رحلتي مع البروفيسور المتواضع  ” االجزء الثاني “

رحلتي مع البروفيسور المتواضع  ” االجزء الثاني “

  •  سلامة حامد مجحود

قال نعم  سأقول لك السر

قال قبل حوالي  15 سنة حينما تخرجت وأحضرت الافادة لأمي نظرت إليّ وقالت يا ولدي لا تبخل على أحد بكل الذي تعلمته قالت الذين بخلوا علينا من قبلك لم يعلموا أننا نتخبط في دائرة الظلام أخذ نفسا عميقا قائلا أمي أمية لا تعرف القراءة والكتابة.

قالت أمي (لا تبخل ولا تمنن).

قالت لم يعلم الذين بخلوا علينا أنني استلمت تقريرا من الدكتور مفاده أنني مصابة بالسرطان منذ ثلاث سنوات ولم استطع حتى قراءته…

لم يعلموا أننا عجزنا أن نعرف أي الطريق نسلك حين أسعفنا جدك إلى المستشفى وتأخرنا ففارق الحياة.

لم يعلموا أننا عجزنا عن التعبير بكل ما في قلوبنا فأصبحنا نردد (ربي عالم باللي في) بمعنى الله يعلم ما نمر به تماما.

لم يعلموا أننا عجزنا عن إستخدام الهاتف للاتصال بالشرطة حينما قام لص بسرقة المنزل في وقت متأخر وفقدنا وثيقة تثبت بأن جدك الأول من مؤسسي الدولة.

لم يعلموا أنهم حطمونا عندما قالو لنا أنتم لستم طلبة أنتم لا شيء.

لم يعلموا أننا كنّا سجناء في (حبس العقيلة) وقتها.

لم يعلموا أننا كنّا نحارب المستعمر الغاشم فلم يكن لدينا الطعام الكافي حتى نتطرق للتعليم.

لم يعلموا أننا ربما جهلنا كل شيء ولكن ربنا يعلم بنوايانا الصادقة.

لم يعلموا أننا عجزنا حتى على قراءة تاريخ صلاحية علبة الماء. حتى نعلم أنه صالح للشرب أم لا.

لم يعلموا أننا  هلكنا من الفراغ حيث إننا لا نستطيع الابحار في محيط القراءة …. السفر عبر الزمن …. تعلم عادات ناس جدد.

أضافت قائلة :

هل صنعوا السلام بعلمهم!

هل حقاً نشروا العلم!

هل وفروا الطعام لطفل يتضور جوعا في الغابات!

هل قاموا بتوفير العلاج لرجل مسن عمره سبعون سنة ونيف وقضى عمره في خدمة الوطن! ولا أحد يكافئه حتى بقول له “شكراً جزيلاً”  .

قاطعته قائلا: ماذا قلت لها …. قال قلت لها لا تقلقي يا أمي سوف انتقم منهم جميعا …. فقلت كيف؟

قاطعته قائلا: ماذا قلت لها …. قال قلت لها لا تقلقي يا أمي سوف انتقم منهم جميعا …. فقلت كيف؟

قال سأقدم كل حرف تعلمته مجانا

أتطوع ساعات من الأسبوع لذلك

سأقوم بمساعدة كل شخص يقابلني حتى ولو لم يكن لدي الوقت

فالناس كلهم طيبون  ومتطوعون و كرماء في الواسع ولكن في الضيق فقط تعرف من هو البدوي الاصيل الشجاع الذي يتحلى بالكرم والجود 

قال حتى ولو لم أعرفه سوف أقدم له ما أستطيع

قال سأحاول بقدر الامكان أن أوفر الماء لكل عطشان والطعام لكل جائع والأمان لكل خائف

قال لي علمتني أمي أن الحياة ليست كما نراها وأن قاعدة فاقد الشيء لا يعطيه ليست صحيحة هنا،  فأمي لم   تتعلم القراءة والكتابة ولكن قدمت لي كل شيء…..

حينما خذلني الجميع

أخبرتني أمي أنني أستطيع

فأصبحت هذه الكلمة دستوراً لحياتي

قلت ماهو هدفك في الحياة إذن قال :

لدي ثلاث أهداف في هذه الحياة أن أصبح مثل ابي … أن أصبح أفضل من الأمس….. وحسن الخاتمة  …

لم أعد أستوعب تشتت فقد كان كلامه بسيطا ومقنعا جدا… كالبذرة التي سقطت في بركة ماء…

أنهينا اللقاء تبادلنا السلام و كل أخذ طريقه

لم ينته النقاش بعد.

كان يوم الغد هو الإثنين انتظرت يوم الاثنين وحوالي الساعة التاسعة والنصف ذهبت إلى مكتبة طارق بن زياد  في شارع الطريق إلى الا مكان لاستعارة بعض الكتب ولكن كان الغرض شيئا آخر.

أصبحت أراقب خلسة حتى رأيته ينزل من سيارة ويلتقي بامرأة مسنة تتعكز على عكاز وظهرها تقوس من طول السنين.  وقد تعني الخبرة

كان مهذبا في الحديث فهو لم يرفع يده لها أبدا كان متواضعا يتحدث بخجل ثم أنهت المرأة  النقاش و ذهبت فلحقت بها ألقيت عليها السلام وسألتها قلت لها ما اسمك قالت لي أن أسمها سارة تعجبت أنه مسجل في هاتف الدكتور المزاج الجيد فسألتها هل لقبك المزاج الجيد.

قالت لا ولكن أعرف ماذا تقصد هذا الدكتور يقدم لي المساعدة منذ سنوات وعندما سألته عن الاسم قال عندما لا أكون في مزاج جيد أتصل بالأرقام المحتاجة وأقدم لهم شيئا لأنني مقصر وهذا الشيء يعود علي بالخير…

أكبر أبنائه يدرس الطب في جامعة هارفرد و الاخر مختص في تركيب الأطراف الصناعية في جامعة اكسفورد ابنته سوسن متفوقة جدا هي الآن أعتقد تدرس السنة الأولى في المرحلة الجامعية.

ربطت سلك الاحداث لم أعد أستطيع أن أستوعب قلت لها شكرا سيدتي طاب مساؤك . ذهبت إلى سيارتي قمت بتشغيل  المسجل بصوت القارئ ماهر المعقلى صوته عذب وتلاوته جميلة أتذكر تلك الآية ” ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير” وأصبحت أفكر أن أخصص نصف ساعة في الأسبوع متطوعا بالمجان فأنا أعمل سائق أجرة .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :