات الباردة والساخنة .. اثار رماد كثيف .. يسألني ابراهيم .. اليس هذا مكانا لخبز الخبيز .. اجيبه متعللا وقد غابت عني الاجابة .. أنا لا أهوى التسكع بالمتاحف والمدن الاثرية .. كما ان التاريخ لا يشكل لي مصدر قلق .. أنا إيجابي .. حدثني عن المستقبل ؟

وابراهيم يستطرد: بدون التاريخ ليس ثمة حاضر ، وبدون الحاضر لا مكان لمستقبل . لذلك ، علينا مسؤولية لجعل تاريخنا افضل.. هذه صبراتة الاثرية بنك المعارف ، لا يمكنك إنكار ذلك.

ثم اردف : هي ليست فقط من التاريخ الذي يثير عجب الناظرين ، انها قصة عظيمة يمكن لها أن تكون مصدر إلهام الينا .. يمكننا أن نتعلم منها كيفية اتخاذ القرارات العظيمة في الاوقات الصعبة ، يمكننا أن نتعلم كيفية مواجهة العالم ، وكيفية حل الصراعات .. التعلم من الماضي ، زاده التجارب والخبرات .. يجب ان لا تحتاج إلى التفكير مرتين عند الذهاب إلى المتاحف !!.

اذكر انني اخترت الصمت ولم اجب ابراهيم في حينها .. وأجدني اليوم احمل شغف تكرار الزيارة .. واظنه سيقبل بمرافقتي .. ففي طبعه .. وكما قال في غابر الازمان .. لا يحتاج إلى التفكير مرتين عند الذهاب إلى المتاحف .