ان لله وان اليه راجعون …رحلت بكل هدوء الفنانة ” سعاد الحداد ” الأيام الماضية بعد رحلة معانة مع الالم ….رحمها الله وغفر لها ،تعد الراحلة من النساء الرائدات في مجال الفن بليبيا حين ظهرت لتقف علي الركح في تلك الفترة التي لم يكن للمرأة دورا بارزا في مجال الفن والتمثيل ومن خلال هذا الحديث نريد تسليط الضوء علي هذه الفنانة التي حققت بقدرتها الابداعية الكثير والكثير جدا من الاعمال الفنية.
فهي من الفنانات اللواتي بدأت مسيرتها الفنية مبكرا امثال الفنانة حميدة الخوجة والفنانة الراحلة فاطمة عبد الكريم وكذلك الفنانة فاطمة عمر ….
وعندما نريد ان نتحدث عن هذه الفنانة يأخذنا الحديث الى مشوار فني ورحلة عطاء متميزة جدا فبدايتها قادتها إلى خشابات المسارح السورية حيث كانت اقامتها كمهاجرة هناك شأنها شأن عديد الاسر الليبية في ذلك الوقت حين كان المخرج الليبي ” صبري عياد ” تربطه علاقة حميمة مع والدها وهو الذي لعب دورا كبيرا في جعلها فنانة في مستهل صباها حيث رشحها لتشارك في مسرحية بعنوان قيس وليلى قدمتها فرقة مصرية ودور البطولة كان للفنان الراحل ” حسين رياض ” لتشارك في فعاليات معرض دمشق الدولي بسورية ….
وعندما حضرت الفنانة سعاد الحداد إلى ” ليبيا ” في تلك الفترة أي في اوأخر ستينات القرن الماضي لم يكن مجرد سد فراغ لغياب الحضور النسائي من خلال المسرح الليبي فحسب بل جسدت وصورت شخصيتها كفنانة قادرة على العطاء بكل تميز وجدارة حتى انها برزت وسط الساحة الفنية حينها وقطعت خط العودة على الرجال الذين كانوا يجسدون الادوار النسائية في تلك الحقبة وبشكل نهائي حيث جاء حضورها بعد رائدة المسرح الليبي بسنوات قليلة الفنانة حميدة الخوجة وبرزت من خلال ادوارها كنموذج للفنانة مالكه لأدوات الممثلة المميزة من حيث اللغة وفن الالقاء والجدية والمثابرة حيث عملت على تطوير موهبتها باستثمار وجودها ضمن نخبة من الفنانين ايضا ضمن مناخ منحها كل الاحترام والتقدير.
الفنانة سعاد الحداد وجدت منذ اطلالتها الاولي على خشبة المسرح حفاوة من قبل الجمهور وحتي في الوسط الفني ضمن من عملوا معها وأعمالها المسرحية كانت بين عام 1968 م الي 1977 م وهي شجرة النصر وشكسبير في ليبيا وارشمون وتشرق الشمس في زاره وكذلك الاقنعة ومسرحية الصوت والصدى والعمل الوطني عكا ومسرحية قصة الزير سالم ومسرحية عن الام ومسرحية بعنوان حمل الجماعة و مسرحية السند باد وهذه الاعمال المسرحية كانت بمشاركة نخبة من الممثلين السابقين او المعاصرين لتجربتها المبكرة ممن كانوا ينتمون للفرقة الوطنية ….
وتميزت سيدة المسرح الليبي ” سعاد الحداد ” بإعمالها الفنية الي جانب اشتغالها المسرحي حيث عملت بالإخراج المرئي بعد الاخراج المرئي عام 1968 م بالإذاعة الليبية كمخرجة لنشرة الاخبار وبعض البرامج المتنوعة و.
كما كان لها اهتمام بمجال السينما والخيالة رغم ان تلك الفترة كانت الاعمال في السينما الليبية نادرة الانتاج فشاركت في شريط ” تاقرفت ” كممثلة وأيضا ضمن الطاقم الفني كمساعد مخرج ويظل عملها ومشوارها الاذاعي علامة في تاريخها كممثلة وكمخرجة دراما .
ثم انتقلت عبر رحلة اذاعية جد جميلة وممتعة من خلال اذاعة صوت ” الوطن العربي الكبير ” بعام 1980 م مع استمرارها ومشاركتها في اعمال المسرح الوطني ..
وقد تحصلت على وسام الريادة كأول مخرجة ليبية في مجال الاخراج المرئي ” التلفزيوني ” وأول لقاء معها كان عبر الاذاعة المسموعة اذاعة ” صوت الوطن العربي ” عام 1980 م
كما قدمت الكثير من الاعمال المسرحية باللغة العربية الفصحى منها عمل مسرحي بعنوان ” اهل الكهف ” مع الفرقة الوطنية عام 1965 م وهو من اخراج الفنان القدير عمران راغب المدنيني ثم استمرت في مشاركتها الابداعية بكل نجاح وتفوق .
وتعد ايضا احد مؤسسي المسرح الوطني والفرقة الوطنية وفرقة المسرح الحر مع باقي الفرق الاهلية ….
ومن ضمن اعمالها المسرحية عمل مسرحي يحمل عنوان ” العادلون ” ومسرحية ” الحر ” ومسرحية ” غرام يزيد ” ومسرحية ” لعبة السلطان والوزير ” ومسرحية ” الليبي ” .
ولقبت الفنانة ” سعاد الحداد بلقب ” سيدة المسرح الليبي ” وذلك لأنها كانت فنانة مثابرة جادة صابرة تعمل دون ملل او كلل ومشوارها الفني حافل بكل الابداعات الفنية التي جسدتها بأدوارها في التمثيل فوق خشبة المسرح .
و قد كان لها ادوار مميزة عبر الدراما المرئية ولها اعمال من اخراجها من خلال الاذاعة المسموعة والمرئية وكذلك السينما وبعد ولوجها للعمل كمذيعة وممثلة بالقناة المسموعة في عام 1965 م قدمت اول اعمالها المسرحية ” اهل الكهف ” كما شغلت منصب مدير ادارة التمثيل والإخراج بإذاعة صوت افريقيا حتي عام 2006 م وبعد تقاعدها تمت الاستفادة من خبرتها كمتعاونة في قسم الموسيقي والتمثيل .
وتظل بعطائها اللامحدود رمز من رموز الفن الليبي فرحلة الاربعة عقود من زمن عطائها وهي مذيعة ومخرجة وممثلة نحتت تاريخها الفني وبصمت بهذه الاعمال القيمة تاريخا يعد نبراسا للمجال الفني دون أي قطعية او ضجيج بل بصمت وبهدوء رسمت خطواتها لتبقي تاريخا للفن الليبي …
كما أستقطبت في الفترة الاخيرة العناصر الشبابية من الدماء الجديدة للعمل الفني وهكذا تظل هذه الفنانة ضوء يشع بنوره على الجميع وقد تشرفت بلقائها شخصيا في احد المرات السابقة في احتفالية تكريم لها كأفضل فنانة مسرحية وممثلة قديرة وكانت صحبة المخرج المتألق عبد الله الزورق
” فاطمة سالم عبيد